إستنكاراً للضربة الجوية الأميركية المحتملة على سوريا، قام أكثر من مئة شخص من أبناء الجالية العربية بمسيرة إحتجاج إبتدأت في منتزه «غراند سيركس» وانتهت بمهرجان خطابي عقد في ساحة «هارت بلازا» الواقعة في الوسط التجاري لمدينة ديترويت بمشاركة عشرات الأميركيين الرافضين للحرب.
وقد تمكن منظمو المسيرة ومن ضمنهم «لجنة طوارئ ميشيغن ضد الحرب واللاعدالة»، من جذب جمع تعددي عرقي متنوع من الجاليات التي تقطن ديترويت، كان قادراً على إرسال رسالة واضحة وبصوت مسموع ضد الحرب عبر الهتافات التي طالبت «برفع اليد عن سوريا» والكف «عن بدء أي حروب جديدة».
والقيت في المهرجان خطابات من ضمنها خطاب لرئيس اللجنة أبايومي أزيكوي، ومايكل هيني البرفسور المساعد للعلوم السياسية في «جامعة ميشيغن»، وناشر صحيفة «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني،، والسياسي البريطاني المشهور عالمياً جورج غالاوي الذي خاطب الجمهور باتصال عبر خدمة «سكايب» للبث المباشر.
وفي كلمته طالب غالاوي الولايات المتحدة أن تنفق مليارات الدولارات التي ستهدرها في الحرب، على الإقتصاد الذي يمنع تطور الأميركيين بشكل يومي مذكراً بمتاعب ديترويت المالية وإعلان إفلاسها.
وقال غالاوي «إذا كان لدى الولايات المتحدة المال لكي تنفقه، فعليها أن تستعمله في ميشيغن من أجل حل معضلة البطالة الضخمة، والفقر المدقع وخسارة المالكين لبيوتهم بأعداد كبيرة. إذا كانت عند الحكومة الأميركية أموال طائلة لا تحرقها النيران، فلتصرفها على شعبها».
كذلك أشار غالاوي في كلمته التي أذيعت عبر مكبرات الصوت وترددت في أرجاء «هارت بلازا»، إلى المفارقة في الموقف الأميركي الذي يدعم المتمردين في سوريا «في حين أن مصادر موثوقة تستمر في إدعائها بأن أعضاء المعارضة السورية مرتبطون بتنظيم «القاعدة».
وتصادف هذا الأسبوع الذكرى الثانية عشرة لهجمات أيلول (سبتمبر) الإرهابية التي أعقبتها مباشرة إعلان إدارة الرئيس السابق جورج بوش أن تنظيم «القاعدة» هو المسؤول عن هذا الاعتداء الإرهابي.
وبمناسبة الحديث عن بوش، فإن إسمه كان حديث الساعة في المهرجان وتردد على السنة الخطباء من زاوية أن إصرار الرئيس باراك أوباما الحالي لإقناع الرأي العام الأميركي المشكك بأن الرئيس السوري بشار الأسد إستخدم الأسلحة الكيميائية ضد شعبه من دون دليل قاطع، هو منطق مألوف ومجرب سابقاً وأدى في النهاية إلى غزو العراق عام 2003.
وتطرق إلى هذه النقطة أبايومي أزيكوي فقال «نحن لسنا بحاجة إلى كارثة إضافية في الشرق الأوسط. كل ما علينا فعله هو تذكير أنفسنا بما حصل منذ عشر سنوات عندما أطلقت الأكاذيب من أجل تبرير وتعليل الحرب ضد العراق والتي تسببت بقتل أكثر من مليون نسمة وتهجير أربعة ملايين شخص».
وتحدثت المواطنة السورية الأميركية جيسيكا حداد فقالت إن غالبية أبناء الجالية السورية لا يؤيدون التدخل العسكري الأميركي في بلدهم. وذكرت حداد أن مايحدث في سوريا لا يجب وصفه «بحرب أهلية» بل هو أقرب إلى «الغزو» في إشارة منها الى تدفق المسلحين العرب والأجانب الى بلادها.
وأضافت «أن دعم المتمردين (في سوريا) هو بالتالي دعم لأولئك الذين هاجمونا في 11 أيلول (سبتمبر) وهذا لا يجوز على الإطلاق. إن الموقف الوطني هو رفع الدعم عن «القاعدة» وعدم الدفع تجاه الحرب». وتساءلت «ما الذي يجعلكم تعتقدون أنهم «القاعدة» لن يفعلوا نفس الشيء مع كل المال الذي يتدفق عليهم الآن؟ ما الذي يجعلكم تعتقدون بأنهم لن يهاجمونا مجدّداً؟».
كما أن التواجد الكثيف للعرب الأميركيين، ماثَلَهُ تواجد للأميركيين الأفارقة أيضاً، الذين دعا بعضهم الرئيس أوباما إلى التركيز على ديترويت بدلاً من الأزمة في سوريا. إحدى هؤلاء المطالبين كانت أندريا إيجبت التي صرحت لـ«صدى الوطن» بعد المهرجان أن حماس الجالية السوداء تجاه أوباما قد خفت كثيراً في الأشهر القليلة الماضية لأنه لم يذكر ولامرة واحدة ولم يقر بإفلاس ديترويت المدينة التي تقطنها أغلبية من الأميركيين الأفارقة.
وقالت إيجيبت «إن الرئيس لم يواجه أي مشكلة متعلقة بالكساد أو القمع أو الفقر الذي يزداد بإضطراد داخل الجالية الإفريقية الأميركية كما قال إنه سيكون رئيساً ضد الحرب لكن وجدناه اليوم رئيساً يحبذ الحرب والبعض قد يظل على دعمه الأعمى له لأنه أسود البشرة ولكن عندما تطلع على ماذا يفعل فإنه يكشف نفسه لنا (…) أنه ليس أكثر من سياسي».
الزميل أسامة السبلاني ناشر صحيفة «صدى الوطن» أكد أن الضربة العسكرية الأميركية ضد سوريا هي بمثابة «إعادة الكرة»، مشيراً إلى غزو العام 2003 للعراق الذي «أدى إلى تمزيق البلد وتهديم بنيته التحتية».
وأضاف الزميل السبلاني «سنفعل نفس الشيء في سوريا حيث لا نملك خطة واضحة… علينا اللجوء إلى الدبلوماسية في سوريا».
مؤيدو الضربة يتظاهرون فـي برمنغهام
وفي إشارة واضحة الى انقسام آراء الجالية العربية، نظمت يوم الجمعة الماضية مسيرة في مدينة برمنغهام بمقاطعة أوكلاند ضمت عدداً من أبناء الجالية السورية عبروا عن وجهة نظر متناقضة مع مسيرة ديترويت. وقد قام حوالي 70 شخصاً من هؤلاء بعقد مهرجان في منتزة «شين» في وسط المدينة حاملين أعلام «الثورة السورية» وأعلاماً أميركية كتب عليها «واشنطن، كفى كلاماً نريد عملاً».
وكان من بين الحشد المؤلف من رجال ونساء وأطفال رشا باشا، سورية أميركية تسكن في «بلومفيلد هيلز»، حيث قالت لصحيفة «ديترويت نيوز» «إن التدخل سوف يكون عاملاً مساعداً وليس سيئاً (لحل الأزمة).. لا أحد يريد الحرب لكنها أفضل مما يفعله الأسد اليوم بقتله للأولاد الأبرياء. وأنا أعتقد أنه عبر التكنولوجيا يمكن تجنب (إصابة) المدنيين قدر الإمكان».
جهاد الحرش وهو طبيب سوري يعمل مع منظمة تؤمّن إعانات طبية للمدنيين في سوريا، أكد بدوره تأييده للضربة الأميركية التي تستهدف المطارات العسكرية، لا الأحياء السكنية»، وقال «أشعرأن لا شيء سيجبر الرئيس السوري بشار الأسد على التوقف عن قتل شعبه من دون الضربة».
كذلك قامت منظمة تطلق على نفسها إسم «سوريا الحرة» ومركزها في مدينة فلنت، عبر صفحتها على الفيس بوك بحض أعضاء الكونغرس الأميركي على التصويت بنعم على الضربة ضد سوريا. ودعت المنظمة «إلى الإتصال الهاتفي والبريدي وإرسال تغريدة ولقاء أعضاء الكونغرس» من أجل حثهم على الموافقة على طلب الرئيس أوباما بتفويضه للقيام بضربة عسكرية ضد نظام الأسد المجرم».
وقالت رئيس المنظمة منى جندي لصحيفة «فري برس» «إنه موقف قاسٍ فعلاً إلا أن الأسد لم يستجب للجهود الدبلوماسية».
ولم تنس جندي أن تذكر «إنني شخص ضد الحرب ولم يرُق لي غزو العراق وأفغانستان لكن القضية هنا مختلفة(…) إننا لا نبدأ حرباً، إننا نحاول إنهاءها… كيف تجبر شخصاً على التفاوض إذا كان هذا الشخص قوياً وفي طريقه للفوز؟».
Leave a Reply