الكويت – تواصلت المواجهة خلال الأسبوع الماضي بين النظام الكويتي والمعارضة التي قررت المضي قدماً في تصعيدها على خلفية رفضها لأي تعديل في قانون الإنتخابات حيث نظمت الأحد الماضي أكبر تظاهرة في تاريخ الدولة بمشاركة حوالي ٢٠٠ ألف شخص غصت بهم شوارع الكويت في مشهد غير مألوف قبل أن تتدخل قوى الأمن وتفض الاحتجاجات التي يشكل عمادها الإسلاميون.
وقد لجأت قوى الأمن إلى عنف غير مسبوق أدى إلى جرح أكثر من 100 متظاهر بالاضافة الى اصابة 11 من عناصر الشرطة. ووقعت معظم الإصابات بسبب التدافع هرباً من قنابل مسيّلة للدموع ألقيت بكثافة، فيما تم اعتقال معارضين، في مقابل قرارات اتخذتها السلطة بمنع التظاهر ورفع سقف التضييق على المعارضين.
وتأتي المشكلة الحالية في سياق أزمة سياسية بدأت في العام 2011 عندما تمّ حلّ البرلمان الذي انتخب في العام 2009 وانتخاب آخر ليتم لاحقاً حلّ الجديد وإعادة برلمان 2009 ثم حلّه مرة أخرى. لكن الجديد على الساحة الكويتية اليوم بدأ مع إعلان أمير الكويت صباح الاحمد الجابر الصباح الجمعة الماضي إصدار «مرسوم ضرورة» يقضي بتغيير قانون الانتخابات الحالي، وذلك في ظلّ عدم وجود برلمان. والقانون الحالي يقسّم البلاد إلى خمس دوائر، يحق فيها لكل كويتي بأربعة أصوات، بينما تسعى الحكومة إلى إقرار قانون الصوت الواحد مع الحفاظ على مبدأ الدوائر الخمس.
واعتبرت المعارضة في بيان أصدرته السبت الماضي، عشية التظاهرة وعقب اجتماعها في ديوان رئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون وهو أحد أقطاب المعارضة أن محاولة السلطة تعديل الدوائر الانتخابية «انقلاب جديد على الدستور». ودعت الشعب الكويتي لمقاطعة الانتخابات والتظاهر السلمي.
ويعزو المعارضون موقفهم ذاك إلى أن الحكومة تريد أن تتجنب تكرار تجربة انتخابات شباط (فبراير) الماضي التي أسفرت عن فوز غالبية معارضة (تحالف الإسلاميين والعشائر) في البرلمان قبل أن تقضي المحكمة الدستورية بحله وإعادة برلمان 2009 الموالي للحكومة لأسباب إجرائية. كما ترى المعارضة أن هذه الخطوة تهدف إلى التلاعب بنتائج الانتخابات وإيصال برلمان «مطيع» في الإنتخابات المقررة في مطلع كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
وردد المتظاهرون قبل تفريقهم بالقوة الأحد الماضي شعارات مناهضة للحكومة وللمرسوم منها «المرسوم باطل باطل» و«لن نسمح لك» في تحد واضح للسلطة.
وفي السياق، تؤكد المعارضة عدم التراجع حتى سحب المرسوم (الأمير لم يصادق نهائياً عليه وهذا ما يشكل نقطة عودة)، وتعد بالتحضير لتظاهرة حاشدة، من هنا يتوقع الشارع الكويتي معركة كسر عظم مقبلة بين الحكومة والمعارضة.
وقالت المعارضة إن المظاهرات التي تصدت لها الشرطة بالغاز المسيل للدموع ووصفتها الحكومة بأنها غير قانونية هي «بداية جادة لحراك مستمر سياسيا وميدانيا» وطالبت بالافراج عمن اعتقلوا خلالها.
وصعدت المعارضة من لهجتها في البيان الذي قال إن «مطالب الشعب الكويتي لا تنحصر في إلغاء المرسوم وإنما هي مطالب تمتد لتشمل تحقيق الإصلاح السياسي الذي ينقل الكويت إلى أن تصبح دولة برلمانية ديمقراطية بالإضافة إلى رفض النهج القمعي والحكم الفردي».
وفي السياق افرجت محكمة كويتية الثلاثاء الماضي، بكفالة عن ثلاثة نواب معارضين يلاحقون بتهمة التعرض لامير البلاد، كما افرجت النيابة العامة عن اربعة ناشطين اعتقلوا بعد مواجهات الأحد الماضي مع الشرطة.
ومن جهة أخرى، ذكر بيان لوزارة الداخلية بأن الدولة «لن تسمح مطلقا بالخروج في مسيرات أيا كانت الأسباب والدواعي مناشدة الجميع عدم مخالفة القوانين والتي ستتعامل معها أجهزة الأمن المعنية بكل الحزم والشدة».
ولحينه تقف الكويت أمام مفترق طرق، إما اكتفاء المعارضة بالمقاطعة السلبية للانتخابات وإما أن يضطر النظام للانحناء في وجه عاصفة الجماهير المصرة على المضي قدماً ويتراجع عن التعديل القانوني.. وفي الحالتين، الطريقان قد يحددان مستقبل النظام نفسه.
Leave a Reply