”مسجد ديكس” يحتفل بالذكرى السبعين لتأسيسه:
عراقة وفضاء لعلاقات إنسانية وروحية
في سياق الحديث عن تجربتهم في الولايات المتحدة، فإن جميع الوافدين الأوائل الى منطقة ديترويت الكبرى من العرب الأميركيين يعودون بذاكرتهم إلى الأيام الأولى في منطقة جنوب ديربورن. وما تزال موجات المهاجرين تتدفق إلى المنطقة، جاعلين منها مركزاً مميزاً للثقافة يتجدد باستمرار.
يعتبر مسجد ديربورن، الذي يعرفه الناس باسم مسجد ”ديكس”، واحداً من ثلاث أركان أساسية في حياة العرب الأميركيين في هذه المنطقة، إلى جانب مدرسة سالينا، وشركة ”ريفر روج” لتصنيع قطع السيارات السيارات التابعة لشركة فورد.
وبحلول الخامس عشر من ايار (مايو) الجاري سيتم الاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس المسجد في قاعة غرينفيلد فيلد مانور في مدينة ديربورن. جدير بالذكر أن المسجد أُسس في العام ١٩٣٨ على يد مجموعة من عمال المصانع اللبنانيين والسوريين.
وفي اتصال لـ”صدى الوطن” مع طالبة الدراسات العليا سالي هاول، التي تعد أطروحتها في الدكتوراه حول المساجد في منطقة ديترويت، قالت: ”إن مسجد ديربورن كان بمثابة نادٍ ومسجد في الوقت ذاته، وبمرور الزمن تراجع دوره الثقافي ليحل محله الدور الديني”. وأضافت ”إن هذا المسجد كان مركزا للحياة الاجتماعية للجالية العربية في منتصف القرن العشرين، وبعد توسيعه بإضافة طابق ثانٍ، وقبة، ومئذنتين، أصبح معرفاً لدى الناس كمسجد بالدرجة الأولى، وأصبح مركزاً لجميع المسلمين في المدينة وكامل المنطقة”.
وفي الفترات اللاحقة، وبقدوم موجات جديدة من المهاجرين أصبح طراز المسجد على الطراز الشرقي، ولم يعد مسموحاً فيه النشاطات الثقافية والاجتماعية كحفلات الزواج، والنشاطات الفنية..
وبعد انتقال اللبنانيين من منطقة ”ديكس” إلى مناطق أخرى، حل اليمنيون والفلسطينيون…
وفي اتصال آخر لـ ”صدى الوطن” مع ناجي المذحجي، أحد أعضاء الهيئة الإدارية للمسجد، قال: ”لقد كان من الضروري دوماً وجود مسجد في هذه المنطقة، بسبب كثافة الوجود الإسلامي الذي كان يزداد باستمرار بسبب موجات المهاجرين، ما أدى في كل مرة إلى توسيع المسجد، حتى بلغت ثلاث مرات، حيث كانت مساحته تتضاعف في كل مرة، وكان ذلك في سنوات : ١٩٥٢، ١٩٨٦، ٢٠٠٠”.
تبلغ مساحة المسجد الحالية ٤٨ ألف قدم مربع ويتسع لألفين من المصلين، ويتولى شؤون إدارته يمنيون، ويؤمه المسلمون من جميع الجنسيات، من العرب ومن غير العرب.
وفي السياق ذاته قالت هاول: ”إن الذين يؤمون المسجد ليس فقط أبناء المنطقة بل إن الكثيرين يأتون من مناطق بعيدة مثل ديترويت وغيرها، وذلك بسبب اللغة العربية هي المستخدمة في الخطب، فضلاً عن كونه مسجداً عريقاً وقديماً”.
للمسجد مكانة روحية ووجدانية في نفوس أبناء المنطقة، فضلاً عن مكانته التاريخية كأقدم مسجد في المنطقة، كما أنه يشكل مكاناً مميزاً يلتقي فيه الناس ويتعارفون ويتواصلون. إنه بمثابة وطن مصغر وحقيقي للناس.. ويشكل جزءاً أساسياً من ذاكرة جميع الأفراد الذين يرتادونه، كما أنه يعتبر جزءاً أساسياً وحيوياً ومفصيلياً من الحياة الاجتماعية.
من الجدير ذكره، أن مدرسة الفرقان تتبع للمسجد، وكانت قد افتتحت منذ أوائل الثمانينات، ويتم فيها تعليم اللغة العربية ومبادئ الدين الإسلامي في عطلات نهاية الأسبوع.
Leave a Reply