عماد مرمل – «صدى الوطن»
يتابع الفلسطينيون في لبنان بدقة واهتمام تطورات الوضع الساخن في المنطقة، بالنظر إلى انعكاساتها المباشرة على القضية الفلسطينية، وبالتالي على مستقبل اللاجئين في المخيمات.
وما يزيد من منسوب الترقب لدى الفصائل الفلسطينية اقتناعها بأن كل ما يجري يصب في اتجاه تحضير المسرح الإقليمي لاستقبال صفقة القرن التي يستعد الأميركيون للإعلان عنها قريباً.
وانطلاقاً من هذه المقاربة، تعتقد القوى الفلسطينية المنخرطة ضمن محور المقاومة، وفي طليعتها حركة «حماس»، أن الضغط الأميركي المتصاعد على إيران وصولاً إلى التلويح بشن حرب عليها في هذا التوقيت تحديداً، إنما يهدف إلى إضعافها وتقليم أظافرها لتسهيل عبور صفقة القرن، باعتبار أن طهران التي تحتضن محور المقاومة وتقدم له كل أنواع الدعم، تشكل بالنسبة إلى واشنطن وحلفائها الإقليميين العقبة الأساسية أمام تمرير الصفقة التي يبدو أنها تحظى بموافقة ضمنية من بعض الدول الخليجية.
تدرك الولايات المتحدة أن محور المقاومة بكل مكوناته يمثل قوة وازنة تستطيع أن تعرقل مسار صفقة القرن، وهي تفترض أنها إذا نجحت في تعطيل الدور الإيراني عبر العقوبات وشبح الحرب، فإنها تكون بذلك قد ضربت «محطة الإنتاج» التي تمد قوى المقاومة في المنطقة بالطاقة.
من هنا، تشعر فصائل المقاومة الفلسطينية بأنها معنية مباشرة بالتهديدات الأميركية التي تتعرض لها إيران وباحتمال نشوب حرب في الخليج، كون مصير القضية الفلسطينية سيكون على المحك، وبالتالي هي تتصرف على أساس أنها شريكة لطهران في السراء والضراء، وليست مجرد مراقب للأحداث.
لقاء موسّع
على هذا الأساس، جرت خلال الأيام الماضية في بيروت مشاورات مكثفة بين الفصائل الفلسطينية التي عقد ممثلوها اجتماعاً موسعاً استضافته قيادة «حماس»، وخُصص للبحث في وضع المنطقة على وقع التهويل الأميركي، إلى جانب واقع المخيمات في لبنان، لاسيما بعد تنفيذ الاتفاق المتعلق بمخيم «المية ومية» قرب صيدا، والذي تم بموجبه إلغاء المظاهر المسلحة في المخيم وجمع سلاح الفصائل في المستودعات.
حضر اللقاء ممثلون عن فصائل التحالف الذي يضم «حماس»، «الجهاد»، «الجبهة الشعبية- القيادة العامة»، «الصاعقة»، «فتح الانتفاضة»، «جبهة التحرير الفلسطينية»، «الحزب الشيوعي الفلسطيني»، و«جبهة النضال الشعبي»، مع الإشارة إلى أن اللقاء التأم على المستوى القيادي، ما استلزم انتقال عدد من قادة الفصائل من دمشق إلى العاصمة اللبنانية لحضوره.
واتفق المجتمعون على تشكيل وفد مشترك للاجتماع مع «حزب الله» والقيادة الإيرانية بغية الاطلاع منهما على تصورهما للمسار الذي يُرجح أن تسلكه المنطقة، وصولاً إلى تنسيق المواقف والخيارات إزاء أي سيناريو تصعيدي.
في جوهر الصراع
وأكد مصدر في حماس لـ«صدى الوطن» أن قوى المقاومة الفلسطينية لن تقف على الحياد إذا وقعت مواجهة عسكرية بين طهران وواشنطن أو بين «حزب الله» وإسرائيل، بل ستنحاز حتماً إلى جانب حلفائها الإيرانيين واللبنانيين، لأن جوهر الصراع يتصل بالقضية الفلسطينية وبخيارات الحزب والجمهورية الإسلامية الداعمين لحقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة محاولات تصفيتها.
ويحذر المصدر من استهدافات المؤتمر الاقتصادي الذي دعت واشنطن إلى عقده في البحرين في 25 و26 حزيران المقبل، بمشاركة إسرائيل، تحت مظلة «السلام من أجل الازدهار»، لافتاً إلى أن الغاية منه تحقيق التطبيع الاقتصادي بين العرب والاحتلال، في إطار التوطئة لصفقة القرن.
ويؤكد المصدر أن أية محاولة لنزع السلاح الفلسطيني من المخيمات في لبنان ليست في محلها الآن، ربطاً بالظروف السائدة، مشيراً إلى أن المنطقة تغلي فوق صفيح ساخن، والتوتر بين إيران والولايات المتحدة مفتوح على كل الاحتمالات وأية مواجهة بينهما قد تستتبعها حرب بين إسرائيل ومحور المقاومة، كما أن صفقة القرن قيد التحضير بكل ما تحويه من ضرب لمبدأ الدولة الفلسطينية وحق العودة، وأوضاع اللاجئين في مخيمات لبنان صعبة بسبب حرمانهم من الحقوق المدنية، فكيف يمكن وسط كل هذه التعقيدات والتحديات أن نوافق على نزع السلاح وإسداء خدمة مجانية لإسرائيل؟
سلاح المخيمات
يشدد المصدر على أن السلاح الموجود في المخيمات لا يجب أن يُستخدم في صراعات داخلية، وهذا أمر محسوم، لكن تبقى هناك حاجة إلى الاحتفاظ به لمواجهة المخاطر الإسرائيلية، مشدداً على أن هذا السلاح سيكون إلى جانب المقاومة في لبنان عند الضرورة.
ويلفت المصدر إلى أن نزع السلاح في هذا التوقيت، ومن دون ضمان عودة اللاجئين، يعني التجاوب مع صفقة القرن التي من شأنها أن تضع المسؤولية الكاملة عن اللاجئين على عاتق الدول المضيفة، لافتاً إلى أن الدولة اللبنانية سترزح عندها تحت أعباء ضخمة، بدل أن تتحملها «الأونروا»، فهل هذا هو المطلوب؟
ويشير إلى أن طاولة الحوار الوطني اللبناني التي انعقدت في مجلس النواب في آذار 2006 توصلت إلى قرار بتنظيم السلاح الفلسطيني وليس نزعه، كاشفاً عن أن حركة «أمل» و«حزب الله» يتفهمان الموقف الفلسطيني على هذا الصعيد.
ويدعو المصدر الدولة اللبنانية إلى التخفيف من وطأة الأوضاع الاجتماعية المزرية في المخيمات لتشجعيها على الخوض في تجربة تنظيم السلاح.
Leave a Reply