صخر نصر
دأبت بعض المحطات الإذاعية والتلفزيونية على تنظيم مسابقات مختلفة لجذب المستمعين والمشاهدين وصولا إلى جذب المعلنين لتحقيق المزيد من الأرباح، وهذا حق لهم ولا ينكره عليهم أحد، ولما كنت من المتابعين للإذاعة وخاصة أثناء قيادتي للسيارة لأوقات مختلفة من الأسبوع، فـي الصباح
وعند الظهيرة وليلاً أحياناً, أسمع العجب العجاب من هذه المسابقات.
ولا يقتصر الأمر على الإذاعات ومحطات التلفزة المختلفة وماتقدمه من برامج ثرة حينا، وغثة فـي كثير من الأحيان، فقد تبعتها شركات الإعلان والأشخاص، وباتت هناك مسابقة لملكة جمال العرب، وأخرى لملكة جمال الجالية، وثالثة لأجمل عروس، ولأجمل فتاة، ولأجمل طفل ولأجمل شاب ولأجمل عجوز ولأجمل مقعد وهكذا بات لدينا ملوك للجمال فـي كل شيء عدا جمال الأخلاق وجمال العلم وعلى مايبدو أن لا أحداً يهتم بهما .
صحيح أن الجمال يريح العين والنفس ولكن إلى حين، فقد حدثتني إمرأة تحمل شهادتين جامعيتين إحداها فـي الطب وقد حملتها معها من بلدها الأم والثانية فـي الحقوق حصلت عليها من إحدى الجامعات الأميركية ولاتزال طالبة علم وتنوي الحصول على شهادة الدكتوراه فـي القانون لتكون ملكة حقيقية بالعلم والمعرفة والثقافة التي يتناساها بعض أبناء الجالية من الشباب وتغفل عنها وسائل الإعلام التي تروج للجمال الآني ولا تروج للعلم والمعرفة.
إن الجالية العربية فـي الولايات المتحدة الأميركية مشهود لها بالتميز العلمي والأخلاقي والتفوق فـي مجالات الطب والهندسة والعلوم المختلفة بدليل أن الكثيرين من أبناء الجالية يدرسون فـي الجامعات الأميركية ويخرجون أجيالا من طلاب العلم، أميركيون وغير أميركيين، وهذا فخر لنا جميعا، ومن واجبنا الترويج له، فبدلا من أن تقتصر مسابقاتنا على الجمال وأجمل تسريحة شعر، وأحلى ابتسامة وأنصع أسنان، دعونا نتابع نجاحات أبنائنا، سواء فـي الجامعات أو المدارس الثانوية أوحتى الابتدائية والمتوسطة، ونقدم هؤلاء على أنهم قدوة للجالية وموضع عزة وفخر، وعلى الجميع أن يحذو حذوهم،فكما نفخر بالرياضي الناجح والموسيقي المبدع والشاعر الموهوب والهيئات المختلفة، نفخر بالمتميزين من أبنائنا فـي العلم والمعرفة والابداع .
إننا نعيش فـي بلد معطاء ويحقق الطموحات والأحلام لاسيما فـي مجال التعليم الجامعي إذ توفر الجامعات الفرص لطالبي العلم وتساعد الحكومة فـي ذلك من خلال منح القروض والتسهيلات للطلاب لإختيار الفرع الذي يريده الطالب ووفق رغبته، الأمر الذي يعتبر تشجيعا ما بعده تشجيع لمن يريد أن يتسلح بالعلم ويجعله هدفا وحلما.
نحن لا ننكر أن الجمال هبة من الله، والله جميل يحب الجمال، لكن لايمكن أن نكرس طاقاتنا جميعا للجمال فقط، فالجمال يذبل بعد حين، لكن التحصيل العلمي والأكاديمي لاتمحوه الأيام، ولا التقدم فـي السن، ولا يستطيع نكرانه أحد، فالشعوب التي تقدمت وتطورت، اعتمدت على العلم والمعرفة ولم تعتمد على جمال العين وفتحتي الأنف ورشاقة الخصر وعرض الورك والأرداف.
Leave a Reply