لأسباب عديدة، قد تكون انتخابات ٢٠١٨ هي الأهم في تاريخ أميركا الحديث.
أولاً، لأن ديمقراطيتنا الأميركية يتهددها خطر كبير منذ الانتخابات الرئاسية التي أوصلت دونالد ترامب إلى سدة البيت الأبيض، وما رافقها من تشكيك وانتهاكات للنظام الديمقراطي على جميع المستويات. كما أن وسائل الإعلام تتعرض للتضييق الممنهج من قبل رئيس منتخب يعتبرها عدو الشعب الأول بزعم أنها تنشر «أخباراً مزيفة». كذلك يجري تجريم الوكالات الاستخباراتية واستهداف الأقليات والمجتمعات العرقية وتصنيفها على أنها عبء على البلاد.. رغم مساهماتها المشهودة في ترسيخ عظمة الأمة الأميركية.
ثانياً، الشعب الأميركي منقسم على نفسه بطريقة لم تشهدها البلاد منذ الحرب الأهلية، فالولايات المتحدة اليوم تعاني من انقسام عمودي على جميع المستويات، بالتوازي مع الهجمات المتتالية على المهاجرين والفصل الوحشي للعائلات على الحدود مع المكسيك، وحظر «سفر المسلمين» والترحيل الظالم.. الذي يثير التساؤل والسخرية من نظام العدالة الأميركي.
ثالثاً، إن غياب مشاركة الناخبين الأميركيين في العملية الانتخابية، وبغض النظر عن الأسباب، قد أخلى ساحة النظام الانتخابي لمجموعات أصحاب المصالح الخاصة وجماعات الضغط المنظمة والشركات الكبرى، وأعطاها القدرة على تحديد شكل حكوماتنا على المستويات الوطنية والمحلية.. ما يشي بأن البنية الأساسية للأمة آيلة إلى الانهيار.
لقد كان العرب والمسلمون الأميركيون في قلب الهجمات المنظمة ضد الحقوق الدستورية والحريات المدنية، إذ تظهر دراسة حديثة أعدها «المعهد العربي الأميركي»، استناداً إلى إحصاءات «مكتب التحقيقات الفدرالي» (أف بي آي)، تصاعداً مضطرداً لمشاعر العداء للعرب والمسلمين وارتفاعاً ملحوظاً في جرائم الكراهية التي تستهدفهم.
والطريقة الوحيدة لمواجهة هذه الموجات المتصاعدة من الاعتداءات والإقصاء والتمييز هي الانفتاح على الجماعات المضطهدة الأخرى وتشكيل الائتلافات معها… وهنالك الكثير منها في الولايات المتحدة.
لكن ما هو واعد، هو الاهتمام الذي أظهره العشرات من العرب والمسلمين الأميركيين ورغبتهم الواضحة بالانخراط في مجالات الخدمة العامة، حيث تشهد الانتخابات الحالية ارتفاعاً لافتاً في عدد المرشحين على المستويين الوطني والمحلي، والذي بلغ مستوى قياسياً غير مسبوق، حيث اختار أكثر من 90 مرشحاً خوض الانتخابات لشغل مناصب حكومية وتشريعية وتنفيذية، ابتداء من الكونغرس الأميركي ومروراً بمجالس النواب والشيوخ المحلية في الولايات وصولاً إلى منصب الحاكم.
وفي ميشيغن، أصبح تحدي الإسلاموفوبيا واضحاً جداً، ومبشراً للغاية، من خلال زيادة أعداد المرشحين لمختلف السباقات. ولأول مرة يلعب شاب مسلم دوراً محورياً بترشحه لأعلى منصب حكومي في الولاية. عبدول السيد (33 عاماً) يصنع فرقاً في الانتخابات الحالية لا يمكن إنكاره، ويؤجج ببلاغته وذكائه وحيويته الأجيال الناشئة من العرب والمسلمين، إضافة إلى قطاعات متنامية في مختلف المجتمعات الأميركية.
والأهم أن السيد بات يغيّر الطريقة التي ينظر فيها الأميركيون إلى العرب والمسلمين، وهو ما يتجلى من خلال قدرته على جمع الأموال لحملته الانتخابية، واستقطابه لقطاعت واسعة من الناخبين، وكذلك بشعاراته الانتخابية التي تقدم حلولاً معقولة لكثير من القضايا التي تؤرق الميشيغندريين، مثل الرعاية الصحية والبنية التحتية والتعليم والتأمين بأسعار معقولة، وليس لدينا أدنى شك في قدرة الطبيب المصري الأصل على معالجة الأمراض التي تنخر جسد ولايتنا.
ومن هذا المنطلق فإننا في «صدى الوطن» ندعمه ونؤمن بأن الناخبين العرب والمسلمين يمكن أن يعززوا حظوظه ليكون أول حاكم ولاية مسلم في تاريخ الولايات المتحدة، في حال أقبلوا بكثافة على صناديق الاقتراع، يوم 7 أغسطس القادم.
وفي الوقت الذي يبذل فيه العرب والمسلمون قصارى جهودهم لمكافحة الإسلاموفوبيا على المستوى المحلي، فإنهم يحتاجون في واشنطن إلى حلفاء أقوياء قادرين على مواجهة التعصب على المستوى الوطني. والسناتور الديمقراطية ديبي ستابينو هي الأمثل لأداء هذه المهمة، إذ أن لديها سجلاً مؤكداً في دعم مجتمعاتنا، مثل معارضتها لحظر «سفر المسلمين» وسياسات ترامب المماثلة الأخرى.
ومع أن ستابينو لا تواجه أية منافسة من الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية، لكن من المهم جداً أن ندلي بأصواتنا لصالحها، تعبيراً عن شكرنا وامتناننا لجهودها ووقوفها إلى جانبنا طوال مسيرتها التشريعية في مجلس الشيوخ الأميركي.
وعلى نفس المنوال، يمكن لأبناء المجتمعين العربي والإسلامي إيصال أصواتهم إلى مجلس النواب الأميركي، لاسيما في «الدائرة ١٢» التي تضم مدن ديربورن وآناربر وألن بارك ولينكولن بارك وتايلور إضافة إلى مدن أخرى. إذ تحث «صدى الوطن» الناخبين على إعادة انتخاب النائبة الأميركية عن الدائرة، الديمقراطية ديبي دينغل التي أثبتت خلال سنوات خدمتها بأنها تستحق كل التأييد والدعم من مختلف شرائح جاليتنا.
أما «الدائرة 13»، التي تضم أجزاء واسعة من ديربورن هايتس وديترويت إضافة إلى كامل مدن غاردن سيتي وإنكستر وملفنديل ووستلاند ووين، فتبدو حظوظ المرشحة العربية الأميركية رشيدة طليب قائمة لخلافة عميد الكونغرس المتقاعد جون كونيرز، لاسيما في حال صبت الأصوات العربية لمصلحتها.
وتواجه طليب عدداً من المرشحين أبرزهم رئيسة مجلس ديترويت البلدي برندا جونز ورئيس بلدية وستلاند بيل وايلد الذي كان على الدوام صديقاً وفياً للجالية. ولولا طليب لكان وايلد الأفضل والأكثر كفاءة لتمثيل «الدائرة 13» في مجلس النواب الأميركي.
إن دعمنا للمرشحة الفلسطينية الأصل لا يقتصر على كونها عربية، وإنما بسبب تاريخها الناصع خلال ولايتها التشريعية في لانسنغ، كما أن حملتها الانتخابية مثيرة للإعجاب وتكشف أن لديها رؤية ناضجة حول مختلف القضايا التي تهم ناخبي دائرتها.
وقد أثبتت طليب قدرتها على جمع الأموال لحملتها الانتخابية، كما برهنت على جدارتها وحيويتها في محاربة العنصرية والتمييز ضد المهاجرين والأقليات سواء في مجلس ميشيغن التشريعي أو من خلال نشاطها الحقوقي، ولهذه الأسباب تستحق دعمنا وتستحق أصواتكم في 7 أغسطس.
نجمة عربية أخرى آخذة بالسطوع في صفوف الحزب الديمقراطي، إنها المرشحة اللبنانية الأصل فيروز سعد التي تتطلع إلى خلافة النائب الجمهوري المنتهية ولايته ديفيد تروت الذي قرر عدم الترشح للاحتفاظ بمقعد «الدائرة 11» في الكونغرس الأميركي.
المسؤولة السابقة في إدارة الرئيس باراك أوباما، تواجه سباقاً حامياً ضد مرشحين أقوياء مثل سونيل غوبتا وهايلي ستيفنز والنائب الحالي في مجلس ميشيغن التشريعي تيم غريميل. وتتمتع سعد بالخبرة المهنية والقوة لمواجهة العنصرية والدفاع عن المهاجرين وحماية بلدنا وتحصين ديمقراطيتنا، وهي مواصفات تؤهلها لكي تكون المرشح الأنسب عن «الدائرة 11» التي تضم مدن برمنغهام وبلومفيلد هيلز وفارمنتغون وتروي ونورثفيل ونوفاي وكانتون وبليموث.
قبل عامين، دلف شاب عربي إلى حلبة الخدمة العامة، وأطلق كوافد جديد إلى عالم السياسة، حملة رائعة لشغل مقعد «الدائرة 15» في مجلس نواب ميشيغن، وقد توجت جهوده بنصر ساحق فاجأ المراقبين السياسيين.
وخلال السنتين الماضيتين، حظي النائب الديمقراطي عبدالله حمود باحترام زملائه من كلا الحزبين، في مجلس ميشيغن التشريعي، وشارك في دعم وإقرار العديد من القوانين، مثبتاً جدراته وأهليته لتمثيل المجتمع العربي والإسلامي، ما يجعله يستحق بالفعل إعادة انتخابه لتمثيل ديربورن تحت قبة الكابيتول في لانسنغ.
أما المرشح لمجلس شيوخ الولاية عن «الدائرة 3» الديمقراطي غاري وورنتشاك، فهو يقيم علاقات وطيدة مع المجتمع العربي الأميركي، ولديه مسيرة مهنية مبهرة، تضم 25 عاماً من العمل الصحافي، قبل أن ينتخب لثلاث مرات لتمثيل ديربورن في مجلس نواب ميشيغن بين العامين 1998 و2004.
وفي 2004 انتخب لتمثيل «الدائرة 13» (ديربورن) في مجلس مفوضي مقاطعة وين، وانتخب رئيساً للمجلس لثلاث دورات متتالية، بدءاً من العام 2011.
واليوم يسعى وورنتشاك إلى خلافة السناتور موريس هود، بمواجهة المرشحة الديمقراطية سيلفيا سانتانا. ومن البديهي القول إن كلا المرشحين مؤهل وكلاهما صديق للجالية العربية، ومع ذلك فإن وورنتشاك بسجله الحافل في خدمة العرب والمسلمين يستحق التأييد والدعم لتمثيل الدائرة التي تضم ديربورن وملفنديل وجزءاً من غرب ديترويت.
وبينما يُخلي وورنتشاك مقعده في مجلس مفوضي مقاطعة وين، يسعى المرشح العربي الأميركي الديمقراطي سام بيضون إلى خلافته. وبيضون ناشط سياسي وخبير في مجال العقارات وقد أطلق حملة انتخابية لافتة حظيت بتأييد واسع من القادة والمسؤولين المنتخبين محلياً والذين أعربوا عن ثقتهم بخبرته ورؤيته لتحسين السلامة العامة ونوعية الحياة لجميع سكان المقاطعة، وخاصة كبار السن.
كما أن المرشح اللبناني الأصل، مؤهل بشكل فريد لجذب الاستثمارات وتحسين التطويرات الاقتصادية وإصلاح الطرق المتدهورة والبنى المتداعية في مقاطعة وين.
بيضون، العضو في العديد من المنظمات المحلي والوطنية، يستحق أن يكون جزءاً من حكومة مقاطعتنا، كما يستحق تأييدكم وأصواتكم في 7 أغسطس.
***
رغم كونها تصفيات حزبية يتحتّم فيها على الناخبين الاختيار بين الاقتراع للمرشحين الديمقراطيين أو الجمهوريين، إلا أن الانتخابات التمهيدية المقررة في 7 آب (أغسطس) المقبل تعتبر استحقاقاً عربياً أميركياً بالغ الأهمية، لاسيما وأن بعض الدوائر محسومة تقليدياً لصالح الديمقراطيين، وبالتالي سيكون الفائزون في الجولة التمهيدية قد قطعوا معظم الطريق لتولي المناصب التي يسعون إليها.
ولكي لا تذهب جهود المقترعين سدى، نعيد التأكيد على أنه يتوجب على الناخبين اختيار ممثليهم من مرشحي أحد الحزبين، إما الديمقراطي أو الجمهوري. وفي حال صوّت الناخب لمرشحين ديمقراطيين وجمهوريين معاً، تعتبر بطاقته الانتخابية ملغاة.
هذا وتواصل «صدى الوطن» الاطلاع على سير وأداء وبرامج المرشحين للإعلان في العدد القادم عن قائمة ثانية من الأسماء والمقترحات التي تستحق الدعم في انتخابات الثلاثاء ٧ أغسطس القادم.
Leave a Reply