هامترامك
تشهد مدينة هامترامك في انتخابات الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، سباقاً محتدماً بين المرشح اليمني الأصل آدم الحربي ومنافسه البنغالي الأصل محيط محمود على خلافة رئيس البلدية الحالي آمر غالب الذي لم يترشح للاحتفاظ بمنصبه، إلى جانب سباق آخر لا يقل حماوةً على ثلاثة مقاعد في مجلس المدينة ذات الأغلبية المسلمة، والتي تُعدّ المدينة الأميركية الوحيدة التي يتولّى المسلمون جميع المناصب المنتخبة فيها.
سباق رئاسة البلدية
يمثّل سباق رئاسة بلدية هامترامك هذا العام معركةً انتخابية محتدمة تعكس التنافس بين أكبر مكونين عرقيَّين في المدينة البالغ عدد سكانها نحو 27 ألف نسمة، وهم اليمنيون والبنغاليون، إذ يسعى المرشح آدم الحربي لإبقاء المنصب يمنياً لأربع سنوات إضافية، بمواجهة عضو مجلس المدينة الحالي، محيط محمود، الذي يسعى بدوره لأن يصبح أول رئيس بلدية بنغالي الأصل في تاريخ هامترامك.
ورغم تصدره جولة التصفيات التي أجريت في آب (أغسطس) الماضي بفارق كبير عن أقرب منافسيه، يواجه الحربي تحدياً صعباً في انتخابات نوفمبر المقبل، لاسيما في حال نجاح محمود في حشد أصوات الناخبين البنغاليين لصالحه، على عكس ما جرى في الجولة التمهيدية التي ضمت مرشحَين آخرَين من أصول بنغالية، هما خان حسين و«مستر بنغلاديش».
ففي جولة أغسطس المنصرم حاز الحربي، الذي كان المرشح الوحيد من أصول غير بنغالية، على نحو 53 بالمئة من الأصوات، مقابل 29 بالمئة لمحمود و13 بالمئة لحسين و2.8 بالمئة لـ«مستر بنغلاديش».
وبحسابات بسيطة، يمكن التنبؤ بمعركة انتخابية متقاربة للغاية في نوفمبر القادم، لاسيما وأن نسبة الإقبال ستكون أعلى من جولة أغسطس التمهيدية، مما قد يكون كفيلاً بإعادة خلط الأوراق في السباق على خلافة غالب –اليمني الأصل– الذي قرّر عدم الترشّح للاحتفاظ برئاسة البلدية بانتظار تثبيته في منصب السفير الأميركي لدى دولة الكويت. وهو ترشيح مازال يخضع للتدقيق في مجلس الشيوخ الأميركي، رغم مرور أكثر من ستة أشهر على إعلانه من قبل الرئيس دونالد ترامب.
وبالإضافة إلى مسيرته المهنية ونشاطه السياسي والاجتماعي في مدينة هامترامك التي وُلد وترعرع فيها، يعوّل الحربي بشكل كبير على دعم غالب وتوحد اليمنيين الأميركيين خلف حملته، وهو ما ظهر جلياً في الجولة التمهيدية سواء من خلال نتائج صناديق الاقتراع أو من خلال عدم ترشح أي منافس له من أصول يمنية.
وكان الحربي (44 عاماً) قد أفاد صحيفة «صدى الوطن» في مقابلة سابقة بأن قرار ترشحه نابع من فهمه العميق لاحتياجات هامترامك، باعتباره أحد أبنائها وخريج مدارسها العامة، مؤكداً معرفته –عن كثب– بمختلف تحديات المدينة ومشاكلها المزمنة.
كما لفت الحربي إلى أن تجربته المهنية التي تمتد لأكثر من 20 عاماً في مجالات الهندسة والإدارة تزوده أيضاً بالوسائل والأدوات الضرورية لتحليل الأزمات والمعضلات تمهيداً لحلها من خلال اعتماد خطط وحلول عملية قابلة للتنفيذ.
ويضع الحربي على رأس أولوياته تحديث البنية التحتية في عموم المدينة التي تحيط بها ديترويت من جميع الجهات، لافتاً إلى أن تدهور الطرقات والأزقة وشبكات المياه والصرف الصحي يزيد من المعاناة اليومية للسكان، وقال: «طرقنا وأزقتنا في حالة مزرية، وشبكات المياه والصرف الصحي بحاجة ماسة إلى التجديد.. هذه ليست رفاهيات، بل أساسيات لا يمكن لأي مدينة أن تنمو بدونها، وسوف أعمل في حال انتخابي رئيساً للبلدية على وضع خطة عاجلة لإعادة تأهيل البنية التحتية وضمان تحسينها بشكل مستدام».
في المقابل، يواجه محمود الذي يشغل عضوية مجلس بلدية هامترامك منذ مطلع عام 2022، تحقيقاً مستمراً تجريه شرطة ولاية ميشيغن بشأن مقر إقامته الحقيقي، بعدما ادعى محقق خاص بأنه مقيم في مدينة تروي، مما يحرمه قانونياً من تولي أي منصب منتخب في البلدية، بموجب ميثاق المدينة الذي يتطلب من المسؤولين المنتخبين أن يكونوا من سكان هامترامك.
ورغم اقتراب موعد الانتخابات، لم تتوفر أي مستجدات بعد، حول نتائج التحقيق الذي وُضع في عهدة شرطة الولاية منذ أيار (مايو) الماضي.
ومحمود (52 عاماً) هو مهاجر بنغالي انتقل للعيش في ولاية ميشيغن عام 2000، حيث واصل تعليمه في كلية محلية ونال شهادة «أسوشيت» جامعية، علماً بأنه كان قد درس التاريخ الإسلامي قبل هجرته إلى الولايات المتحدة، حسبما أفاد في مقابلة سابقة مع «صدى الوطن».
يشار إلى أن محمود متأهل وله ثلاثة أبناء وكذلك الحربي الذي لديه خمسة أبناء تتراوح أعمارهم بين سبعة أشهر و20 عاماً.
محمود، الذي يركّز برنامجه الانتخابي على المسؤولية المالية وتطوير البنية التحتية، يُعتبر من الشخصيات البارزة في الجالية البنغالية بمنطقة ديترويت، حيث شارك في تأسيس منظمة «الأيادي المساعدة» إلى جانب ترؤسه سابقاً تجمع البنغاليين الأميركيين بالحزب الديمقراطي في ولاية ميشيغن.
ورغم أن سباق رئاسة بلدية هامترامك لا يُعتبر سباقاً حزبياً، إلا أن علاقة محمود القوية بالحزب الديمقراطي قد تلعب دوراً حاسماً في ترجيح كفته الانتخابية في المدينة العمّالية المعروفة تاريخياً بولائها للحزب الأرزق.
فعلى عكس غالب ونصف أعضاء مجلس هامترامك الحاليين الذين انتقلوا إلى الضفة الجمهورية، رفض محمود تأييد حملة ترامب الرئاسية عام 2024، مفضلاً الالتزام بدعم حملة المرشحة الديمقراطية آنذاك، كامالا هاريس، رغم تدهور شعبيتها في أوساط الناخبين العرب والمسلمين بسبب الحرب الإسرائيلية على قطع غزة.
وكان غالب، وثلاثة أعضاء في مجلس هامترامك (أبو موسى وخليل رفاعي ومحتسن صدمان) قد أعلنوا في خريف 2024 عن تأييد ترامب والجمهوريين في الانتخابات الأخيرة بعد سلسلة خلافات مع الديمقراطيين. بسبب أجندة المثلية الجنسية وحرب غزة، لكن ذلك، لم يكن كافياً لفوز ترامب بالمدينة رغم تحسن أرقامه بأكثر من الضعف مقارنة بانتخابات 2020.
ونالت هاريس 48 بالمئة من أصوات الناخبين في هامترامك خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مقابل 42 بالمئة لترامب الذي جمع 2,291 صوتاً في سباق البيت الأبيض لعام 2024، مقابل ألف صوت تقريباً في سباق 2020، ونحو 1,200 صوت في 2016.
يُذكر أن رصيد الحربي في تصفيات أغسطس الماضي بلغ 1,931 صوتاً، مقابل 1,039 صوتاً لمحمود و470 لحسين و102 لـ«مستر بنغلاديش».
سباق مجلس المدينة
يتنافس ستة مرشحين على ثلاثة مقاعد في مجلس هامترامك البلدي، وذلك بعد أن أسفرت الجولة التمهيدية عن استبعاد ستة مرشحين آخرين، لتنحصر المنافسة بين كل من: أبو موسى، نعيم تشودري، يوسف سعيد، مطهر فاضل، عبدالملك قاسم ولقمان صالح.
وتصدر العضو الحالي في المجلس، أبو موسى، السباق التمهيدي بمجموع 1,129 صوتاً، متقدماً على العضو السابق نعيم تشودري الذي جمع 1,053 صوتاً، وكلاهما من أصل بنغالي. أما المركز الثالث فكان من نصيب المرشح الصومالي الأصل يوسف سعيد الذي بلغ رصيده 909 أصوات، في ثاني محاولة انتخابية له بعد خسارته سباق المجلس في عام 2023.
أما المرشحون الثلاثة الآخرون فجميعهم من أصول يمنية، وجاء ترتيبهم في الجولة التمهيدية وفق التالي: مطهر فاضل رابعاً (900 صوت) وعبدالملك قاسم خامساً (814 صوتاً)، ولقمان صالح سادساً (812 صوتاً).
ويتنافس المرشحون الستة على ثلاثة مقاعد في المجلس المكون من ستة أعضاء، والذي يترأسه رئيس البلدية، وفقاً لميثاق هامترامك.
يذكر أن مجلس المدينة الحالي يضم أربعة أعضاء من أصول بنغالية وعضوين من أصول يمنية، وجميعهم مسلمون.
Leave a Reply