القاهرة – شهد الأسبوع الأول من مصر ما بعد مبارك، تطورات بارزة، فقد أصدر المجلس العسكري عدة بيانات كان أبرز ما جاء فيها حل مجلسي الشعب والشورى وتعليق الدستور وتشكيل لجنة لوضع دستور جديد، فيما أكد أحد البيانات على التزام المجلس بالاتفاقيات الدولية، الأمر الذي بعث رسالة تطمين الى واشنطن وتل أبيب في إشارة ضمنية الى ”اتفاقية كامب دايفيد”. أما من ناحية الثورة الشبابية، فقد شكل ناشطون من “ثورة 25 يناير”، هيئة قيادية أطلقوا عليها اسم “مجلس أمناء الثورة”، في وقت أعلنت المجموعات الشبابية والسياسية المشاركة في انتفاضة الشعب المصري تأسيس “لجنة تنسيقية” لجماهير الثورة، بغرض الخروج بتصورات مشتركة حول الوضع السياسي في البلاد، وتنسيق التحركات الشعبية المرتقبة.
وضم “مجلس أمناء الثورة”، الذي أعلن عن تشكيله خلال مؤتمر صحافي في القاهرة، كلاً من الدكتور محمد البلتاجي، والدكتور حسن نافعة، وعبد الله الأشعل، وزكريا عبد العزيز، وخالد عبد القادر عودة، والدكتور عصام اسكندر، والإعلامية بثينة كامل، وصفوت حجازي ومنى مكرم عبيد، والإعلامي محمود سعد، ونادر السيد والروائي علاء الأسواني، والكاتب بلال فضل، والعميد صفوت الزيات، وسيف عبد الفتاح وصبحي صالح، والدكتور حازم فاروق. أما شباب الثورة ويشكلون اللجنة المنظمة فهم: أحمد نجيب، وسيد أبو العلا، وحمزة أبو عيشة.
وذكرت موقع صحيفة “الدستور الأصلي” للصحفي ابراهيم عيسى أن خلافات حادة نشبت خلال المؤتمر بسبب رفض عدد من المشاركين أن يكون أعضاء اللجنة ممثلين عن الثورة أو شبابها أو التحدث باسمها، لكن اللجنة سرعان ما احتوت الموقف بإعلانها أنها لا تتحدث باسم أحد، وإنما هي للتنسيق ليس أكثر.
وكانت القوى المشاركة في “ثورة 25 يناير” قد أعلنت عن تشكيل “لجنة تنسيقية لجماهير الثورة” ضمت “مجلس أمناء الثورة”، و”ائتلاف شباب الثورة”، و”اتحاد شباب الثورة”، وحركة “شباب 25 يناير”، وحركة “مصر الحرة”، و”تحالف ثوار مصر”، والأكاديميين المستقلين، و”لجنة وعي الثورة”، و”لجنة شباب التحرير”.
ومؤتمر صحفي لائتلاف “شباب الثورة” المصرية بشأن تشكيل مجلس أمناء للائتلاف أعلن ممثلون عن “ائتلاف ثورة 25 يناير” في مصر تأسيس مجلس أمناء لتمثيل الثورة خلال المرحلة المقبلة، وقد أصدر المجلس بيانا أكد فيه أنه لم يتحقق من مطالب الثورة سوى مطلبين بينما ما يزال العديد من المطالب قيد الانتظار.
وأكد البيان أن ما تحقق من مطالب ثورية حتى الآن هما مطلبان تمثلا بتنحي الرئيس حسني مبارك وحل البرلمان، وما عدا ذلك من مطالب لم يتحقق.
والبيان الذي كان مؤلفاً من عدة صفحات تضمن العديد من المطالب منها ما يتعلق بإعفاء الهيئات الأهلية ورؤساء تحرير الصحف الرسمية، وإعفاء جميع المحافظين، وحل المحاكم والنيابات، وكذلك الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وغير ذلك.
من ناحية أخرى قال عضو قيادي بائتلاف “شباب الثورة” إن الائتلاف طلب الاجتماع مع قيادة المجلس العسكري الحاكم لتقديم قائمة بأسماء شخصيات يريد الائتلاف ترشيحها لشغل منصب رئيس الوزراء بدلا من أحمد شفيق. وكان ائتلاف شباب الثورة قد دعا إلى تشكيل حكومة متخصصين انتقالية في غضون شهر كحد أقصى، في الوقت الذي تواصل فيه لجنة تعديل الدستور التي أمر المجلس العسكري الأعلى بتشكيلها اجتماعاتها.
استمرار الاحتجاجات
من ناحية أخرى تواصلت مظاهر الحراك السياسي والجماهيري في مصر، حيث شهدت محافظتا أسيوط وسوهاج بصعيد مصر عدة اعتصامات في عدد من الهيئات الحكومية للمطالبة بتحسين أجورهم.
كما شهدت صحيفة “الأهرام” احتجاجات للمطالبة بإقالة مسؤولين، وتغير السياسة التحريرية للصحيفة. وشهدت كذلك شركتا غزل المحلة والإسكندرية للغزل إضرابات عن العمل للمطالبة بتحسين أحوال العاملين بالشركتين الكبيرتين. كما تظاهر نحو ثلاثمائة من زوجات وأهالي معتقلي الجماعة الإسلامية أمام دار القضاء العالي، حيث طلبوا من الحاكم العسكري الإفراج الفوري عن ذويهم المعتقلين. وقد تقدم المحامي ممدوح إسماعيل ببلاغ إلى النائب العام يطلب الإفراج عن قادة تنظيم طلائع الفتح عبود وطارق الزمر ومجدي سالم، وعدد آخر من السلفيين والجماعة الإسلامية.
فساد وشهداء
من جانب آخر قررت السلطات منع وزير الزراعة السابق أمين أباظة ورجل الأعمال البارز محمد أبو العينين من السفر إلى الخارج، والتحفظ على ممتلكاتهما في إطار التحقيق بقضايا الفساد.
من جهة أخرى طالب ممثلون عن اللجنة التنسيقية للثورة بمحاسبة المسؤولين عن سقوط مدنيين قتلى أثناء الثورة قدر عددهم بـ365 شهيداً وفق ما نقل التلفزيون الحكومي عن وزارة الصحة، وهو أكبر مما أعلنته الأمم المتحدة بأنهم ثلاثمائة قتيل.
من جهة أخرى ذكرت تقارير صحفية أن وزير الداخلية السابق حبيب العادلي قد مثل أمام نيابة أمن الدولة العليا لاستجوابه حول اتهامه بالتورط فى تفجير كنيسة القديسَيْن بالإسكندرية ليلة رأس السنة الميلادية والذى راح ضحيته 25 قتيلا ونحو مائة جريح.
وقد نفى العادلي أي علاقة له بما حدث، وقدم تقريرا للطبيب الشرعي يشير إلى أن التفجير قام به شخص عن طريق دائرة كهربائية صغيرة باستخدام عبوة ناسفة وزنها خمسة إلى سبعة كيلو غرامات.
صحة مبارك ومكانه
من جهة أخرى، تضاربت المعلومات حول مكان تواجد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ووضعه الصحي، لا سيما بعد انتشار شائعة على شبكة الانترنت بأنه توفي، حيث ذكرت مصادر أنه يتلقى اتصالات من مكان إقامته في شرم الشيخ، فيما زعمت مصادر أخرى أنه غادر إلى السعودية لتلقي العلاج، في حين أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الى أنه انتقل إلى مدينة إيلات.
وذكر مسؤول سعودي أن مبارك استسلم لمرضه، ويريد أن يموت في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر الذي يقيم به منذ أن أطاح الشعب بحكمه، مشيراً إلى أنه “لم يمت” لكنه “ليس في حالة طيبة على الإطلاق ويرفض المغادرة. لقد استسلم، ويريد أن يموت في شرم الشيخ”.
وكانت صحيفة “أخبار اليوم” المصرية نقلت عن مصادر مقربة من مبارك أن الرئيس المخلوع “غادر عصر إلى مدينة تبوك في السعودية”، موضحة أن “السفر لم يكن بغرض الإقامة وقد يكون بغرض العلاج حيث أن الرئيس في حالة صحية غير مستقرة”. وأشارت المصادر إلى “أن مبارك ربما يؤدي العـمرة رغم سوء حالته ثم العودة مرة أخرى إلى مصر”، وذكرت المصادر “أن مبارك قد أوصى بان يدفن على ارض مصر بجوار حفيده الراحل محمد علاء مبارك”.
وقال مصدر آخر أنه “تحدث هاتفيا” إلى مبارك في شرم الشيخ، مشدداً على أنه “بخير”، فيما نقلت وكالة “رويترز” عن مصدر عسكري إن مبارك “يتنفس”، من دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل بشأن حالته.
من جهتها، تحدثت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن وجود الرئيس المخلوع في مدينة إيلات. وأوضحت الصحيفة أنه انتقل إلى إيلات لأخذ قسط كافٍ من الراحة والترويح عن نفسه بعد الضغوط العديدة التي عاشها وسط حالة من التعتيم الإعلامي الشديد حول صحته.
وأشارت “يديعوت” إلى أن معظم مصوري وكالات الأنباء والفضائيات والصحف العالمية وقفوا أمام فندق “روديس” في ايلات لالتقاط صور لمبارك، بعدما ترددت أنباء قوية عن وجوده هناك، لكنها نقلت عن صاحب الفندق يواف أجيرا نفيه لهذه “الشائعات”.
تقديرات أقل لثروة مبارك
نقلت صحيفة أميركية عن مسؤولين أميركيين أن ثروة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وأسرته تقدر بمليارين أو ثلاثة مليارات دولار. وكانت تقارير بريطانية ذكرت مؤخرا أن الرقم أكبر بكثير وقد يصل إلى ما بين 40 و70 مليار دولار.
لكن صحيفة “نيويورك تايمز” قالت إن تلك الأرقام مبالغ فيها بصورة كبيرة. ورأت الصحيفة أن مظاهر الثراء المبالغ فيه لم تتضح على مبارك وعائلته خلال فترة حكمه التي امتدت لنحو ثلاثين عاما، مقارنة بزعماء آخرين في منطقة الشرق الأوسط.
وأشارت إلى أن تتبع أموال تلك الثروة سيكون أمرا صعبا لأن إدارة الأعمال كانت تتم بصورة سرية ضمن مجموعة صغيرة مرتبطة بالرئيس المصري.
وقال جورج إسحاق رئيس الاتحاد القومي من أجل التغيير الذي تنضوي تحته مجموعات معارضة صغيرة بمصر، إنه سيتم التحقيق في كل أموال مبارك وأسرته والوزراء.
Leave a Reply