حزمة إنقاذ جديدة: اليونان تحت الوصاية الأوروبية؟!
أثينا، بروكسل – توصل وزراء مالية دول منطقة اليورو، الثلاثاء الماضي، إلى توافق حول منح اليونان حزمة إنقاذ مالي ثانية بقيمة 130 مليار يورو (172 مليار دولار)، لكن ذلك لم يبدد التشاؤم حيال مصير هذا البلد ومنطقة اليورو عموماً مع تزايد الغضب الشعبي احتجاجا على إجراءات التقشف والتدخل الأوروبي في الشؤون الداخلية للبلاد التي يتوجب عليها شروطاً كثيرة لتلقي الحزمة الجديدة وتصب في خانة فقدان السيادة.
1٣ ساعة من المباحثات قضاها وزراء مالية مجموعة اليورو، في بروكسل، وشارك فيها صندوق النقد الدولي وممثلون عن مقرضي اليونان من القطاع الخاص، قبل أن يعلن عن الموافقة على خطة إنقاذ ثانية لليونان. الخطة حجمها 237 مليار يورو، سيأتي 130 مليارا منها على شكل قروض سيقدمها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، و107 مليار يورو ستأتي كنتيجة لشطب القطاع الخاص، من مصارف وصناديق استثمارية، 53 بالمئة من ديونه لليونان.
ورغم الاتفاق خفضت وكالة “فيتش” الأميركية للتصنيف الائتماني تصنيف الديون اليونانية إلى أدنى مستوى ممكن لديها بمقدار درجتين ليصل إلى تصنيف “سي” منخفضا من “سي سي سي”، في إشارة واضحة لاستمرار تفاقم الأزمة المالية في البلد العضو في منطقة اليورو.
وجاء التخفيض رغم اتفاق أثينا مع بنوك القطاع الخاص على شطب 107 مليارات يورو المستحقة على اليونان كقيمة للسندات السيادية اليونانية التي بحوزة هذه البنوك، من خلال مبادلة سندات جديدة بقيمة أقل بما لديها من سندات حاليا.
واعتبرت “فيتش” أنه في حال اكتمال عملية التبادل فإنها ستؤسس “لعملية تبادل ديون مفجعة”، مضيفة أنه بمجرد اكتمال مبادلة السندات ستنظر مجددا في الدين الحكومي اليوناني وإصدار تصنيفات جديدة. وتلقت أثينا من بروكسل، حيث مقر الاتحاد الأوروبي، تأكيدات لتلقيها حزمة الإنقاذ الثانية. وأوضحت مصادر في الاتحاد أن وزراء مالية منطقة اليورو ستتم مطالبتهم مرتين في آذار (مارس) المقبل بتأكيد الموافقة على حزمة الإنقاذ. وفي أثينا بدأ التصويت في البرلمان اليوناني، الأسبوع الماضي، للقيام بإجراءات تقشف وخفض في الإنفاق إضافية، وسط تجدد الاحتجاجات التي نظمتها نقابات عمالية رافضة لخطط التقشف.
واستجاب الآلاف لدعوة كبرى النقابات العمالية للتظاهر أمام البرلمان، احتجاجا على تدابير التقشف الواردة في خطة الإنقاذ المقدمة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وطالب المحتجون بإلغاء الاقتطاعات الحكومية الجديدة من معاشات التقاعد، معتبرين أن التدابير التي سيصوت عليها البرلمان حول الاقتطاعات الجديدة بمثابة إطلاق “رصاصة الرحمة” على المتقاعدين ومنظومة الأمن الاجتماعي في البلد وسيادته.
أما منح القروض ستضع اليونان تحت وصاية مباشرة من “الترويكا” (المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي)، التي سترسل إلى أثينا ممثلين عنها ليراقبوا أداء الحكومة والمالية العامة بشكل دائم. لا مجال للحديث عن الثقة، فالانتخابات اليونانية العامة ستجري في نيسان (أبريل) المقبل. وبحسب استطلاع للرأي نشرته شبكة “ميغا تي في” اليونانية فإن حزب “الديموقراطية الجديدة”، وحزب “باسوك” (اللذين يشكلان الائتلاف الحكومي الحالي)، سيحصلان في الانتخابات المقبلة على 32,5 بالمئة من الأصوات، وهما الحزبان الوحيدان اللذان وقعا على التزام بالتقشف، فيما ستحصل أحزاب الشيوعي والديمقراطي اليساري والحلف الراديكالي اليساري على 30 بالمئة من أصوات الناخبين.
وقد نالت اليونان خطة إنقاذها الأولى بحجم 110 مليارات يورو أواخر العام 2010، واعتبر حينها المبلغ خياليا، وأبدى الأوروبيون تفاؤلا مفرطا بأن البلد خرج من محنته. وقال الحذرون وقتها إن كل ما حصل أن اليونان خرجت من غرفة العناية المشددة إلى سرير العلاج الطويل.
Leave a Reply