بسبب أهميتها القصوى وتأثيرها المباشر على حياة الأفراد والعائلات وشؤونهم اليومية، تحرص «صدى الوطن» على تشجيع المشاركة العربية في الانتخابات البلدية –ترشيحاً واقتراعاً– وقد حافظت على هذا التقليد منذ بداية مشوارها الصحفي، قبل 37 عاماً.
وتكتسب الانتخابات البلدية لعام 2021 أهمية فريدة بسبب وفرة المرشحين العرب الأميركيين، في مختلف السباقات. وبشكل خاص، في سباقات رئاسة البلدية في ديربورن وديربورن هايتس وهامترامك، حيث حظوظ المرشحين العرب في أعلى مستوياتها، فالمرشحون الثلاثة (بيل بزي في ديربورن هايتس، وعبد الله حمود في ديربورن، وعامر غالب في هامترامك) باتوا قاب قوسين أو أدنى، من تسجيل إنجازات تاريخية، قد تجعل انتخابات الثلاثاء القادم «علامة فارقة» في التاريخ السياسي للعرب الأميركيين بمنطقة ديترويت، في حال تمكنهم من الفوز بسباقات رئاسة البلدية في المدن الثلاث التي تتركز فيها الجالية العربية بمقاطعة وين.
توضيح لا غنى عنه
ومع أن «صدى الوطن» تفخر بخوض العديد من الكفاءات العربية –رجالاً ونساءً– للسباقات المحلية المتعددة، إلا أنها تأسف لتفشي بعض المظاهر السلبية في المشهد السياسي، لاسيما وأن بعض الحملات الانتخابية لا ترقى إلى المستوى المطلوب، إضافة إلى غياب الخبرة واللباقة السياسية لدى البعض الآخر. هذا، ناهيك عن الاستسهال غير المسؤول في الترشح لمناصب الخدمة العامة، التي لايزال الكثيرون ينظرون إليها كمكاسب شخصية، لنيل الألقاب وتحقيق الشهرة، وليس من أجل خدمة الناس وتحسين حياتهم وصيانة مصالحهم. وهذا يظهر جلياً من خلال جهلهم لأبسط متطلبات المناصب التي يترشحون لها.
أيضاً، من بين المظاهر السلبية التي لا تخفى على أحد في مجتمعنا، تهافت المرشحين العرب على سباقات معينة، والإعراض عن سباقات أخرى، قد تكون أكثر أهمية وجدوى. فعلى سبيل المثال، تزاحم عشرات المرشحين في سباقي مجلس ديربورن البلدي ولجنة تعديل الميثاق، فيما يخوض سباق الكليرك مرشح وحيد، سيفوز –في نهاية المطاف– بالتزكية، وبشكل أوتوماتيكي!
ويصح السؤال نفسه، بالنسبة إلى انتخابات ديربورن هايتس، حيث يخوض ثلاثة مرشحين عرب سباق المجلس البلدي، بينما يخوض كلاً من سباقي الكليرك والخزانة مرشحة واحدة، بدون منافسة، وسوف تفوزان كلتاهما بالتزكية، في انتخابات الثلاثاء القادم.
وإضافة لذلك، توجد ملاحظة أخرى لا تجد «صدى الوطن» بدّاً من تسجيلها والتعليق عليها، وهي الكسل واللامبالاة الواضحة لدى بعض المرشحين العرب. وكما يعلم القراء الأعزاء، فإن الصحيفة تحرص في المواسم الانتخابية على عرض رؤى وبرامج جميع المرشحين، عرباً وغير عرب، من خلال إرسال أسئلة مشتركة للإجابة عليها بشكل واضح ومحدد. ولا بد من التنويه، في هذا الخصوص، بأن الصحيفة تواجه صعوبات عديدة للتواصل مع المرشحين العرب، إذ يتجاهل بعضهم الرد على أسئلتنا، فيما يتكاسل بعضهم الآخر ويتأخر عن الرد حتى فوات الموعد النهائي، ناهيك عن أن بعض الإجابات التي حصلنا عليها تعكس قصوراً رهيباً في فهم طبيعة المنصب الذي يسعى المرشح لشغله، أو في امتلاك تصور حقيقي لطبيعة الوظيفة التي يتطلع إليها بعض المرشحين الذين تعوزهم الكفاءة، وإجادة اللغة الإنكليزية في حالات ليست بالقليلة.
إن تسجيل الملاحظات السابقة، لا يعني أن «صدى الوطن» فقدت إيمانها بالكفاءات العربية الأميركية، فهي على العكس من ذلك، ماتزال تؤمن بأن المجتمع العربي الأميركي بمنطقة ديترويت هو منجم للكفاءات والمواهب المستعدة والراغبة –من صميم القلب– بالخدمة العامة، إلا أنه كان لا بد من الإضاءة على تلك المظاهر، من أجل تصويب الأخطاء ومكافحة الممارسات التي تسيء لمجتمعنا ومكانته السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
انتخابات ديربورن
بعدما اطلعت «صدى الوطن» على حملات وبرامج المرشحين لمختلف المناصب في ديربورن، فقد قررت دعم ترشيح عضو مجلس نواب ميشيغن عن ديربورن، عبد الله حمود لمنصب رئيس البلدية، على الرغم من الصداقة الوطيدة التي تربطنا مع منافسه، الرئيس السابق لمجلس مفوضي مقاطعة وين، غاري وورنتشاك.
دعمنا لحمود لم يتأتَ لكونه عربياً وحسب، وإنما لكونه يمتلك خطة واضحة المعالم لقيادة المدينة في المستقبل، ذلك أن حملته الانتخابية كشفت عن اعتزامها التعاون مع شركة استشارات إدارية متخصصة بالشؤون البلدية لإعادة هيكلة الوظائف في مختلف أقسام بلدية ديربورن، واقتراح الموظفين المناسبين لملء الشواغر.
أما في سباق المجلس البلدي، فقد قررت «صدى الوطن» دعم ترشيح سبعة متنافسين، هم: العضو الحالي مايك سرعيني، إضافة إلى ستة مرشحين من خارج المجلس هم: مصطفى حمود، خضر فرحات، لولا الزين، سعيد المشغري، سمراء لقمان وكمال الصوافي.
وسوف يتم انتخاب ثلاثة أعضاء جدد على الأقل في هذا السباق، مع أرجحية أن يخلف سرعيني رئيسة المجلس سوزان دباجة، بعدما حلّ في المرتبة الأولى في الجولة التمهيدية، في أغسطس الماضي، بنيله أكثر من عشرة آلاف صوت.
وفي سباق لجنة الميثاق، قررت «صدى الوطن» دعم المرشحين التسعة، التالية أسماؤهم: حسن عبد الله، جميل خوجة، سام حمادي، ألبرت عباس، شارون دولميج، ريتشارد العزيز، كيمبرلي إسماعيل ومنصور شرحا.
وسوف تلعب لجنة الميثاق دوراً هاماً في تعديل دستور مدينة ديربورن وتحديثه بما يتناسب مع تطلعات سكان المدينة، لذلك من الضروري اختيار الأعضاء المؤهلين لسنّ وتعديل الأطر التنظيمية في الميثاق، الذي تم تعديله آخر مرة عام 2007.
انتخابات ديربورن هايتس
وعلى نفس المنوال، تعتبر الانتخابات البلدية بمدينة ديربورن هايتس في غاية الأهمية، إذ أنها من المرجح أن تسفر عن فوز أول عربي، وأول مسلم، بمنصب رئاسة بلدية المدينة التي يشكل فيها العرب الأميركيون حوالي ثلث السكان.
وفي كل الأحوال، سجل بزي إنجازاً تاريخياً بكونه أول عربي وأول مسلم يتولى رئاسة بلدية ديربورن هايتس، بعدما تم تعيينه بغالبية أعضاء المجلس البلدي (4 مقابل 3) لخلافة رئيس البلدية الراحل دان باليتكو.
ومنذ تعيينه في يناير 2021، لفت بزي الأنظار بأدائه اللافت خلال جائحة كورونا، وإبان الفيضانات الكارثية في حزيران (يونيو) الماضي، حيث قاد العديد من المبادرات من خلال توفير الطعام والأقنعة والكتب والألعاب والموارد المتنوعة، رغم تعرضه لحملة انتقادات شرسة من منافسته على المنصب، رئيسة المجلس البلدي دينيز مالينوسكي–ماكسويل.
وخلال فترة توليه رئاسة البلدية، عمل بزي على معالجة النقص في ميزانية ديربورن هايتس، عبر تأمين أموال إضافية لبرامج كبار السن، وتشغيل المنتزهات العامة، وتحديث البنية التحتية، وعمل –في الوقت نفسه– مع فريقه الحكومي لخفض المصاريف غير الضرورية، والسعي لاستحصال منح فدرالية ومحلية، إضافة إلى تشجيع الأعمال التجارية، ومكافحة الروتين والبيروقراطية.
يتحلى بزي بسياسة الباب المفتوح ويعطي بريده الإلكتروني ورقم هاتفه للجميع. كما أنه يتقدم بتحديثات أسبوعية –عبر الفيديو– للمستجدات في بلدية ديربورن هايتس، في الوقت الذي يتواصل فيه بشكل مستمر مع موظفي المدينة والسكان المحليين.
وفي سباق مجلس المدينة، قررت «صدى الوطن» دعم ثلاثة مرشحين هم: العضوان الحاليان بوب كونستان ومو بيضون، إضافة إلى المرشح من خارج المجلس حسن أحمد.
وبينما يتطلع كونستان إلى الاحتفاظ بمقعده لولاية إضافية، يسعى أحمد للفوز بأحد المقاعد الأربعة المفتوحة لولاية كاملة مدتها أربع سنوات. أما بيضون الذي تم تعيينه في عضوية المجلس فيسعى للفوز بسباق منفصل للاحتفاظ بمقعده حتى نهاية العام 2023.
انتخابات هامترامك
رغم المفاجأة التي حققها المرشح العربي غالب عامر بتقدمه على رئيسة البلدية الحالية كارين ماجاوسكي، في انتخابات أغسطس التمهيدية، تحجم «صدى الوطن» عن دعم أي من المرشحين في الجولة النهائية من السباق.
وفيما تمتنع الصحيفة عن دعم عامر لافتقاره إلى برنامج حقيقي لمعالجة التحديات المستعصية التي تعيشها المدينة، وفي مقدمتها مشكلة الفيضانات الكارثية وأزمة المعاشات التقاعدية للشرطة والإطفاء، جاء امتناعنا عن دعم ماجاوسكي، التي نالت تأييد «صدى الوطن» في حملات سابقة، بسبب مواقفها السلبية تجاه الجاليتين اليمنية والبنغالية، اللتين تشكلان أغلبية سكان المدينة المتنوعة ثقافياً وعرقياً.
وكانت رئيسة البلدية البولونية الأصل قد انحازت ضد الأعضاء المسلمين في المجلس البلدي إبان التصويت على مقترح قرار يحظر متاجر بيع الماريوانا في هامترامك، والذي ترافق مع نقاش عاصف ومحموم امتد إلى وسائل التواصل الاجتماعي.
ومع أن ماجاوسكي صوّتت ضد القرار الذي تقدم به الأعضاء المسلمون، وهذا حقها، إلا أن «صدى الوطن» قررت عدم دعمها، لسلوكها غير المحترم ضد الأعضاء المسلمين، والذي أثار حفيظة الجاليتين البنغالية واليمنية، بسبب تهجم أحد الأعضاء البيض على زملائه المسلمين، بحضور ماجاوسكي التي لم تحرك ساكناً، فضلاً عن أنها لم تقم بواجبها بفرض النظام خلال اجتماع المجلس البلدي، الذي تترأسه وفقاً لميثاق هامترامك.
وفي انتخابات مجلس هامترامك البلدي، يخوض ستة مرشحين، السباق على ثلاثة مقاعد مفتوحة لولاية مدتها أربع سنوات، وقد قررت «صدى الوطن»، تأييد ترشيح كل من خليل الرفاعي، أماندا كاجاوسكي ولين بلايسي، وذلك بعد الاطلاع على مؤهلات ومواقف كل منهم حول مشاكل المدينة.
وستلاند ورميلوس
وفي انتخابات مدينة وستلاند، قررت «صدى الوطن» دعم رئيس البلدية الحالي بيل وايلد للفوز بولاية رابعة، وذلك تثميناً لسياسة الباب المفتوح والترحيب بالسكان العرب وأعمالهم التجارية، فضلاً عن توظيف العديد منهم في مختلف المناصب بالبلدية. كما قررت الصحيفة دعم إعادة انتخاب عضو المجلس البلدي في المدينة، جيم غودباوت.
وفي مدينة روميلوس التي تضم حرم مطار ديترويت الدولي، تدعم «صدى الوطن» المرشح آلن لامبيرت الذي يسعى للعودة إلى رئاسة البلدية، بعدما شغل هذا المنصب لمدة 12 عاماً قبل تقاعده عام 2013.
تصويتكم هو الفيصل!
إن العيش في ديمقراطية تمثل الجميع تتطلب منا المشاركة الانتخابية الكثيفة التي تضمن فرصنا في التغيير والتمثيل المتكافئ، فضلاً عن حماية مصالحنا ومستقبل مجتمعاتنا.
ومن نافل القول، إن الانتخابات هي الفرصة الأنسب للانخراط المسؤول بهدف التغيير نحو الأفضل، خاصة بالنسبة للمجتمعات العربية والإسلامية التي تتعرض –في كثير من الأحيان– للهجوم والتهميش والتشويه.
ومع ارتفاع الحظوظ الانتخابية للمرشحين العرب في سباقات رئاسة البلدية بديربورن وديربورن هايتس وهامترامك، فقد تشكّل الانتخابات الحالية «علامة فارقة» في التاريخ السياسي للمجتمع العربي الأميركي في منطقة ديترويت، في حال وصول المرشحين الثلاثة –معاً– إلى منصب رئاسة البلدية، لأول مرة، في تاريخ المدن الآنفة الذكر.
إن تصويتكم بكثافة، سيكون الفيصل في المشهد الانتخابي، فلا تتهاونوا مع هذه الفرصة التاريخية لرسم مستقبل مدننا!
Leave a Reply