مريم شهاب
إلتقيت به وجهاً لوجه لأول مرة، عندما استضافنا أحد أصحاب البرامج الإذاعية المحلية هنا في ديربورن قبل حوالي سنة.
كانت فرصة رائعة للتعرف على شاب طموح ومثقف، هو الأستاذ خضر فرحات. فدار النقاش بيننا حول التعليم والتربية والأولاد في مدارس ديربورن والمجتمع المحلي عموماً، فأدركت سريعاً ما معنى أن يكون الإنسان «ابن بلد».
فهذا الشاب الحيوي حقق بنشاطه وإصراره على التغيير، سمعة طيبةً أدخلته قلوب الناس وبيوتهم لأنه، بصدق، هو واحد منهم، يتكلم لغتهم ويعرف همومهم.
كان اللقاء فرصة لمجالسة شخصٍ ديناميكي ومبدع رغم معاناته من ضعف النظر منذ صغره. فوجدت فيه شعلة أمل ونور وسط ساحة محلية تعج بالإعلاميين «الفالصو» ممن لا يجيدون سوى «الوأوأة» و«الفنطزة» وتسويق أنفسهم بينما بضاعتهم كاسدة.
جمعتنا الصدف مرات عدة. إذ التقيت به مراراً في مبنى بلدية ديربورن حيث كان يأتي تلبية لدعوات رسمية وللمساعدة في بعض الشؤون الاجتماعية، وأكثرها خدمات لمراجعين يحتاجون للمساعدة.
دوماً كان يحضر بأناقة ملبسه وكلامه وذكائه اللامع، وتواضع شخصيته.
لم يتبجح أو يتكلم عن نفسه قط، فهو لا يسعى إلى الأضواء والشهرة، بل كل ما يريده هو أن يكون عاملاً إيجابياً في مجتمعه.
حكايته حافز لكل شاب يؤمن بأن الإنسان يستطيع أن ينجح إذا امتلك الإرادة والثقة، وسعى إلى تثقيف نفسه.
الآن، ونحن على أبواب الانتخابات العامة التي ستجري بعد حوالي ثلاثة أسابيع، خضر فرحات يخوض السباق لعضوية مجلس ديربورن التربوي بهدف واضح، وهو خدمة الطلاب وأهالي المنطقة وتحمل مسؤولية النهوض بالمدارس العامة.
هو حسب رأي الكثيرين، مؤهل ولديه الإرادة، مثل طه حسين، الضرير الصعيدي الذي قرر أن يكون من حملة المصابيح. فالرؤية في الظلام أكثر عمقاً وأبعد مدى.
لم يدع فرحات، اليأس أن يوقفه، ولا الكآبة أن تحبطه، وصمم أن يكون نموذجاً للنجاح والتفوق العلمي والاجتماعي، رافضاً تكسير مجاذيف الشباب العربي نحو التميّز والإبداع.
الشهادات العليا قد تصنع لك مسيرة مهنية، ولكنها لا تضمن لأصحابها النجاح، بل العصاميّة والاجتهاد والمثابرة في مدرسة الحياة، هي السبيل الحقيقي للتفوق حتى على حاملي الألقاب العلمية الرنانة، من المتكبرين والمتعجرفين على بني قومهم وجلدتهم.
طموح فرحات ليس الفوز بالانتخابات، ثم السلام عليكم، كما فعل العديد ممن فازوا بمناصب رسمية من أبناء وبنات جاليتنا، بل طموحه هو تعزيز الطلاب وتمكينهم، حتى يؤمنوا بأن المستقبل لهم، دون أن ينسوا ثقافتهم وإرثهم وأخلاقهم العربية.
الأستاذ خضر فرحات يفهنا ويفهم أبناءنا وهو يتكلم العربية والإنكليزية بطلاقة، ودعمه للفوز بالمقعد التربوي في ديربورن هو فوز لنا ولطلابنا.
Leave a Reply