“مش غلط” أن يمر افتتاح معرض بيروت للكتاب مررور الكرام ولا يأخذ حقه الكافي من المتابعة، أو حتى المشاركة.
لأن أمة “اقرأ” لا شأن لها بالقراءة؛ فثلث السكان أميون عنوةً نتيجة تعسّف الحكام (الأميين اصلاً)، والثلث الثاني قابع تحت رحمة الفقر فتراه يقضي معظم نهاره وبعضاً من ليله راكضاً وراء رغيف الخبز (نتيجة تعسّف الحكام)؛ وبعض الباقين جهلة بالاختيار، فقد أخذ فيهم الترف الى حد القرف حيث أخذ يتعاطى مع الكتاب (أي كتاب) على أنه جسم دخيل، وراح يتعاطى كل المضادات الحيوية المتوفرة لدرء هذا المرض من تلفزيون وإنترنت.. والقائمة تطول؛ وهناك القلة الذين أصبحوا الشواذ، والذي يصبح من الغلط حتى ملاحظتهم أو الاستماع اليهم في عتمة الجهل هذه.
“مش غلط” أن تطبع بيروت عاصمة النشر العربية ربع ما تطبعه طهران عاصمة “الرجعية” (حسب زعم الكثيرين)، أو نصف ما تطبعه أنقرة عاصمة العلمانية والانفلات “الحضاري”؛ والمضحك المبكي في الموضوع أن سكان البلدين لا يوازي نصف عدد سكان العالم العربي؛ فبيروت استنزفتها حروبها الطائفية التي صُليت بنارها كل مدننا وأصبحت عنوان حقبة اليوم، وسالت دماء أبنائها على مذبح الحرية بعد ان عانت ما عانت من احتلال جيرانها لها.. بينما نعمت كل من طهران وأنقرة بكل انواع الهدوء الذي أسس لكل انواع الرقي، فأصبحتا رقماً لا يستهان به في عالم الثقافة، وأصبحنا من المستمعين لانجازاتهم “حتى المدبلجة منها”.
“مش غلط” ان تكون فلسطين ضيفة الشرف في المعرض الخامس والأربعين للكتاب؛ لأنه وبكل بساطة لن يكون لبنان (وسبحان مغير الأحوال) ضيف الشرف في معرض القدس رقم ألف.
“مش غلط” ان نفرح لقطر ضيافتها كأس العالم للعام ٢٠٢٢ لأننا نعيش في صحراء ثقافية ومناخية.. فلا مانع من صرف ٥٠ مليار دولار على هذا الحدث، عله ينسينا أطفال السودان والعراق والصومال.. أو حتى محمد الدرة وأخوته الذين يموتون كل يوم.
“مش غلط” أن يُمنع تدريس المسرح والموسيقى في بغداد تماشياً مع قندهار، لانه لا فرق بين عربي وأعجمي..
“مش غلط” أن أترحم على روحي (العربية)، لأنها هربت من واقعي منذ أمد طويل.. بينما الغلط كل الغلط ان أهنئ المسلمين بحلول رأس السنة الهجرية، لأن بني “طائفتي” يرونها بداية لأعظم الأحزان “التي غيرت مسار تاريخنا”..
“يمكن أنا الغلط” لأنني سأجلس اللية لاحتفل بمن تبقى من كتّابنا.. وبمحمد الدرة، سأسهر لأشعل شمعة لروح الحسين الثائرة التي علمتني “اقرأ”.
Leave a Reply