خليل إسماعيل رمَّال
لم تجد الدولة اللبنانية أنَّ من الضروري إضاءة صخرة الروشة بالعلم السوري تخليداً لذكرى الشهداء الذين سقطوا في تفجيرات المجرمين التكفيريين في جبلة وطرطوس، كما فعلت عندما ضرب الاٍرهاب الوهَّابي فرنسا وبلجيكا. كما لم تضىء الصخرة إحتفالاً بمناسبة التحرير رغم أنّ الحكومة قررت مشكورة استعادة الإحتفال بهذا العيد الكبير والتعطيل ليوم واحد ناسفةً قرار فؤاد السنيورة، الذي ما يزال يظن أننا خسرنا أمام إسرائيل في ٢٠٠٦، الحاقد والجائر بإلغاء العيد.
ذلك لأنَّ دم المئات من المواطنين السوريين العزل الأبرياء أبخس من دم الغربيين بنظر دولة لبنان، ولأن من قتلهم هو عدو لم يمس شعرة من شعرات عدو الأمة الحقيقي بل دخل معه في حلفٍ جهنميٍ مما يرتِّب على محور المقاومة تبعات جديدة وتحديات صعبة لاستئصال هذا الاٍرهاب وفي نفس الوقت الحفاظ على المكتسبات العسكرية التي تحققت حتى اليوم في سوريا بفضل تضحيات المقاومين مع إبقاء العين ساهرة إزاء مخططات العدو الاسرائيلي المتربِّص ليل نهار مسخِّراً إمكاناته المالية والعسكرية الهائلة ضد المقاومة ولبنان.
وفي عيد النصر والتحرير الذي مرَّ يوم الأربعاء الماضي لا بد من التنويه بعظمة هذا اليوم ومدلولاته الإستراتيجية فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي بحيث أنه يكاد يثأر من يوم النكبة الذي زارنا أيضاً في شهر أيار من دون حس ولا خبر من قبل الأنظمة العربية والإعلام المرتزق:
١- تمكَّنت المقاومة من ترسيخ معادلة المقاومة والشعب والجيشين اللبناني والسوري (نعم سوريا شريكة في التحرير) التي أدت إلى النصر وإرساء معادلة الردع الاستراتيجي وتوازن الرعب عبر إقحام جبهة العدو الداخلية والأرض العربية المحتلَّة في أي حرب مقبلة مما جعل من جنوب لبنان آمن منطقة في الشرق الأوسط عدا عن إعادة الثقة والعزة والكرامة لشعبنا الذي كان محتلاً ومقهوراً زهاء أكثر من ٥٠ عاماً.
٢- المقاومة حققت المعجزة بطرد الإحتلال البغيض من ارضنا التي طوَّبها حاخاموه أرضاً إسرائيلية الى الأبد، من دون اتفاقيات ذل وعار مثل «كامب ديفيد» و«١٧ أيار» أيام أمين الجميِّل، ثم دافعت عن هذا الوطن وصدَّت ومنعت العدو من احتلاله مجدَّداً او تحقيق أهدافه ونزعت منه قرار الحرب والسلم وهذا لوحده إنجاز عظيم.
٣- تحوَّلت المقاومة إلى لاعب إقليمي في المنطقة تخطى حدود لبنان وسوريا وهذا يشكل خطراً على الأنظمة العربية المتخاذلة وعلى حليفها الجديد تل أبيب ولذلك هناك مسعى دائم للتآمر عليها ولعزلها وحصرها مالياً وسياسياً وطائفيا، ولكن من دون طائل لما تشكله من ضرورة وحتمية تاريخية للشعوب المضطهدة. وما إبقاء «داعش» وغيرها من جماعات التكفير التي تعمل بتمويل وتسليح غربي وعربي إلاَّ من أجل الوقوف في وجه المقاومة وأثرها على الشعوب.
٤- المقاومة في سوريا ستنتصر وستنهي ظاهرة الاٍرهاب التكفيري في الرقة، لا أوباما الذي يسعى لإنجازٍ ما قبل نهاية عهد إدارة «البطة العرجاء» (بعد أنْ أتم الإتفاق النووي مع إيران وتصالح مع كوبا وزار العدو التاريخي القديم فيتنام) لأنها «لو بدها تشتي كانت غيَّمَتْ» بل الذي سيحرِّر سوريا هو سواعد الجيش العربي السوري ورجال المقاومة والحليف الإيراني والروسي. ويبدو أنَّه كما ذكر السيِّد حسن في خطابه الأخير فإنَّ الصيف في المنطقة سيكون حاراً هذا العام على الخوارج بعد إعادة المقاومة لتشكيلاتها جراء استشهاد السيِّد مصطفى بدر الدين، وإرسال نخبة رجالها لحماية دمشق ومحيطها وإنهاء الإجرام التكفيري إلى الأبد.
أثبتت المقاومة في لبنان أنها أنبل ظاهرة عرفها التاريخ الحديث وقد برهنت الانتخابات البلدية والاختيارية في الجنوب أن الحاضنة الشعبية ما زالت موجودة بقوة رغم بعض الاستثناءات التي على المقاومة أنْ تراعيها وان تنتبه أن التنمية والصمود الشعبي هما الوجه الآخر للصمود العسكري وأن لا تحصر نفسها بوجوهٍ مستهلكة لم تتغير وتوسع من تحالفاتها للقضاء على فساد النظام الوبائي.
Leave a Reply