واشنطن – سعيد عريقات
تقدمت الأسبوع الماضي مجموعة من أعضاء الكونغرس الأميركي بشقيه النواب والشيوخ، وعن الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بمشروع قانون يسمى «التوعية بمعاداة السامية» من أجل ما أسموه مكافحة «ازدياد معاداة السامية» في المدارس والجامعات في جميع أنحاء البلاد، في خطوة تهدف إلى منع وتجريم انتقاد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وحملات المقاطعة التي تعتبر الجامعات إحدى أبرز ساحاتها.
ويوجه المشروع المسمى بـ«قانون التوعية بمعاداة السامية» وزارة التعليم الأميركية لاستخدام تعريف مقبول على نطاق واسع لمعاداة السامية عند تحديد ما إذا كانت التحرشات أو التمييز الذي يحتمل أن ينتهك قانون مكافحة التمييز الأميركي، بما يشمل حملات انتقاد إسرائيل وممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك النشاطات الاخرى التي «تستهدف إسرائيل» مثل حركة «مقاطعة، وسحب الاستثمارات ومعاقبة إسرائيل» المعروفة بـ«بي دي أس» BDS.
ويقول المشرعون رعاة المشروع وهم النواب: بيتر ج. روسكام (جمهوري عن ولاية إيلينوي)، وتيد دوتش (ديمقراطي عن ولاية فلوريدا)، ودوغ كولينز (جمهوري عن ولاية جورجيا)، وجيرولد نادلر (ديمقراطي عن ولاية نيويورك). ومن مجلس الشيوخ: السناتوران تيم سكوت (جمهوري عن ولاية ساوث كارولاينا)، وبوب كيسي (ديمقراطي عن ولاية بنسلفانيا)، إنه «وفقاً للتقارير الأخيرة، فقد ارتفعت الهجمات المعادية للسامية في حرم الجامعات بشكل حاد في السنوات الأخيرة. ولسوء الحظ، تفتقر الإدارة إلى توجيه قوي حول كيفية تعريف معاداة السامية. من خلال تدوين تعريف معاداة السامية الذي تبناه المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأميركية لرصد ومكافحة معاداة السامية».
ويضيفون «هذا التشريع سيمكن وزارة التعليم من حماية الطلاب من الأشكال الأكثر غدراً وحداثة لمعاداة السامية».
ويدعي المتقدمون بالمشروع أن هذا التشريع لن يقلل أو ينتهك التعديل الأول في الدستور الأميركي (حرية التعبير) لأي فرد أو الحرية الأكاديمية للمؤسسة التعليمية، وبدلاً من ذلك فإنه سيزود مكتب الحقوق المدنية التابع لوزارة التعليم بمبدأ توجيهي لتحديد ما إذا كانت الحالات التي ارتفعت بالفعل إلى مستوى التمييز القابل للتنفيذ، مدفوعة بمعاداة لليهود».
ويقول النائب دويتش وهو من السياسيين الأميركيين المقربين لمنظمة اللوبي الإسرائيلي «إيباك» ويعتمد على دعمها المالي والتنظيمي في شن حملاته الانتخابية «لقد سمعنا الكثير من القصص من الطلاب اليهود عن معاداة السامية التي يواجهونها في المدارس والحرم الجامعي كل يوم».
وأضاف «الطلاب اليهود، مثل طلاب أي دين، لا ينبغي أن يعيشوا في خوف من هجمات بسبب دينهم. لا يجب عليهم الخوف من ارتداء الرموز اليهودية أو التعبير عن دعمهم لإسرائيل. وبينما نعمل على مكافحة جميع أشكال التمييز والكراهية، يجب على الكونغرس العمل لحماية الطلاب اليهود في الحرم الجامعي، وهذا التشريع من شأنه أن يساعد إدارة التعليم على وقف هذا الاتجاه المزعج».
حرية التعبير
ويخشى مناصرو حق الفلسطينيين في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي أو الذين يؤيدون حركة «بي.دي.أس» لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، من احتمال استخدام القانون في صيغته الحالية كأداة للحد من نشاطاتهم، ومن حق تأييد النضال الفلسطيني من أجل الحرية والخلاص من الاحتلال، خاصة في الجامعات، كون صيغة القانون تترك المجال مفتوحاً لتفسيرات تمس بحق المواطنين الدستوري في ممارسة حرية التعبير في ما يخص انتقاد الممارسات الإسرائيلية أو المطالبة بمحاسبة الاحتلال على اعتداءاته.
وقالت لارا فريدمان، رئيسة «المؤسسة من أجل السلام في الشرق الأوسط»: «ليست هناك علاقة لهذا التشريع بمحاربة معاداة السامية، التي هي مشكلة حقيقية جداً ومنتعشة عبر الولايات المتحدة، بل بدلاً من ذلك، فإن هذا التشريع يتعلق باستغلال المخاوف بشأن معاداة السامية من قبل مؤسسات الأمن والرقابة لاستهداف الذين يتوجهون بالنقد لإسرائيل، وهو نشاط يجب أن يكون محمياً من قبل الدستور».
وتضيف فريدمان «إذا تم تمرير هذا المشروع ليصبح قانوناً، فإنه سيبدد حرية التعبير على الفور في الجامعات الأميركية، منتهكاً حقوق التعديل الأول للطلاب والأساتذة. وبالنظر إلى لأمام، فإن التعريف المسيَّس لمعاداة السامية، الذي هو في صميم هذا التشريع، من المحتمل أن يصبح أساساً لمزيد من القوانين المصممة لنزع الشرعية على نطاق أوسع، بل وحتى تجريم النقد والنشاط بما يخص (انتقاد) إسرائيل، مع وجود آثار بعيدة المدى على حرية التعبير لجميع الأميركيين».
من جهته، قال «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية– (أي.سي.أل.يو) في بيان الأسبوع الماضي رداً على مشروع القانون إن «مشروع القانون المقترح يخاطر بتجميد الكلام المحمي دستورياً، من خلال مساواة غير حقيقية مع نقد إسرائيل لمعاداة السامية» على اعتبار أن خصوصيات التعريف تمنع الطلاب من المشاركة في انتقادات شرعية للممارسات الإسرائيلية.
وتدعي جماعات الضغط اليهودية الأميركية النافذة التي تدعم مشروع القانون، وفي مقدمتها «رابطة مكافحة التشهير» (أي دي أل) و«اللجنة الأميركية الإسرائيلية للعلاقات العامة (آيباك)، و«اللجنة الأميركية اليهودية» و«الاتحاد اليهودي في أميركا الشمالية»، أن «الكثير من العداء لليهود في الحرم الجامعي يتخفى حالياً عن الاحتجاجات المعادية لإسرائيل»
Leave a Reply