الإسلاميون يفوزون بـ70 بالمئة من مقاعد البرلمان: الثورة انتهت
القاهرة – استهض المصريون ثورتهم المستمرة في الذكرى الأولى لانطلاقها في 25 كانون الثاني (يناير)، بما يخالف توقعات جميع المراقبين، سواء في حجم المشاركة الشعبية، الذي تجاوز مليوني متظاهر، أو في ما يتعلق بمشاركة التيارات الإسلامية ومحاولة فرض سطوتها على ميادين التظاهر، وتأكيد المصريين خيارهم باستكمال الثورة حتى تحقيق أهدافها، وليس مجرّد الاحتفال بها كرنفالياً.
وفي حين تقوم التيارات الإسلامية ببسط سطوتها على الشارع المصري مستغلة نتائج الانتخابات التشريعية، بدأت فعاليات الذكرى الأولى لانطلاقة الثورة، حيث استبق عشرات الآلاف خطة أعدتها جماعة “الإخوان المسلمين” للسيطرة على ميدان التحرير، قبل توافد المتظاهرين إليه.
وتحت أمطار الشتاء النادرة في القاهرة، نصب المتظاهرون، الذين توافدوا إلى الميدان بدعوة من القوى الشبابية الثورية، عشرات الخيام والمنصات، قبل وصول عدد من أعضاء “حزب الحرية والعدالة”، الذراع السياسية لجماعة “الإخوان المسلمين”، لتركيب منصة “الاحتفال بانتهاء الثورة وبدء الحياة النيابية”، وهو أمر أثار حفيظة العديد من المتظاهرين، الذين حاولوا تفكيك منصة “الإخوان”، لكنها سقطت قبل تدخل أي منهم.
وشهدت ذكرى الثورة تظاهرات حاشدة انطلقت في 19 محافظة مصرية، واتفقت جميعها على شعارات مثل “دي مش حفلة… هي ثورة”، و”يسقط حكم العسكر… مصر دولة مش معسكر”.
أما في القاهرة، فوصف كثيرون المشهد بأنه كان أكثر زخما من مشهد يوم جمعة الغضب في 28 كانون الثاني الماضي، حيث تجمع نحو مليوني متظاهر في ميدان التحرير، بعدما تحركوا في أكثر من 20 مسيرة خرجت من كل أنحاء العاصمة، مرتدين أقنعة لعدد من الشهداء بينهم خالد سعيد، مينا دانيال، والشيخ الأزهري عماد عفت.
وعند بداية دخول الثوار للميدان، كانت “الإخوان المسلمين” قد نشرت لجانا شعبية “لتفتيش المتظاهرين وتنظيم الهتافات”، إلا أن المتظاهرين اعترضوا على محاولة الجماعة التحكم بالميدان، وفككوا تلك اللجان الشعبية، واستبدلوها بلجان أخرى، مرددين “مدنية مدنية… لا دينية ولا عسكرية”، الأمر الذي جعل مناصري “الأقلية الإخوانية” في الميدان، وبعدما سقطت منصتهم، يجوبون المنطقة مرددين هتافات ضد الرئيس السوري بشار الأسد الأمر الذي استفز الآخرين المنادين بمواصلة ثورتهم.
وشارك أربعة مرشحين محتملين لرئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى المرشح المنسحب محمد البرادعي في مسيرات تجديد مطالب الثورة. وخرج المرشحان المحتملان عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي في مسيرات قادتها القوى الاشتراكية وائتلافات الثورة من الجيزة وشبرا. كما شارك أيمن نور وعمرو موسى في مسيرات أخرى دعا إليها أنصارهما لتلتقي مع مسيرة أخرى قادها الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي.
وكان لافتاً أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون الدولة مؤقتا، قد بدا مهتما بمتابعة أوضاع التظاهرات، فيما كان رئيس مجلس الوزراء كمال الجنزوري يطلق العديد من التصريحات الصحافية البعيدة تماما عن ما يحدث في شوارع مصر.
وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانا أكد فيه عدم نيته تغيير خطته لتسليم السلطة قبل شهر حزيران (يونيو) المقبل. وأشار المجلس في بيانه إلى أن “عاما كاملا مر على ثورة الشعب في “25 يناير”، ولم يحن الوقت بعد لإعلان حقائق كثيرة لأشهر وأيام ما قبل الثورة حتى لا يقال إننا نتجمل، وعندما نتكلم ستظهر كثير من الحقائق التي تجعل هذا الشعب يزداد فخرا بأبنائه في القوات المسلحة”. وشدد المجلس العسكري، في بيانه، على أنه مصر على المضي قدماً في خطته المعلنة سابقا. وأضاف “اليوم وبعد مرور عام كامل يرفع قانون الطوارئ، وتم انتخاب برلمان الثورة، وقد تولى السلطة التشريعية، وغداً انتخابات الشورى والدستور ورئاسة الجمهورية، حتى نعود بإذن الله لوحداتنا يوم 30 يونيو”. ولقي بيان المجلس العسكري هتافات مضادة في ميدان التحرير وباقي المحافظات متهمة إياه بالتواطؤ مع “الإخوان المسلمين”.
ومن جهتها، أعلنت حركة “6 إبريل” الاعتصام المفتوح في ميدان التحرير وأمام المنطقة الشمالية العسكرية في الإسكندرية، فيما أعلن عدد من الحركات الأخرى بينها “الاشتراكيون الثوريون” و”اتحاد شباب الثورة”، أنها ما زالت تدرس أمر الاعتصام مع باقي القوى، بانتظار اتخاذ موقف سياسي موحد، وإن كانت قوى عديدة قد أعربت عن رغبتها في الاعتصام حتى تنفيذ المطلب الوحيد، تسليم السلطة للمدنيين فوراً.
وفي ما بدا محاولة لاحتواء غضب شـباب الثورة، قرر المشير حسين طنطاوي العفو عن 1959 سجينا كانت صدرت ضدهم أحكام من القضاء العسكري من بينهم المدون مايكل نبيـل الــذي حكـم عليه بالحبس عامين بعد ادانتــه بإهانة الجيش.
كما اصدر المجلس العسكري مرسوما بتعيين كل مصابي الثورة الذين جرحوا في كانون الثاني وشباط الماضيين في وظائف حكومية، لكنه حذّر في الوقت ذاته من أي “فوضى” قد تحدث وقد تؤدي الى زعزعة استقرار البلاد
نتائج الانتخابات
.. والكتاتني رئيساً لمجلس الشعب
وقبل أيام من ذكرى الثورة، وفي مناخ من الاحتقان والانقسام في البلاد، أظهرت النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشعب فوز “الإخوان” والسلفيين بأكثر من ثلثي المقاعد في أول مجلس شعب منتخب في مصر بعد الإطاحة بمبارك.
وفاز “حزب الحرية والعدالة” بـ242 مقعداً بنسبة 47,5 بالمئة من إجمالي مقاعد البرلمان البالغ عددها 498، ثم “حزب النور” السلفي بـ 128 مقعداً (26 بالمئة)، فيما فاز “حزب الوفد” بـ38 مقعداً (7,7 بالمئة)، و”الكتلة المصرية” بـ34 مقعداً (6,9 بالمئة)، والمستقلين بـ20 مقعداً (4 بالمئة)، ثم “حزب الوسط” الإسلامي المعتدل بعشرة مقاعد، و”حزب الإصلاح والتنمية” (التابع للجماعة الإسلامية) بـ9 مقاعد، وتحالف “الثورة مستمرة” سبعة مقاعد، و”الحرية” بخمسة مقاعد، “”حزب مصر القومي” بخمسة مقاعد، و”المواطن مصري” بأربعة مقاعد.
وأصدر المشير طنطاوي مرسوما بتعيين 10 أعضاء في مجلس الشعب من بينهم أربعة أقباط.
وعقد مجلس الشعب أولى جلساته، حيث شهدت الجلسة انتخاب الأمين العام لـ”حزب الحرية والعدالة” سعد الكتاتني رئيسا للبرلمان بعد مشادات بين النواب. وبدأت الجلسة برئاسة النائب الوفدي محمود السقا البالغ من العمر 81 عاماً ووكالة أصغر الأعضاء سناً.
وظهرت الاختلافات بين الأعضاء الجدد منذ اللحظات الأولى. ففي حلف اليمين الدستورية أضاف بعض النواب الإسلاميين جملة “شريعة الله” في نهايته بينما ارتجل بعض شباب الثورة جملاً أخرى.
وارتدى الليبراليون شارات صفراء اللون كتب عليها “نطالب بإنهاء المحاكمات العسكرية للمدنيين”، في حين ارتدى النائب مصطفى النجار وشاحاً يحمل شعار “دم الشهداء لن يضيع هباء”.
وجرت مشادات بين الأعضاء أثناء القسم وبين السقا الذي طالبهم بالالتزام بالنص المكتوب.
وكانت الجلسة قد بدأت بدقيقة صمت وقف فيها الأعضاء حدادا على أرواح “شهداء الثورة”، قبل أن أداء اليمين الدستورية واحدا تلو الآخر.
وفور الإعلان عن فتح باب الترشح لانتخابات رئيس المجلس، قام عصام سلطان النائب عن “حزب الوسط” والمرشح لرئاسة المجلس بطلب الكلمة كي يعرض نفسه على النواب حتى يقوموا بانتخابه ورفض القائم بأعمال رئيس المجلس مما أدى إلى مشادة بينهما.
وكان نحو أربعة مرشحين قد تقدموا لرئاسة المجلس هم يوسف البدري مستقل وسعد الكتاتني عن “الحرية والعدالة” وعصام سلطان عن “حزب الوسط” ومجدي صبري عن “الكتلة المصرية” والذي تنازل لصالح سلطان. واستمرت المشادة إلى أن وافق القائم بأعمال رئيس المجلس بمنح دقيقة واحدة لكل مرشح ليقدم نفسه.
ثم بدأت عملية التصويت من خلال النداء على الأعضاء واحداً تلو الآخر. وقد فاز الكتاتني بأغلبية 399 صوتا بينما حصل عصام سلطان أقرب منافسيه على 87 صوتا. وتعد هذه هي المرة الأولى في تاريخ مصر التي ينتخب فيها قيادي إخواني رئيساً لمجلس الشعب.
Leave a Reply