واشنطن – برنامج الرعاية الصحية الذي مررته إدارة أوباما الديمقراطية يبقى محط انتقاد الجمهوريين، الذين أعاقوا عمل الحكومة لأكثر من أسبوعين، هذا الشهر، في محاولة لإلغائه أو تأجيله. رُفع سقف الدين واستأنفت الحكومة الفدرالية عملها دون الإستجابة لطلب الجمهوريين بتعليق قانون «أوباما كير»، لكن «مشاكل تقنية» كانت كفيلة بإعادة طرح الموضوع بعد انتقادات الجمهوريين لأعطال الصفحة الإلكترونية المخصصة للنظام الجديد.
وفي خطوة تهدف الى حفظ ماء وجه الحزب بعد التراجع الحاد في شعبيته جراء أزمة الإغلاق الحكومي، طالب الجمهوريون الثلاثاء الماضي الرئيس باراك أوباما بإرجاء موعد تطبيق قانون إلزامية الضمان الصحي اعتبارا من 2014، وذلك بسبب الخلل في عمل موقع الانترنت المنصوص عليه في صلب مشروع اصلاح النظام الصحي.
وأوضح السناتور الجمهوري ماركو روبيو لشبكة تلفزيون «سي بي أس» الثلاثاء ان «القانون ينص بوضوح على أن الذين لن يكونوا قد سجلوا أنفسهم للاستفادة من تغطية صحية، العام المقبل، سيتوجب عليهم ان يدفعوا أموالا، بمثابة غرامة، لمصلحة الضرائب الأميركية». وقال الجمهوري «من الظلم معاقبة الناس لأنهم لم يشتروا منتجاً يعجزون عن شرائه اليوم لأن التكنولوجيا لا تعمل بشكل جيد ذلك أن الانترنت الذي يتعين عليهم استخدامه لشراء هذا المنتج لا يعمل، بشهادة الرئيس نفسه». وأضاف «وبالتالي فإني ادعو بكل بساطة الى إرجاء هذا الواجب الى حين تأكيد المكتب المكلف بتدقيق حسابات الادارة ان الموقع قد تم انشاؤه وبات يعمل وعمل طيلة ستة أشهر متتالية».
واعتباراً من كانون الثاني (يناير)، سيكون كل الاميركيين مجبرين قانونا بأن يكونوا مضمونين صحياً. والخمسون مليون أميركي غير المضمونين حاليا بات بإمكانهم نظريا منذ الاول من تشرين الاول (أكتوبر) الدخول الى الانترنت لاختيار تغطية صحية ذات كلفة تتوافق مع عائداتهم.
لكن بعد ثلاثة أسابيع من إطلاق هذه العملية، ما زالت مواقع الانترنت تعاني من قصور تقني يحول دون تمكن الناس من تسجيل اسمائهم او حتى الاطلاع على الخيارات المتوافرة. وأعلن أريك كانتور زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأميركي الاثنين «اذا كان من المستحيل الدخول الى موقع أوباما كير»، فان تعليق مفعول الغرامة ضد الذين لم يتسجلوا ينبغي أن لا يثير جدلا».
وأقر باراك أوباما الاثنين الماضي بأن الموقع بطيء ووعد بمعالجة الأمر. لكن البيت الابيض لم يعلن إرجاء تطبيق الزامية الضمان الصحي. وقال المتحدث باسم الرئاسة الأميركية جاي كارني «أولاً، لا يزال الوقت مبكراً بالنسبة الى الإجراء. نتحدث عن موعد نهائي في 15 شباط (فبراير) أو 31 آذار (مارس)، ونحن اليوم في 21 تشرين الأول (أكتوبر)».
إلا ان كارني ذكر بأن القانون ينص على أن أي شخص لا يتمكن من الدخول الى الانترنت لأسباب مختلفة، من اجل الحصول على تغطية بكلفة مقبولة، لن يتعرض للغرامة.
تراجع صورة الجمهوريين الى ادنى مستوياتها
ويحاول الجمهوريون استعادة الزخم السياسي، بعد أن تراجعت سمعة الحزب الجمهوري الى ادنى مستوى تاريخي لها اثر ازمة الشلل في الميزانية الاميركية، فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «أي بي سي» أن قرابة ثلثي الأميركيين (63 بالمئة) لديهم رأي سلبي تجاه هذا الحزب مقابل 32 بالمئة لديهم رأي ايجابي، وهو أدنى مستوى تاريخي. ونشأت أزمة الميزانية بفعل تصلب موقف «تيار الشاي»، الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري، وذلك بربطه الموافقة على اقرار الميزانية بتعطيل نظام الرعاية الصحية الجديد «أوباماكير».
وبعد 16 يوماً من الشلل الجزئي للدولة الفدرالية، أقر الكونغرس في اللحظات الاخيرة تسوية في الميزانية ورفعاً لسقف المديونية، ما أبعد -مؤقتاً- شبح تخلف الولايات المتحدة اكبر اقتصاد في العالم عن سداد مستحقاتها.
ورغم الخسارة السياسية للتيار المحافظ، إلا أنه لا يزال يلقى شعبية واسعة في أوساط الأميركيين البيض الرافضين لتضخم دور الحكومة. وبحسب هذا الاستطلاع فإن ربع الاميركيين لديهم رأي ايجابي بهذا التيار رغم أزمة الميزانية.
مع ذلك، لم يخرج الحزب الديمقراطي بزعامة باراك أوباما من دون خسائر، فأكثر من 60 بالمئة من الاشخاص المستطلعة آراؤهم يعارضون الطريقة التي قام بها الديمقراطيون بالمفاوضات المتعلقة بالميزانية وقد بلغت الآراء السلبية تجاه الديمقراطيين مستوى قياسياً عند 49 بالمئة. ويحمل أكثر من نصف الأميركيين (53 بالمئة) الحزب الجمهوري مسؤولية الأزمة، و29 بالمئة منهم لأوباما و15 بالمئة يحملونها بالتساوي للطرفين.
الصفحة الإلكترونية لبرنامجه الصحي
أحد أكبرِ عناصرِ برنامج الرعاية الصحية، والذي دخل حيز التنفيذ هذا الشهر هو موقع healthcare.gov والذي هو عبارة عن سوق إلكترونية يسمح للأميركيين غير المؤمنين بتصفح الخيارات المتاحة لهم ومقارنتها وشراء التأمين الذي يناسبهم. الإدارة تقول إن سبب المشاكل هو الضغط الناتج عن لهفة الناس لشراء التأمين.
هناك أكثر من 20 مليون زائر للصفحة وحوالي نصف المليون حاولوا شراء التأمين الصحيِ من خلالها، منهم أشخاص مثل ويل ويلسون وهو ناشط يعاني من مرض الإيدز وليس لديه تأمين صحي «هذه الأيام من غير الواقعي الاعتقاد بأن الأميركيين سيعملون في وظيفة واحدة لمدة خمسين عاما، بل نحن ننتقل من وظيفة إلى أخرى، وبالتالي لا يمكن أن نعتمد على وظيفة ثابتة لتوفر لنا الرعاية الصحية». أما الجمهوريون فوجدوا في المشاكل التقنية منفذاً لانتقاد الديمقراطيين. وطالب عدد منهم وزيرة الصحة كاثلين سابيليوس بالاستقالة.
جون ماكين، وهو عضو مجلس شيوخ جمهوري، وصف في مقابلة على قناة «سي أن أن» البرنامج «بالإخفاق التام» وقال مازحاً إن على أوباما أن يرسل طائرته لتنقل أذكياء وادي السيليكون (كاليفورنيا) من عباقرة التكتولوجيا، ليصلحوا الصفحة الإلكترونية. وأضاف قائلا «إنه أمر مثير للسخرية والكل يعرف ذلك».
فيما قال أوباما في مؤتمر صحافي في حديقة البيت الأبيض إن بإمكان الأميركيين استخدام الهاتف للحصول على نفس المعلومات، وقال إن لديهم أشهرا قبل الموعد النهائي لشراء التأمين «إن الجمهوريين جعلوا من معارضة برنامج الرعاية الصحية خطتهم الوحيدة، بل هو الهدف الوحيد الذي يوحدهم وهم أغلقوا الحكومة من أجل ذلك والآن جعلوا من انتقاد الصفحة الإلكترونية أولوية».
وتصر إدارة أوباما على أنها تعمل على قدم وساق لإصلاح المشاكل التقنية، مشيرة إلى أنه عنصر واحد فقط من البرنامج الذي يهدف إلى تخفيض سعر التأمين وتوفيره للجميع.
Leave a Reply