لانسنغ – يسعى الجمهوريون الذين يسيطرون على الأغلبية في مجلسي كونغرس ميشيغن، الى إقرار مجموعة قوانين للحد من أعباء الخزينة عبر التضييق على برامج الرعاية الإجتماعية (ولفير) تحت عنواني التصدي لانتشار آفة تعاطي المخدرات ومكافحة تغيب الأطفال والمراهقين عن المدارس. حيث يناقش المشرعون في لانسنغ تطبيق قيود جديدة بواسطة مشروعي قانون. الأول، يفرض على الأسر ذات الدخل المحدود في الولاية اجتياز اختبارات التثبت من عدم تعاطي المخدرات مقابل الإحتفاظ بالإعانات الحكومية، أما الثاني فيربط استمرار الإعانات بعدم تغيب الأبناء عن صفوفهم المدرسية.
فحوص المخدرات
ويقول أنصار مشروع «فحوص المخدرات» إن هذا التوجه يلقى الدعم من قبل العائلات ومن لجان رعاية الأطفال وكبار السن.، حيث يهدف الى حماية أموال دافعي الضرائب من سوء الاستخدام، لكن مناهضي القانون يقولون إن هذه التدابير «غير عادلة» وهي أشبه بعقاب للأسر ذات الدخل المحدود من دون الإلتفات الى مشاكلها الأكثر عمقاً وتعقيداً.
وقد أقرت لجنة في مجلس نواب الولاية صيغة مشروع القانون الجديد ورفعته الى الهيئة العامة للتصويت عليه. ويسمح مشروع القانون الجديد بإجراء اختبارات تعاطي المخدرات للأشخاص الذين يتقدمون بطلب للحصول على مساعدات اجتماعية (الولفير) ضمن برنامج المساعدات المالية للعائلات (فاميلي إندبندنس).
وقال النائب الجمهوري جيف فارنغتون، من أوتيكا، إنّه قدم مشروع القانون بعد الاستماع من بعض مكونات المجتمع الذين يشعرون بالقلق من استخدم أموال دافعي الضرائب لشراء المخدرات. ونفى فارنغتون أن يكون هدف مقترحه حفظ المال العام فحسب، بل لمساعدة أولئك الذين يحصلون على المساعدات الاجتماعية في أن «يبقوا نظيفين وبعيدين عن المخدرات».
وقد ضغط حاكم الولاية، الجمهوري ريك سنايدر، لإدخال تعديل على مشروع القانون هذا، ينص على إعطاء فرصة للذين يتبين أنهم يتعاطون المخدرات. فحسبما قال فارنغتون، يسمح مشروع القانون للأشخاص الذين تكون نتائج اختبارات المخدرات إيجابية (أي أنهم يتعاطون المخدرات) بأن يحالوا إلى مراكز علاج الإدمان، دون حجب المساعدات الاجتماعية عنهم طوال فترة العلاج.
ويوضح فارنغتون أنه إذا انقطع متلقو الإعانات عن العلاج أو كانت نتائج اختباراتهم إيجابية للمرة الثانية، سيتم حجب المساعدات المالية التي يتلقونها «لأنهم يكونون بذلك قد فوتوا فرصتهم للعودة الى الطريق الصحيح، ويذلك لا يستحقون الحصول على المساعدات النقدية».
أما معارضو المشروع، فيرون أنه يمثل انتهاكاً صارخاً للخصوصية، على حد وصف كاساندرا ووكر، وهي ناشطة نسائية في مجال الدفاع عن حقوق الأمهات في غرب مدينة ديترويت. وقالت الناشطة التي حصلت بنفسها سابقاً على إعانات الرعاية الاجتماعية لمدة أربع سنوات، إن مشروع القانون هذا هو بمثابة انتهاك لشخصية الفقراء والحق بحماية الخصوصية.
وبدورها أبدت غيلدا جايكوبس، الرئيس والمدير التنفيذي لـ«رابطة ميشيغن للسياسات العامة»، استغرابها لمشروع القانون في تصريح لصحيفة «ديترويت فري برس»، قالت فيه إنها لا تفهم «الدافع وراء هذا المشروع… إذ يبدو أنه مجرد عقاب للمستفيدين من الرعاية الإجتماعية».
وأشارت جايكوبس الى أنّ معالجة مشاكل تعاطي المخدرات «أمر مهم» وأقرت بأن الناس يقومون في كثير من الأحيان بإختبارات المخدرات قبل البدء في عمل جديد، لكنها قالت يجب على الولاية ضمان أن مراكز علاج تعاطي المخدرات ممولة ومجهزة جيدا حتى لا يفقد الناس المساعدات لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على المساعدة والرعاية التي يحتاجونها عملياً.
تغيّب الأبناء عن المدارس
هناك مشروع قانون آخر يتداوله النواب في لانسنغ تحضيراً لرفعه الى مجلس الشيوخ. المشروع الثاني المثير للجدل يقضي بحرمان العائلات من فوائد ومساعدات برنامج استقلال الأسرة «فاميلي اندبندنس» إذا كان لديهم طفل أو شاب دون سن 16 لا يداوم في المدرسة وفق الشروط التي تحددها المنطقة التعليمية التي ينتمي اليها.
وسنايدر الذي وصف مؤخراً النظام التعليمي في ميشيغن والولايات المتحدة عموماً بـ«المحطم»، يبقى ضمن أولوياته إدخال إصلاحات إضافية الى مدارس ميشيغن «بهدف رفع المستوى التعليمي لأطفالنا وضمان استمرار التعليم محركاً رئيسياً لمساعدة أطفالنا لتجنب الفقر في أجيال المستقبل». وفي هذا السياق، يقدم الحاكم الجمهوري دعمه الكامل لمشروع القانون الذي من شأنه أن يكون ذات فائدة في مكافحة التغيب عن المدرسة على مستوى الولاية، حسبما جاء في بيان للمتحدث باسم وزارة التربية في الولاية، دايف أكرلي. فبرأي إدارة سنايدر يهدف مشروع القانون هذا الى توفير حافز للأهالي لإرسال أطفالهم إلى المدارس.
وفي هذا الخصوص، تشير ووكر الى أنّ الآباء أحيانا لا يسيطرون على أبنائهم المراهقين ولا يعلمون ما إذا كانوا يداومون في المدرسة أم لا، وقالت إنه بموجب مشروع القانون الجديد «إذا تغيب الطفل أياماً عدة عن مدرسته، سيحرم جميع أفراد الأسرة من المساعدات»، معتبرة أن «ليس لهذا الإجراء أي معنى».
وبدورها، قالت جايكوبس إن «التغيّب المفرط عن المدرسة ليست حكراً على فئة اجتماعية اقتصادية واحدة وبالتالي لا ينبغي أن تعامل على أنها فقط قضية للأسر ذات الدخل المحدود». أما «إذا كنا نريد حقا معالجة استمرار غياب الأطفال عن مدارسهم، فهناك طرق أخرى للقيام بذلك، غير أسلوب العقاب» بحسب الناشطة في مجال مكافحة الفقر، ليزا روبي، التي أكدت، أمام جلسة نيابية في لانسنغ، أن هناك برامج مبتكرة تجعل الأطفال يودون الذهاب الى المدارس، مشيرة الى عدم وجود ضرورة لحجب المساعدات.
مؤيدو المشروع يؤكدون أن ليس المقصود من هذا الإجراء معاقبة أسر أو الحفاظ على أموال الولاية، «بل إننا نريد إنقاذ الأطفال، وإنقاذ الأرواح ووضع الأطفال في أفضل وضع ليكونوا ناجحين» بحسب النائب الجمهوري آل بشولكا، من ستيفنسفيل.
لكن في المقابل تؤكد ووكر أن لديها مخاوف بشأن التأثير الذي قد ينجم عن القانونين بحال إقرارهما (فحص المخدرات وتحفيز الحضور الى المدارس) وتقول انها تخشى أن ينعكس الأمر سلباً على الأسر التي تحتاج فعلاً إلى دعم الولاية للاستمرار في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة «فهناك من يحتاجون فعلا الى مد يد العون اليهم».
Leave a Reply