القدس المحتلة – تكاد الأراضي الفلسطينية تبدو في حالة حظر تجول كل مساء وقت عرض المسلسل السوري «باب الحارة» اذ تخلو الشوارع من المارة ويتوقف عمال المطاعم عن تلبية طلبات زبائنهم والسائقون عن عملهم الى ما بعد انتهاء المسلسل.ويقول مساعد مدير فندق «امباسادور» في القدس حسام مصلح «لدينا شاشة كبيرة في حديقة الفندق، وعند عرض مسلسل «باب الحارة» تتوقف الطلبات، فلا الشغيلة ولا الادارة ولا الزبائن يتحركون او يتكلمون. الطلبات تقدم اثناء الدعايات فقط».ويقدم مسلسل «باب الحارة» تفاصيل الحياة اليومية في حارة دمشقية قديمة مع بداية الانتداب الفرنسي لسوريا. ويبرز شخصية زعيم الحارة «العقيد» ودوره في تنظيم العلاقات فيما بين اهالي الحارة من جهة وبينهم وبين السلطات التي يجسدها المخفر ورئيسه «ابو جودة» كما يبرز دور الاهالي في مقاومة المستعمر.ويركز المسلسل على ابراز قيم الشهامة والفروسية ونكران الذات والتضحية والكرم والتوحد في مواجهة العدو وفي مواجهة الغدر والخيانة.والمسلسل الذي يعرض في الساعة الثامنة مساء بتوقيت مدينة القدس من اخراج بسام الملا وبطولة عباس النوري وسامر المصري وصباح الجزائري وفاء موصللي وحسن دكاك وسليم كلاس مع نخبة من الفنانين السوريين.ويضيف مصلح «انا شخصيا يشدني وجود الثوار الذين يمدون الشعب الفلسطيني بالسلاح لمقاومة الانكليز وكانهم يقولون لنا «اصح يا شعب فلسطين».ويتدخل احد عمال الفندق قائلا «في الباص كل طلاب جامعة بيت لحم يتحدثون عن باب الحارة».ويقلد الاطفال الفلسطينيون في العابهم ابطال رموز باب الحارة ويرددون كلماتهم مثل «بليلة بلبلوك».ويقول احمد الاسمر (12 عاما) «انا ابو شهاب (سامر المصري) فهو يعجبني لانه رجل «قبضاي» اي شجاع اما صائب الرجبي (13 عاما) النحيف والقصير القامة فيقول «انا معتز (وائل شرف) الذي يعجبني فيه انه يضرب ولا يتنازل عن حقه».ابو محمد بائع الملابس في سوق خان الزيت في القدس القديمة يقول «تكون حركة السوق ميتة عند عرض المسلسل، الناس مهووسون به، هو مسلسل ممتع وجميل ويحمل في طياته معاني اخلاقية».اما سائق سيارة الاجرة عبد الله الكرد فقال «ممنوع الشغل اثناء باب الحارة، نحن نرى شخصيات نفتقدها الناس تحب ان ترى الرجولة والنخوة والشهامة والشرف وكل الصفات التي يتغنى بها العرب ونفتقدها اليوم».واضاف «احب ان ارى معتز وابو شهاب، حتى ابو النار فهو عند الحق يلتزم به ويقف مع افراد حارته، فريال قليل عليها الشنق بدها طخ (رمي بالرصاص)» لانها تسببت في سجن زوج ابنتها السابق لاتهامها اياه زورا بمحاولة قتلها.وقال وليد ناصر الدين صاحب محطة وقود «في بيتي ممنوع الحركة او الكلام اثناء العرض وممنوع دخول الجارات، انا وعائلتي ننسجم مع التمثيلية حتى الاخر هي تشد الانسان لمشاهدتها فيها عادات جميلة كالاحترام والمودة وهي تعلم الناس القيم».اما حنا ملك (65 عاما) وهو صاحب مكتبة فيؤكد «عند عرض المسلسل تتوقف عندنا الحركة في حي بيت حنينا في القدس، هذا المسلسل يمثل لي التراث العربي ومن اروع ما انتجته الشاشات العربية فهو يتحدث عن واقع حال، الثوار السوريون كانوا يهربون السلاح للشعب الفلسطيني عن طريق طبريا».من جهته يقول باروخ ناحوم وهو من اليهود السوريين الذين قدموا الى اسرائيل في التسعينات «هذه التمثيلية تذكرنا بحياتنا في حلب. كان واقعنا في سوريا شبيه بحياة المسلسل بل افضل، هذه حياة الشام الحقيقية وحياة سوريا التي نحبها».وتابع «هناك شيء يجذب الناس اليها، يعلموا الناس ان يهبوا حياتهم لبلدهم والممثلون قادرون على توصيل فكرة اعادة الناس للتعامل بمشاعر وانسانية». واضاف «المسلسل يستحوذ على عقول الناس، كل اليهود السوريين (حوالي 5000) يتحدثون عن باب الحارة ويقولون العقيد فعل هكذا (..) باتت مثل الاكل او مثل الادمان». اما رجل الدين الشيخ ماهر فيقول «لقد قدمت بالباص من قلنديا لصلاة التراويح في القدس وعندما وصلنا الى المحطة اوقف السائق الباص وقال: انا لن اعمل لانني ذاهب لاحضر باب الحارة».جميلة (45 عاما) وهي موظفة تقول انها تستمع عادة الى خطابات امين عام حزب الله اللبناني فترى انه «كان خطا كبيرا من السيد حسن نصرالله ان يكون خطابه (الاسبوع الماضي) في وقت عرض باب الحارة لان جميع الذين يستمعون اليه يتابعون المسلسل».وفي المدن الفلسطينية داخل اسرائيل قالت زليخة خلايلة من مجد الكروم «الحياة تتوقف بالكامل في كل الجليل ويغلق الاطباء عياداتهم وتغلق الدكاكين ابوابها».واضافت «قبل يومين كنا في حفل زفاف في مدينة الرامة والناس تاخروا عن الحضور لانهم كانوا يشاهدون مسلسل باب الحارة».حتى صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية نشرت مقالا عن توقف الحياة في ساعة عرض المسلسل في المدن الفلسطينية داخل اسرائيل مرفقا بصورة لابطاله.(الفرنسية)
Leave a Reply