معادلة المقاومة النفطية!
تمكن شيخ الأزهر الجديد أحمد الطيب، خلال فترةٍ قصيرة جداً، من غسل عار نظام حسني مبارك الذي كان يسعى جاهداً لتسعير الفتنة المذهبية بين المسلمين خدمةً لإسرائيل وأعوانها من العربان. لقد أبلى الشيخ الطيب بلاء حسناً عندما أعاد منارة الأزهر الشريف إلى سابق عزها وماضيها المشرف المشرق المتسامح منذ فتوى فضيلة الشيخ محمود شلتوت في الخمسينيات بجواز التعبد بالمذهب الجعفري وإعتباره من المذاهب الإسلامية الخمسة بعد إعلانه أن الحق قد حصحص في نهاية مراسلاته مع العلامة السيد عبدالحسين شرف الدين، هذه المراسلات التي وثقت في كتاب “المراجعات” الشهير الذي يجب أن يدرس في المدارس لا تاريخ لبنان الطوائفي المزور.
لقد أرسى شيخ الأزهر في ذاك الزمن ومرجع عاملي عالم فقيه، اللبنة الأولى للتوحيد بين المسلمين وبقيت هذه البذرة الخيرة مرفرفة ثم تعززت زمان حكم الزعيم جمال عبدالناصر إلى أن جاء أنور كافور فعاث بمصر المحروسة فساداً وجير الأزهر لمصلحة نظامه الإنقلابي على كل منجزات الناصرية إلى درجة أن مفتي الأزهر برر له معاهدة السلام المذلة مع إسرائيل. وإستمر هذا الظلم في عهد الديكتاتور المخلوع حتى شهور ٍخلت حين أثار شيخ الأزهر الراحل عاصفةً من الغضب عندما سلم بحرارة على “جزار قانا” شمعون بيريز نافياً معرفته به أولاً ثم عدم اكتراثه عندما كذبه بيريز نفسه، وعندما أظهر عدم تعاطفه، ولو بالكلام، مع الدماء الفلسطينية المراقة مدراراً في قطاع غزة.
هذا التاريخ المختصر يجب استحضاره لكي نقدر خطوة الشيخ الطيب بإعادة مصر وبالأخص الأزهر الشريف، إلى موقعه ودوره في نبذ الفتنة المذهبية وجمع الشمل الإسلامي من دون تفريق كما كان وقت الشيخ محمد عبده وأستاذه المصلح الكبير جمال الدين الأفغاني. لقد تمكن الشيخ الطيب بشحطة تصريح ولقاء مع ممثلي المقاومة في لبنان وإيران، من أن يمسح الغبار عن دور الأزهر الوطني الممانع ضد العدوانية الإسرائيلية. على أقل تقدير، كان النظام الهالك حتى الأمس القريب لا يودع سمير جعجع، بعد أن يضيفه في القصر الجمهوري، إلا ويستقبل أمين الجميل وباقي شلة جمعية “الصداقة الفينيقية-الإسرائيلية” معلناً إنحيازه الكامل إلى “١٤ عبيد صغار” لدرجة أن وزير خارجية النظام، “أبو الغيظ”، إعتبر صرف سعد الحريري من الخدمة بمثابة إعتداء على السنة في العالم! لقد كان فؤاد السنيورة ضيفاً دائماً لا “يتعزّل” من عند حسني مبارك، ثم بعد ذلك يجرؤ أبطال “بولتون أولاً” على القول أن ثورتهم ألهمت “الربيع العربي” أي ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن والآن ما يسمى بثورة سوريا -لكن طبعاً ثورة الشعب البحراني أو ثورة أبناء المنطقة الشرقية في السعودية هما رجسٌ من عمل إيران يجب تجنبه!
وكانت وسائل إعلام مصرية نقلت عن الطيب قوله، خلال استقباله مؤخراً عددا من ممثلي القوى الناصرية، إن “الإسلام يفخر بوجود المجاهد الكبير السيد حسن نصرالله كمجاهد مسلم لقن الصهاينة دروسا لن ينسوها هو ورجاله الأوفياء”. هذا الكلام صحح البوصلة الإسلامية ووقف في وجه سلطة البترودولار السلفي التي من مصلحتها طمس دور الأزهر المعتدل والمتسامح والتي لم تستطع رغم أموالها الطائلة من أن تأخذ دور الأزهر. ما أبلغ موقف الشيخ الطيب إزاء ما يسمى بـ”حقوقيي ١٤ آذار” أوإعلام “التيار الزرقاوي” الذي أصبح يستعمل تعبير “قتلة الرئيس رفيق الحريري” متهماً المقاومة جهاراً بإيواء القاتلين! من المؤسف أن تشتد الحملة على المقاومة كلما وقعت إسرائيل في “خريف” ومأزق حقيقيين لا يمكن الهروب منهما خصوصاً بعد معادلة العين بالعين والنفط بالنفط، في وقتٍ يصدر فيه الغاز المصري إلى إسرائيل بأبخس الأسعار!
لم يخطر في بال قادة إسرائيل السابقين والحاليين بتاتاً أن يقعوا في هذه الورطة بعد أن كانت حروبهم كلها، ما عدا “حرب أكتوبر” حيث إستبسل جيش عبد الناصر وحافظ الأسد، مجرد نزهات ترفيهية إلى أن واجهوا غريمهم في جنوب لبنان. لا تعرف إسرائيل ما تفعل اليوم بعد أن نفذت أسلحتها النفسية والمادية! سوف يذكرالتاريخ أن فتيةً آمنوا بربهم ووطنهم كبدوا إسرائيل “المعنفصة” شر هزيمة وكسروا هيبتها وحققوا التوازن الإستراتيجي معها في البر والبحر والآن.. في الثروة النفطية. مساكين “جوقة الدنيا هيك” كلما ظنوا أن السلاح مضى وقته وأنتهى زمانه كلما اشتدت الحاجة إليه لأن لاحد لأطماع إسرائيل وهي فائقة الغباء من حيث عنادها في الإستيلاء والتشبث بالأرض، وكما قال الإمام الخميني يوماً “أعداؤنا أغبياء”. أما أشباه السياسيين في “شبح الوطن” فلا يستحقون هكذا مقاومة وكم كانوا صغاراً عندما أظهروا عنصريتهم البغيضة وهم يخترعون المعارك الوهمية لإيهامنا بتحرير “جمهورية لاسا الشعبية العظمى” حيث إستنفر سمير جعجع قوات حزبه وجال أمين الجميل مع “كتائبه” على جبهة القتال من أجل منع شراء أراضٍ في “مناطقه” المحررة، من قبل…لبنانيين! ربما مشروع بطرس حرب للتطهير العرقي العقاري (منع بيع أرض المسيحي للمسلم والعكس صحيح) يجب أن يصبح مادة جامعية تدرس بإشراف سعيد عقل. يا لها من كمشة سياسيين مدنسين الكون
Leave a Reply