سامر حجازي – صدى الوطن
رفعت امرأة عربية مسلمة تبلغ من العمر ٢٧ عاماً دعوى قضائية ضد إدارة شرطة ديربورن هايتس لإجبارها على خلع حجابها عندما ألقي القبض عليها وحجزها لجنحة مخالفة مرورية يوم ٩ تموز (يوليو) ٢٠١٤.
وقالت ملاك قازان إنها شعرت بالإذلال إزاء سياسة ادارة الشرطة التي أجبرتها على خلع حجابها عندما اعتقلتها بسبب قيادتها لسيارة برخصة معلقة. وكجزء من عملية الإعتقال، طلبت الشرطة من قازان نزع حجابها من أجل اخذ صورتها حسب الإجراءات القضائية.
ملاك قازان والمحامي أمير مقلد في مكاتب «سيريل هول للمحاماة» في ديربورن (صدى الوطن) |
وادعت قازان انها أعربت عن قلقها علناً إزاء هذه السياسة التي لا تراعي الخصوصيات وأمام عناصر الشرطة الذين كانوا فـي الخدمة، شارحة لهم أن ذلك يُعتبر انتهاكاً لدينها. كما إدعت بأنها طلبت شرطية لكي تتعامل معها وتخلع الحجاب امامها، ولكن قيل لها إن طلبها لا يمكن تلبيته. وبعد إحباطها ويأسها من إقناع عناصر الشرطة، طلبت قازان ان يُسمح لها بالتحدث إلى الضابط المشرف
وعندما تم ذلك قال لها إن إزاحة غطاء الرأس جزء من قوانين دائرة الشرطة وإنَّ عليها الإمتثال وإلا فستخضع للمزيد من فترة الإحتجاز. المحامي العربي الأميركي أمير مقلد من مكتب «سيريل هول للمحاماة»، رفع القضية فـي محكمة المقاطعة الأميركية هذا الاسبوع، مطالباً دائرة الشرطة فـي المدينة بتغيير سياستها ودفع كامل التعويض عن الأضرار لموكلته.
وقال مقلد فـي هذا الصدد «ان تكشف موكلتي نفسها أمام الرجال الذين ليسوا جزءاً من عائلتها المباشرة هو إنتهاك خطير لمبدأ الإيمان وممارسة الشعائر الدينية، وهي لديها اعتقاد يقيني وصادق بدينها ولذلك فطلب إزالة حجابها هو انتهاك واضح لتعاليم دينها. لقد شَعرت بأنها ذليلة للغاية». وبعد أن اضطرت قازان الى خلع حجابها من أجل إلتقاط صورة لها، قيل لها انها لا تستطيع وضعه مرة أخرى على رأسها طالما هي قيد الإعتقال.
ويصادف ان هذا الحادث هو جزء من سلسلة احداث وقعت، تنضح بالتمييز العنصري الذي اتهمت به بلدية ديربورن هايتس وقسم الشرطة التابعة لها. ففـي أواخر عام ٢٠١٤، قدمت «رابطة الحقوق المدنية العربية الأميركية» (ACRL) دعوى قضائية ضد البلدية مدعيةً أن عناصر الشرطة يفتقرون إلى التدريب على التعدُّدية والتنوع وبانهم يتعاملون مع المسلمين الأميركيين «كمواطنين من الدرجة الثانية».
بدوره دعا المحامي مقلد قائد الشرطة فـي ديربورن هايتس لي غافن لتأمين التدريب على التنوع بشكل مكثف داخل الشرطة «ليعكس على نحو أفضل السكان المتعددي الثقافة واللغة فـي المدينة. ومن الواضح بالنسبة لي أن البلدية تحتاج إلى مزيد من التدريب على التعدُّدية والتنوع وهناك حاجة إلى مزيد من التنوع كذلك داخل قسم الشرطة، كما تحتاج الإدارة لإعادة النظر فـي سياساتها والتفكير فـي خدمة الهيئات المكونة للنسيج الإجتماعي فـي المدينة».
عناصر الشرطة الذين اعتقلوا قازان وقاموا بحجزها لم يتم تحديدهم بعد. وقد تم فـي الدعوى إدراج البلدية وقسم الشرطة التابعة لها وعناصر الشرطة الذين قاموا بحجز قازان ورئيس الشرطة غافن كمتهمين فـي القضية.
وقالت قازان فـي حديثٍ مع «صدى الوطن» إنها تريد أنْ تحدِث سابقة من خلال الإهانة التي تعرضت لها حتى لا يتم وضع النساء المسلمات الأخريات فـي ظروف مماثلة مع السلطات الأمنية، وأردفت «أنا بصراحة لا أريد لنساء أخريات أنْ يتعرض لنفس موقفـي هذا، حيث يجبرن على خلع الحجاب أمام رجال غرباء. أنا مستاءة جداً وكان هذا الشعور غير مريح بتاتاً. أنا التزم بحجابي منذ ١٢ عاماً وديني يقول إنني لا يتوجب عليَّ خلعه، انها ليست مجرد قضية دينية فحسب، بل الحجاب هو جزء مني- إنه جزء من ثقافتي وحياتي وهويتي».
وأثنى مقلد على قازان لأن لديها الشجاعة الكافـية التي تدعها للوقوف بثبات والتحدث علناً فـي هذا الموضوع واضاف «هذا يظهر معدنها الأصيل وهي قررت ان تمضي قدماً فـي الدعوى لأنها تريد أن تكون رائدة لهذا التغيير الجديد فـي السياسة التي نحاول تنفـيذها». ويعتقد مقلد ان هناك نساء أخريات فـي المدينة ربما واجهن تجارب مماثلة مع دائرة الشرطة ولكن الأمر قد يكون محرجاً جداً لهن ليظهرن أنفسهن، ويأمل فـي ان تدفع قضية قازان إلى إحداث تغييرات فـي التعامل مع قضايا مماثلة فـي البلديات المحلية الأخرى.
وختم بالقول «نأمل أنْ تصبح هذه الحالة نقطة تحول تتعلم من خلالها الدوائر الأخرى وأنا أعتقد أن هذا حدث لنساء أخريات مقيمات داخل مدينة ديربورن هايتس وإذا كان هناك من النساء من ترغب فـي المضي قدماً فـي أي إجراء مماثل، يرجى الإتصال بي حتى نتمكن من العمل معاً بشكل جماعي لتغيير هذه السياسة».
يمكن الاتصال بالمحامي مقلد على الرقم ٧٩٣٠-٥٨٢-٣١٣ أو عبر البريد الالكتروني على makled.amir@gmail.com.
ديربورن وديربورن هايتس تتجاهل محاولات «كير» السابقة لتغيير هذه السياسة
داوود وليد، المدير التنفـيذي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية فـي ميشيغن (كير-ميشيغن) أبلغ «صدى الوطن» أن «كير» تعاونت بنجاح مع أقسام الشرطة فـي مدينتي هامترامك وكانتون لمراعاة الحجاب أثناء إجراءات الإعتقال، لكن محاولاتها باءت بالفشل فـي كل من مدينتي ديربورن وديربورن هايتس. ووفقاً لوليد، التقت «كير» مع رئيس بلدية ديربورن هايتس، دان باليتكو، ورئيس الشرطة غافـين لمناقشة إقامة تسهيلات دينية قبل عامين تقريباً. كما التقى وفد من «كير» مع كبار المسؤولين فـي دائرة الشرطة بديربورن لمناقشة سياسات مماثلة، ولكن إدارتي الشرطة فـيهما لم تتخذا أي إجراءات لمعالجة الأمر.
وتساءل وليد «لقد حملنا دائرتي الشرطة فـي مدينتي كانتون وهامترامك على تنفـيذ هذه السياسات، ونحن لا نستطيع أن نفهم لماذا لا تفعل الشيء ذاته ديربورن وديربورن هايتس رغم تشاركهما فـي التركيبة السكانية المماثلة؟». وأشار وليد إلى أن الغالبية العظمى من منظمات الحقوق المدنية المحلية تلقت شكاوى مماثلة فيما مضى من النساء المسلمات فـي ديربورن من اللواتي تعرضن أيضاً لمثل هذه المعاملة التمييزية. ومع ذلك، فإنه ليس من الشائع ان يتم القبض على امرأة محجَّبة ، وهذه واحدة من الأسباب لماذا بقيت المسألة معلقة بلا حل. وأردف «كل بلدية لها سياسات تنفـيذية فـي إداراتها، وفـي النهاية ما الذي يحدث إذا لم تنفذ هذه السياسات، هو محاولة الطعن فـيها فـي المحاكم. هذه القضايا العدلية يمكن أن تصل حتى إلى المحكمة العليا فـي الولاية وعندها تقرر المحاكم إلزام إدارات الشرطة بالتنفـيذ فـي جميع أنحاء الولاية». واستطرد وليد «أحياناً قد تخضع منظمات الحقوق المدنية لانتقادات من أعضاء الجالية بسبب دفاعها عن النساء المسلمات الذين هم «مجرمات» أو الذين يضفون على الدين اسماً سيئاً. لذا يحتاج السكان إلى أن يأخذوا فـي الإعتبار أن كل شخص يُقبض عليه هو بريء حتى تثبت إدانته». وخلص وليد إلى القول «نحن لسنا فـي بلد يقع فـيه الأشخاص فـي قبضة الشرطة ثم تقوم سلطة إنفاذ القانون بإساءة معاملته فـي الحجز. هذا ردي على الناس فـي الجالية من الذين يواجهون مثل هذه الحالات، فمجرد القبض عليك لا يعني أنك مذنب، فحتى الشخص المجرم، لا يزال لديه بعض الحقوق الممنوحة له».
Leave a Reply