لانسنغ – رغم مرور خمسة أسابيع على إجراء انتخابات الرئاسة الأميركية في ميشيغن وعموم الولايات المتحدة، لا تزال نتائج السباق إلى البيت الأبيض محل نزاع قضائي سواء في المحاكم المحلية أو الفدرالية، بينما يواصل مجلس الولاية التشريعي عقد جلسات استماع للتأكد من نزاهة الانتخابات قبل الإقرار بنتائجها التي أسفرت عن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بفارق نحو 154 ألف صوت.
تدقيق النتائج
استجابة للدعوات المتزايدة إلى التدقيق بنتائج انتخابات الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أعلن «مكتب الانتخابات في ميشيغن»، الأربعاء الماضي، أنه سيجري عملية تدقيق موسعة لعينات من الأصوات على مستوى الولاية، وعلى صعيد مقاطعتي وين وأنتريم إضافة إلى 200 دائرة انتخابية أخرى.
وقال المكتب التابع لسكريتاريا الولاية، في بيان، إن عملية التدقيق التي ستستمر عدة أسابيع «هي الأكبر من نوعها في تاريخ ميشيغن».
ويأتي قرار تدقيق الأصوات في ميشيغن بعد موجة من الدعاوى القضائية وجلسات الاستجواب التشريعية والاحتجاجات الشعبية الرافضة لنتائج الانتخابات التي شهدت معدل إقبال قياسي بإدلاء أكثر من 5.5 مليون ناخب بأصواتهم في الولاية، وهو رقم يتجاوز عدد الناخبين في انتخابات 2016، بنحو 700 ألف ناخب.
وأشادت سكرتيرة ميشيغن، الديمقراطية جوسلين بنسون، بمسؤولي الانتخابات في مدن ومقاطعات الولاية لإنجازهم «انتخابات ناجحة للغاية وسط التحديات التي أوجدتها نسبة الإقبال القياسية على التصويت الغيابي في خضم وباء عالمي».
وأشارت بنسون إلى أن وزير العدل الأميركي بيل بار ومكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) ووكالات فدرالية أخرى أكدت أن هذه الانتخابات كانت الأكثر أمناً في تاريخ أمتنا، ونحن واثقون من أن التدقيق بالأصوات سيؤكد هذه الحقيقة».
وسيشمل التدقيق مقاطعة أنتريم في شمال ميشيغن، التي شهدت ماكينات التصويت فيها عطلاً تقنياً أدى إلى قلب آلاف الأصوات من الرئيس دونالد ترامب إلى منافسه جو بايدن قبل أن يكتشف موظفو الانتخابات في المقاطعة هذا الخطأ في اليوم التالي للانتخابات.
وجاء الإعلان عن عملية التدقيق في مقاطعة أنتريم في نفس اليوم الذي انبرت فيه المدعي العام في الولاية دانا نسل للدفاع عن بنسون في دعوى قضائية أمام محكمة المقاطعة، حيث سمح القاضي بإجراء فحص جنائي لماكينات التصويت.
وستشمل عملية التدقيق أيضاً، إعادة فرز عينات من الأصوات في عدد من مدن مقاطعة وين، مثل ديترويت وليفونيا.
وإجمالاً، سيتم التدقيق في 200 دائرة انتخابية، من ضمنها مقاطعات ومدن متفرقة من مختلف أنحاء ميشيغن.
وكانت بنسون قد اشتكت من احتشاد عشرات المتظاهرين أمام منزلها في ديترويت يوم السبت الماضي مرددين شعارات رافضة لـ«سرقة الانتخابات» ومطالبة بتدقيق النتائج، وكان بعضهم مسلحاً.
وقالت بنسون إن المتظاهرين أثاروا الرعب لدى أفراد عائلتها أثناء قيامهم بتركيب زينة عيد الميلاد، واصفة التظاهرة بأنها «محاولة جديدة لنشر المعلومات الكاذبة حول أمن ودقة انتخاباتنا». كما اتهمت المتظاهرين و«حلفاءهم السياسيين» بمحاولة طمس أصوات الناخبين عبر «التهديد بالعنف والاستفزاز والتنمر».
وأدانت كل من نسل والمدعي العام في مقاطعة وين كيم وورذي، المتظاهرين ووصفتا سلوكهم بأنه غوغائي.
وأضافت المسؤولتان الديمقراطيتان في بيان مشترك إن كل مواطن من حقه «التعبير عن مظالمه من مكتب السكرتيرة بنسون عبر الوسائل المدنية والديمقراطية، أما ترهيب الأطفال والعائلات في منازلهم فلا يعدّ نشاطاً مقبولاً».
دعوى تكساس
ورغم الخسائر القضائية المتتالية التي مُني بها فريق ترامب وحلفاؤه، مع رفض معظم القضاة للنظر في طعونهم بنزاهة الانتخابات، سواء في محاكم الولاية أو القضاء الفدرالي، اتخذت المعركة القضائية منعطفاً جديداً، يوم الثلاثاء الماضي، مع إعلان ولاية تكساس عن رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الأميركية العليا، ضد أربع ولايات –بينها ميشيغن– لإبطال نتائج الانتخابات فيها باعتبارها مخالفة للدستور.
وبحلول اليوم التالي، أعلنت 17 ولاية أميركية يحكمها الجمهوريون، دعمها للدعوى التي تقدم بها المدعي العام في ولاية تكساس، كين باكستون، لإلغاء نتائج انتخابات الرئاسة في كل من بنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن وجورجيا، وترك مسألة اختيار المندوبين عن كل ولاية إلى المجالس التشريعية فيها، وفق ما ينص الدستور الأميركي، بسبب عدم الثقة بنتائج الانتخابات.
وتشير الدعوى إلى وجود «مخالفات في عملية التصويت»، إضافة إلى «تعديلات غير شرعية على قوانين الانتخابات» و«قمع محتمل للناخبين الجمهوريين، سواء أكان قانونياً أم غير قانوني» باعتباره خرقاً للتعديل الرابع عشر من الدستور، الذي ينص على الحماية المتساوية.
وتضيف الدعوى التي حظيت أيضاً بدعم أكثر من مئة عضو جمهوري في مجلس النواب الأميركي، بينهم أربعة نواب من ميشيغن، بأن «هذه العيوب تمنع التحقق من معرفة من فاز بشكل شرعي في انتخابات 2020»، كما «تهدد الثقة في جميع الانتخابات المستقبلية»، مشيرة إلى أن التلاعب بقوانين الانتخابات في الولايات الأربع أثر سلباً على الناخبين في ولاية تكساس.
وكتب ترامب على حسابه في «تويتر»: «سنتدخل في دعوى تكساس (والعديد من الولايات الأخرى). إنها دعوى كبيرة. بلدنا في حاجة إلى انتصار».
وشدد ترامب على أن هذه الدعوى «قوية جداً» وتلبي جميع المعايير للنظر فيها من قبل أعلى سلطة دستورية في البلاد، وتابع متسائلاً: «كيف يمكنك أن تكسب الرئاسة في حين تعتقد الأغلبية الواسعة أن الانتخابات زوّرت؟».
وأمرت المحكمة الأميركية العليا، الولايات الأربع المدعى عليها، بالرد على الاتهامات الواردة في دعوى تكساس بحلول الساعة الثالثة بعد ظهر الخميس المنصرم. واستجاب المدعون العامون في بنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن وجورجيا.
وفي ردها، وصفت نسل، دعوى ولاية تكساس بأنها سابقة تاريخية لا تستند إلى الحقائق وتفتقد إلى الأهلية القانونية لإبطال أصوات 5.5 مليون ناخب في ميشيغن.
وأشارت نسل إلى أن الدعوى لم تذكر أية حادثة تزوير انتخابي محددة، وكل ما تعتمد عليه مزاعم تم رفضها من قبل محاكم ميشيغن والمحاكم الفدرالية الأدنى، مؤكدة أن قرار سكرتيرة الولاية بإرسال طلبات التصويت الغيابي لجميع المواطنين تم اعتباره قانونياً من قبل محاكم الولاية.
وأضافت نسل أن «انتخابات ميشيغن تمت المصادقة عليها وحمايتها من كل المحاكم»، نافية حدوث عمليات تزوير واسعة النطاق، كما يزعم المدعون في القضية.
المجلس التشريعي
على المسار السياسي، يستمر المشرعون في ميشيغن بعقد جلسات استماع حول نزاهة الانتخابات، على الرغم من إغلاق مؤقت للكابيتول بسبب اكتشاف عدد من الإصابات بفيروس «كوفيد–19» بينها إصابة محامي الرئيس ترامب، رودي جولياني، الذي كان قد مثل أمام لجنة الرقابة في مجلس النواب إلى جانب عدد من الخبراء والشهود الذين زعموا مشاهدتهم لمخالفات انتخابية ممنهجة.
وخلال جلسات الاستماع، دعا جولياني، المشرعين الجمهوريين الذين يسيطرون على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ إلى رفض نتائج «الانتخابات المزورة»، واختيار مندوبي الولاية الـ16، بأنفسهم، وفق ما يسمح الدستور الأميركي.
ويتعين على السلطة التشريعية في ميشيغن، تعيين المندوبين الرئاسيين بحلول 14 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، لرفع أصواتهم إلى الكونغرس الأميركي الذي سيحتسب بدوره، أصوات المجمع الرئاسي يوم 6 كانون الثاني (يناير) القادم.
وقد وقّع 15 مشرعاً جمهورياً، حتى الآن، على مقترح يطالب بمنح أصوات ولاية ميشيغن لصالح ترامب أو عدم إرسال أي مندوبين عن الولاية.
ولم يكن من بين الموقعين، رئيس مجلس النواب لي تشاتفيلد أو زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ مايك شيركي.
وسيواصل المشرعون جلسات الاستماع خلال الأسبوع القادم، حيث من المتوقع مثول أحد المسؤولين في شركة «دومينيون» المالكة لماكينات التصويت التي يشتبه الجمهوريون بتلاعبها بالأصوات.
Leave a Reply