إنطلاقاً من جرأتها في طرح المواضيع الحساسة، تنشر «صدى الوطن» هذا التحقيق حول مأساة بعض النساء المسلمات في جاليتنا اللواتي يشعرن حالياً بأن حقوقهن مهضومة ومهدورة بسبب عدم تمكنهن من الحصول على طلاق ديني من أزواجهن الذين يسيئون معاملتهن جسدياً ونفسياً. لكن إدارة الجريدة تريد أن توضح أن ليس كل النساء المسلمات يتعرضن لنفس تجربة إستحالة الطلاق الشرعي وأن صعوبة البعض منهن في الحصول على الطلاق لا يقتصر على الجالية الإسلامية فقط بل يتعداها إلى باقي المذاهب والملل فإقتضى التنويه. وتأمل إدارة الجريدة في أن يشعر القراء بالمعاناة الحقيقية لهؤلاء النسوة وهن يناضلن من أجل حقوقهن في الطلاق، من خلال هذا التحقيق الذي يلقي الضوء على هذه المعضلة الإجتماعية المستعصية والتي لم يعد ممكناً تجاهلها.
أوليفيا، إمرأة مسلمة من مدينة ديربورن، لا تزال تذكر لحظة إعلان طلاقها الإسلامي من زوجها بعد ست سنوات من الزواج والعذاب والطلاق المدني. تقول لقد «شعرت بالغبطة العارمة.. كان كحبل المشنقة حول رقبتي.. أحسست بالراحة التامة لأني تخلصت من وضع عدائي لا يمكن تحمله».
أوليفيا إرتأت أن لا تستعمل إسمها الحقيقي، سردت قصتها المليئة بألف غصة إلى «صدى الوطن» حول زواجها المعلق بسبب عدم منحها طلاقاً شرعياً مما إضطرها لتسافر أربع سنوات إلى كل الأنحاء للقاء بمشايخ ورجال دين في مدن مختلفة من أجل طلب الطلاق. وقالت حول هذه المشكلة «لقد إجتمعت مع 10 أئمة في المساجد» وكشفت لهم عن الندوب التي خلفها زجاج مكسور بسبب خناقة مع زوجها السابق.
وذكرت أوليفيا أنها أبلغت رجال الدين عن مسألة إساءة معاملتها جسدياً ومنها حادثة تعرضت فيها للضرب المتكرر على رأسها بمفتاح سيارة، وأضافت «لقد أصبت بإرتجاج في الدماغ. لقد ضربني على رأسي بمفتاح سميك مثل مفتاح سيارة «تويوتا» الكبير وظل يقرع المفتاح على رأسي حوالي عشر مرات متتالية». إلا أن أوليفيا حصلت في نهاية المطاف على الطلاق الإسلامي لكن ليس بسبب «كرم» المشايخ، بل لأن زوجها السابق أذعن أخيراً لطلبها بسبب وجود علاقة جدية لها مع رجل آخر كانت تنوي الزواج منه مدنياً حتى ولو لم تحصل على طلاق ديني. واليوم، وبعد ١٣ عاماً من طلاقها، تعيش أوليفيا حياتها بهدوء مع زوجها الثاني.
ومن المعروف أن الزواج المدني في أميركا هو مؤسسة وإرتباط عقدي حكومي يتطلب رخصة لإتمامه وكذلك الطلاق المدني الذي تقرره فقط المحكمة التي لا تأخذ الزواج الديني بعين الإعتبار بسبب فصل الدين عن الدولة. أما في المجتمع الإسلامي فإن الزواج يتم من خلال عقد قران شرعي لذا فالطلاق لا يتم إلا من خلال المؤسسة الدينية عبر أحد مشايخها.
وبالنسبة إلى العديد من المسلمات فإن الطلاق الإسلامي قد يكون أكثر أهمية من الطلاق المدني لأن الأول يسمح لهن بالإحساس بالطلاق فعلاً بنظر الشرع عدا عن كونه واجباً دينياً قبل الزواج مرة ثانية.
حتى النساء غير المتدينات هن بحاجة إلى طلاق إسلامي حتى يغيرن من حالاتهن العائلية في محاكم وطنهن الأم والتي تتبع مذاهبهن. وعلى هؤلاء النسوة أن يحصلن على الطلاق الإسلامي إذا أردن الزواج من جديد وتسجيل زواجهن الجديد في سجلات القيد العائلية في البلد الأصلي.
لكن ليس كل النساء يتعرضن لنفس مشكلة عدم الحصول على طلاق إسلامي، كما أن الطلاق هو أزمة أيضاً خارج المجتمع الإسلامي. قصة أوليفيا ليست يتيمة أو فريدة من نوعها والمسلمات اللواتي يرفضن أزواجهن منحهن طلاقاً دينياً لديهن خيار واحد فقط هو إيجاد إمام يقبل بتنفيذ «أبغض الحلال». والعملية قد تستغرق سنيناً طويلة وتتضمن اسفاراً إلى رجال دين عبر الحدود وهو ما تسميه المؤلفة جولي ماكفرلين «رحلة البحث (التسوق) عن إمام».
ماكفرلين وهي بروفسور قانوني في جامعة «أونتاريو»، تقول إنها تستقبل رسائل عديدة عبر البريد الإلكتروني من كافة أنحاء البلاد من نساء يتعرضن لصعوبات جمّة للحصول على الطلاق الإسلامي فأرد عليهن بنصيحة أن يتسوّقوا إماماً».
التسوق من أجل الطلاق
إذا أرادت المرأة المسلمة أن تحصل على الطلاق فإنها لن تتمكن من ذلك إلا إذا وافق زوجها، أو إذا كانت «العصمة» بيدها، أو إذا قبل الشيخ تطليقها. والعصمة تكون شرطاً قبل الزواج تضعه المرأة في حال أرادت الطلاق بسبب ظروف محددة شرعاً. إلا أن معظم النساء غير محظوظات بوجود العصمة في أيديهن فلا يقدرن على الطلاق إلا بعد قرار الزوج. هذا معيار مختلف حيث يحق للزوج ما لا يحق للزوجة إذ أنه إذا أراد طلاقاً دينياً فإنه ليس بحاجة إلى إقرار الزوجة أو حتي رجل الدين. ولكن عندما يمتنع الزوج عن الموافقة على الطلاق، فإن لرجال الدين صلاحية منح الطلاق للمرأة بحال توفر أسباب مقنعة، منها على سبيل المثال، لا الحصر، إذا كان الزوج مدمناً على الكحول أو القمار أو المخدرات أو إذا كان عاجزاً عن أداء واجبه الزوجي أو مثلياً أو ما شابه ذلك.
الشيخ علي علي مدير «الخدمات الإسلامية العائلية» في ديترويت، قال هناك سببان يمنعان الزوج من تطليق زوجته، الأول لأنه يريد معاقبتها والإنتقام منها، والثاني هو غرور الرجل لأنها رفضته فيشعر بالذل ويشعر أنه غير مرغوب فيه.
قوة «العصمة»
من الأهمية بمكان ملاحظة قوة «العصمة» وهي التي تسمح للنساء المسلمات الراغبات في الطلاق الإسلامي أن يحصلن عليه بسهولة إذا كانت قد إشترطت العصمة بيدها للتخلص من الزواج عندما تريد ومن ضمن أسباب موجبة.
وحول هذا الأمر قالت ميليندا، وهي إمرأة أخرى لم ترد ذكر إسمها الحقيقي، أن المشكلة ليست في الدين بل في الثقافة «وأن الرجال المسلمين غير مسموح لهم أن يرفعوا يدهم على الزوجة بل عليهم معاملتها كملكة. إنه دين عظيم جداً والقرآن الكريم أعطى المرأة حقوقاً كثيرة وهو يدعو إلى معاملة المرأة معاملة ممتازة وباحترام لكنهم (الرجال) لا يطبقون ذلك».
ميليندا، التي هي من سكان ديربورن هايتس، إشترطت العصمة بيدها قبل أن تقترن بزوجها السابق من جديد، لأنه عندما طلقها أول مرة كان الحصول على الطلاق الإسلامي صعباً بالنسبة لميليندا وبالتالي فهي لا تريد أن تواجه نفس العملية مرة أخرى. لذلك فاسهل الطرق للمرأة هي أن تطلب «العصمة». وأضافت «الأمر ليس بهذه السهولة.. رجال الدين لا يمنحون الطلاق بسرعة وعلى المرأة أن تذهب إليهم وتشرح أسبابها التي قد تكون كثيرة، لكن رغم ذلك فإنهم يعطون الرجل -الذكر- الكلمة الفصل. وهكذا إذا ذهبت المرأة وقالت أن زوجي يضربني ويسيء معاملتي فإن نصيحتهم عادة ما تكون طلب الصبر من المرأة لأن هذا ليس عذراً». وحسب كلام ميليندا فإن زوجها كان من النوع المسيطر بالإضافة إلى كونه يسيء معاملتها لفظياً وجسدياً، حيث لم يكن يسمح لها بلبس البنطلون أو وضع الكحل حول عينيها. وقد وعدها مراراً بأنه سوف يتغير لكنه لم يفعل وعندما أرادت أن تتطلق منه للمرة الثانية لم تحتاج إلى موافقة رجل الدين أو موافقته لأن «العصمة» كانت بيدها.
وأردفت «لقد أبلغته مرات عديدة أني أرغب في الطلاق، لكن الطريقة التي يعامل بها بعض الرجال نساءً من بلدان مختلفة عن بلدانهم يظنون أن هؤلاء النساء ضعيفات ولسن قادرات على إتخاذ قرارات أو خلق حياة جديدة لهن» ميليندا التي بالمناسبة أصلها من لبنان أكدت بأنه لولا وجود «العصمة» في الزواج الثاني لكانت بقيت معلقة بزوج لا ترغب به لأنه لم يكن ليطلقها أبداً. وأشارت «لقد كتبت في عقد القران أني بإمكاني تطليق زوجي في أي وقت أريده لكن ليست كل النساء قادرات في الحصول على «العصمة» لأنها تستوجب موافقة الزوج الخطية قبل عقد الزواج».
المحامية المتخصصة بأمور الطلاق منى فضل الله التي يقع مكتبها في كانتون، ذكرت أن «العصمة» ينظر إليها شذراً وغير مقبولة من العائلات المحافظة وهذا لن «يصلح في مواقع تكون فيها العائلات تسيطر على مسألة الزواج وكلما كانت العائلة من العائلات التقليدية كلما إبتعدت عن «العصمة» وأنا أشعر أنه كلما تم إستخدام «العصمة» فإن قضايا الطلاق الإسلامي تختفي». أما ميليندا فتحدثت قائلة أن «العصمة» في ثقافتنا ينظر إليها نظرة عار وأنها إذلال للرجل».
«رجل التصليح»
رجال الدين المسلمون ينظرون بجدية بالغة لمسألة العنف الأسري ولكنهم -شأنهم شأن باقي القادة الروحيين من الطوائف الأخرى- يقومون أحياناً بالإنتظار لرؤية ما إذا كان الزوجان سيصلحا أمرهما لأن رباط الزوجية مقدس ولا يجدر أن ينفك بسهولة.
الشيخ هشام الحسيني مرشد «مركز كربلاء» في ديربورن قال «عندما يأتي الزوجان إلى عندنا أو إلى المراكز الدينية الأخرى لطلب الطلاق فإننا نسعى إلى مصالحتهما ونقوم بتأخير العملية (الطلاق) عن عمد على أمل أن يقوما لاحقاً بحل خلافاتهما».
وذكر الشيخ الحسيني باسماً «أنا معروف بأني «رجل التصليح» وأنا متخصص بتصليح الزيجات والسبب أن العديد من الأزواج الذين يأتون إلى هنا بقصد الطلاق يضطرون إلى زيارتي مرات عديدة. أنا أحاول إصلاح الزواج وغالباً ما أنجح في حالات عديدة». وأردف «أنا لا أقول لا أبداً لأن احداهن قد تستأهل طلاقاً وملف الزيجات كبير جداً أما ملف الطلاق عندنا فصغير مشيراً إلى حركة في أصبعيه للتدليل. وإستطرد «إذا ضربت (المرأة) أو أوذيت فبالطبع يحق لها أن تخرج (من الزواج). إذا أوذيت جسدياً نعم يحق لها أن تطلب الطلاق».
أما الشيخ علي فأشار إلى وجود معاملة يتبعها رجال الدين إذا أرادوا أن يقرروا منح المرأة طلاقاً دينياً، وكل المشايخ عندهم وجهات نظر مختلفة حول الموضوع ولكن من دون التحدث مع الرجل، لا يمكنهم القيام بأي عمل. وذكر أنه في حال «تمنع الزوج عن السماح بالطلاق الديني، يقوم ثلاثة رجال دين بالإستماع إلى شكوى المرأة والتحدث مع الرجل أيضاً».
بعض الأحيان، في حالة طلب طلاق، لا يمكن العثور على الرجل لأن الزواج قد يكون حصل في الخارج والزوج غير قادر على المجيء إلى هنا أو إذا كان الزوج قد أبعد من قبل سلطات الهجرة. كما هناك أمثلة عن وجود الزوج داخل السجن وتريد المرأة الطلاق منه أو عندما يطلق الزوج إمرأته في المحكمة مدنياً لكنه يرفض تطليقها دينياً. أحياناً يتعذر العثور على الزوج ولا يوجد رقم هاتف له أو من الصعب إيجاد الشيخ الذي أتم عقد القران أو عضو من عائلة الرجل. في هذه الحالة، حسب الشيخ علي، فإنه يعطي مهلة ستة أشهر على الأقل قبل أن يمنح المرأة الطلاق، حتى يقال أنه حاول على الأقل (التحدث إلى الزوج).
أما الشيخ الحسيني فأكد أن رجال الدين في الجالية يجتمعون بشكل أسبوعي من أجل تبادل الآراء والمشورة حول قضايا طلاق في حوزتهم لأن بعض النساء يذهبن إلى مشايخ عديدين وإذا رفض أحدهم أن يطلقهن فإنهن يذهبن إلى الذي بعده». وغالباً عندما تذهب المرأة إلى كل المشايخ وتجد أن سعيها من دون فائدة، فإنها تحاول أن تطرق باب مشايخ المذاهب الأخرى لعل وعسى، وهكذا تذهب النساء السنيات إلى شيوخ شيعة وتذهب النساء الشيعيات إلى شيوخ سنة لكن هذا لا يعني أن الحظ يحالفهن في الحصول على طلاق ديني.
إمرأة واحدة أتت من نيويورك إلى «مركز الخدمات العائلية الإسلامية» طالبة من الشيخ علي أن يطلقها إسلامياً من زوجها لأنها لم تجد من يطلقها خلال مدة ثلاث أو أربع سنوات إلا أنه لم يقدر أن يطلقها أيضاً لأنها من مذهب آخر. وأشار الشيخ علي إلى أن لديه 8 حالات طلاق متعذرة خلال أشهر آذار وثلاثة في شهر أيار، مما يدل على إنتشار هذه المشكلة.
بعض رجال الدين ينحازون إلى المرأة لكن رغم ذلك لا يقدرون على منحها الطلاق الإسلامي لأنهم لا يريدون أن يكونوا مسؤولين عن فرط عقد أي عائلة.
الشيخ الحسيني أفاد «أن الولايات المتحدة دولة ليبرالية مفرطة وتهدد القيم العائلية الموجودة لدى الدول العربية. ففي الشرق الأوسط أسلوب القيم والروابط العائلية مغاير تماماً، والسبب الأكثر شيوعاً لطلب النساء الطلاق هنا يعود إلى رؤيتهن للحرية الزائدة في أميركا».
رجال الدين يعتقدون أن النساء في أميركا يطالبن بالمزيد من الحرية مما يجعلهن من طالبات الطلاق» حسب زعم ميليندا التي أضافت قائلة مع صديقتها ريتا، وهي أيضاً إمرأة من ديترويت لم تستعمل إسمها الحقيقي، وخبرت نفس المشكلة «إن المشايخ هم أكثر تزمتاً هنا من مشايخ البلدان الأخرى بسبب وجود جالية تعرف بعضها. إنها جالية كبيرة هنا لكن الكل يعرفون بعضهم ولا أحد يريد أن يشار إليه بأصبع اللوم».
مسألة المال
بعض النساء اللواتي تحدثن إلى «صدى الوطن» ذكرن أن المشايخ يرفضون منح الطلاق الديني للنساء اللواتي يحصلن على مال من الأزواج وهن منفصلات عنهم، وهذه مشكلة ضخمة «لأن الرجل قد يكذب بسهولة ويقول إنه يصرف على زوجته».
وعندما كانت أوليفيا تحاول إقناع رجال الدين بطلاقها ذكرت لهم أنها لم تستلم قرشاً واحداً من زوجها السابق منذ سنوات. وأكدت ميلندا وريتا وأوليفيا أمراً هاماً وهو إذا كان الرجال أقوياء ومعروفون في الجالية أو من الأثرياء، فإنهم يؤثرون على قرارات الشيخ بالنسبة إلى أمر الطلاق، وقالت النساء الثلاث «في هذه الأيام إذا كان الرجل قوياً والشيخ يعرفه جيداً فلن يمنح زوجته الطلاق بسبب خوف الشيخ فيحول الزوجة إلى شيخ آخر».
أما أوليفيا فأكدت أن زوجها، السابق كان يدعي أنه شخص مهم لكنه لم يكن كذلك واقعاً، وأضافت ولقد كان العديد من الأشخاص الأقوياء خلفه لذا فإن الكثيرين هنا كانوا خائفين من الموقف ضده ومواجهة العواقب… لقد كانت كلعبة قذرة ولا أستطيع شرحها وقد أخذت مني هذه المشكلة كل مأخذٍ وأرهقتني إلى درجة أني لم أعد أحتمل الزواج مجدداً».
الرجال مستمرون بالحياة.. النساء لا
بشكل عام فإن الرجال المسلمين عادة لا يخسرون شيئاً بحصول الطلاق الديني لأنه حسب الشرع يمكنهم الزواج من واحدة إلى أربع نساء لهذا فإن الرجل الذي يستمر في الزواج من إمرأة، يمكنه أن يتزوج في نفس الوقت من ثلاث أخريات إسلامياً.
أما المرأة فلا يحق لها إلا الزواج من رجل واحد لذا عندما يرفض الزوج الطلاق الإسلامي لا يمكنها أن تتزوج إسلامياً من شخص آخر حتى تستمر في الحياة. النساء يهبنَ حتى ملاقاة أحد عندما يكن متزوجات دينياً، خوفاً من الإساءة إلى سمعتهن. وحول هذا قالت ريتا «لا يمكن للمرأة أن تتزوج ولا أن تكون مع أي رجل مالم تتطلق إسلامياً».
في الولايات المتحدة تعدد الزوجات ممنوع قانونياً والزواج مسموح من شخص واحد حسب القانون المدني وإذا أراد الرجل أن يتزوج إمرأة أخرى عليه أن يحصل على طلاق من محكمة مدنية قبل أن يقدم على هذه الخطوة إذا كان متزوجاً.
وذكرت ريتا أن زوجها كان ينوي أن يفعل ذلك لكنها رفضت أن تقوم بتطليقه مدنياً مالم يطلقها دينياً، وقد تمنع عن ذلك بداية» لأنه أراد الطلاق المدني لذا إذا رفض الطلاق الإسلامي «فلن أرضى بالطلاق الآخر، فإما أن تقوم بالطلاقيين وإلا فلا»، كما قالت له.
وأفصحت ميليندا «إذا كان البعض من النساء ذهبن إلى المشايخ وقلن لهم أنهن يردن الطلاق لأن أزواجهن تزوجن إمرأة أخرى هناك إحتمال صدهن لأن هذا ليس سبباً جيداً للطلاق على إعتبار أن الرجل يملك الحق بالزواج من أربع». وخلصت إلى القول «أنا إمرأة ملتزمة دينياً وأمارس عباداتي لكن عقلي لا يستوعب رؤية رجلي مع إمرأة ثانية. لا توجد إمرأة تقبل بذلك».
وتنصح ريتا النساء بأن يتزوجن مدنياً بالإضافة إلى الزواج الإسلامي حتى إذا قررن الطلاق يمكنهن الضغط على أزواجهن بتطليقهن دينياً إذا رفض الطلاق المدني وقالت «لاتزوجن دينياً فقط فقد يحضر إمرأة ثانية إلى هنا ويتزوج منها».
الدوران فـي حلقة مفرغة
في العام 2010 جالت ناديا حمادة على رجال الدين طالبة الطلاق الإسلامي بعد إنفصالها عن زوجها السابق الذي رفض ذلك. حمادة كانت تعاني من العنف الأسري خلال فترة زواجها واليوم بعد أن أصبحت محامية لها مكتبها الخاص في مدينة ليفونيا، فهي تعمل بجد كناشطة إجتماعية من أجل زيادة الوعي حول الموضوع والوصول إلى أكبر عدد ممكن من النساء ضحايا العنف الأسري. وبالرغم من عدم حصول إتصال جسدي مع زوجها السابق خلال أكثر من 3 سنوات وعدم وقوع إتصال شفوي بينهما لأكثر من عامين إلا أن حمادة مستمرة في محاولة الحصول على طلاق ديني. في إحدى المرات أبلغ عالم دين حمادة على الهاتف أن طلاقاً إسلامياً منح أخيراً وبإمكانها أن تقوم بترتيبات للحصول على وثيقة الطلاق من المسجد، لكن الفرصة فاتت عليها بعد أن أبلغها المسجد بعدم وجود أي سجل للطلاق. أما شيخ المسجد فادعى أنه لا يتذكر أنه قام بتطليقها.
ومنذ أكثر من عام وحتى اليوم تحاول حمادة العمل مع رجل الدين بإستمرار ومع المسجد (للحصول على الطلاق) لكن من دون أن يحالفها أي حظ. أما زوجها السابق فإنه ينكر أنه أعطى أي موافقة على الطلاق.
وحول تجربتها ذكرت حمادة «أنا أعتقد جازمة أن ما يحصل هنا هو مخالفة لحقوق المرأة… إن للمرأة حق طلب الطلاق والحصول عليه إذا عانت بما فيه الكفاية وطلب المرأة يستحق إحتراماً خاصاً عندما تقع حالات الهجر أو إساءة المعاملة وماشابه ذلك وإلا فإن غير ذلك هو عقاب لها غير عادل».
تهديد بالزنا
بعض النساء يضطررن إلى التهديد بإرتكاب الزنا إذا لم يستجب الشيخ لطلب الطلاق، لأن هذا يعني أنهن أخللن بعقد الزواج الإسلامي مما يؤدي للطلاق وحول هذا الصدد قال الشيخ الحسيني «يكون الأوان قد فات لأن المرأة إرتكبت الزنا لتوها… إنظري، الزواج هو عقد وإرتباط مقدس وهذه المرأة قد فضت العقد والرباط الروحي بارتكابها هذا العمل». الحسيني هو من بين رجال الدين الذين تعرضوا للتهديد من قبل النساء وبإرتكاب هذا الفعل الشائن إذا لم يتم تطليقهن، لكنه يقول إنه لا يخضع للتهديد وإذا إرتكبت المرأة فعل الزنا «أقول لها هذا سيء جداً وأنت مأثومة وأترك أمرك لله فلا تهدديني لأني لا أطلق إمرأة تهددني»، حسب الحسيني.
بعد الطلاق
النساء اللواتي لا يحصلن على الطلاق الديني من أزواجهن مازلن يجدن صعوبات بالإستمرار في حياتهن لأنهن إذا تواعدن أو تزوجن من رجل آخر من دون طلاق إسلامي فإن سمعتهن وشهرتهن تتعرض للتشويه، وقد أشارت ميليندا إلى «أنك إذا إلتقيت رجلاً ما وأنت مازلتِ متزوجة فإنهم يقولون أنك تستحقين نار جهنم وأنك إمرأة سيئة». والعديد من النساء لا يملكن شجاعة طلب الطلاق لأنه ضد تقاليدهن. وأدلت ريتا حول نفس الموضوع برأيها فقالت «الناس يعتقدون إذا طلبت المرأة الطلاق فإنها تفعل شيئاً خاطئاً، لكنها إذا لم تكن سعيدة في حياتها مع الرجل الذي تعيش معه فلا شيء يجبرها على البقاء معه وعيش حياته هو. إنها تجربة مرة في البداية لأننا نعرف كيف يبدأ الناس بالنميمة لكن النتيجة بعد ذلك تكون جيدة لأن المرأة لا تعد تشعر بالضغط الذي كان يمارس عليها من قبل…».
ميليندا كانت دائماً تحتفظ لنفسها بالمشاكل الزوجية لأنها إذا أفصحت عنها لأحد أفراد العائلة فإنه كان سيقول لها أن الطلاق ليس خياراً وعليها أن لا تعتمد عليه. وأضافت «يحاولون إخافتك بالقول أن السنة الناس سوف تتناولك ويمارسون كل الضغوط عليك. في النهاية قلت لنفسي لن أستمع لأحد، أنا غير سعيدة ولا أحد يعيش الحياة التي أعيشها أنا».
هذا التحقيق تم بمساعدة من برنامج «نيو أميركان ميديا» للنساء المهاجرات. يمكن التواصل مع نتاشا دادو على عنوان البريد الإلكتروني التالي:
natasha@arabamericannews.com
Leave a Reply