فاطمة الزين هاشم
أفكر أحيانا كما يفكر القارىء، أيّهما أشد إيلاماً، هل ارتفاع ضغط الدم أم ضغط الحياة الذي تتصدره معضلة التأمين؟ فإذا كان الطبّ قد اكتشف طرقاً عديدة لمعالجة ارتفاع ضغط الدم فما بال المسؤولين يحجمون عن معالجة معضلة التأمين وتخفيف أعبائها وضغطها على السائقين؟
فالأطباء اكتشفوا علاجات حديثة لارتفاع ضغط الدم بعيداً عن النصائح التقليدية القديمة التي كانت تحذّر من تناول الملح والدهون، فثمة أغذية تساعد على هزيمة هذا المرض الذي يعد من أكثر الأمراض شيوعاً وأخطرها على صحة الإنسان، لما قد يسببه من ضعف في البصر والقلب وأمراض الكلى وصولاً إلى الإصابة بالسكتة الدماغية القاتلة حتى في عزّ الشباب، إذ اكتشف الباحثون أنّ هناك أطعمة تساعد على انخفاض ضغط الدم مثل البطيخ الأصفر (القرع) والبطاطا وعصير البرتقال والحليب.
أمّا حول التأمين على السيارات فتظل المشكلة تراوح في مكانها مرخية بثقلها على السائقين كضغط من ضغوط الحياة اليومية.. المتفاقمة.
فقد زفت الأخبار لنا مؤخراً بشرى تمرير قانون جديد لإصلاح نظام التأمين على السيارات في ميشيغن على أن يبدأ سريانه بعد نحو سنة من الآن.
لكن، إلى حين تطبيق القانون الجديد، وجدت شركات التأمين الفرصة سانحة لمواصلة نتف جيوب المواطنين، فواصلت زيادة أسعارها لتبلغ مستويات فلكية لا يحتملها جيب ولا عقل.
بانتظار صيف ٢٠٢٠ الذي نتطلع إليه بشوق كبير، حين يبدأ تطبيق القانون الجديد الذي وعدنا بتخفيضات مضمونة، لايزال اقتناء سيارة في ديربورن عبئاً على كاهل الجميع أما بالنسبة لذوي الدخل المحدود فهو ضرب من ضروب الخيال..
ربما هي مسؤولية «ملوك ضروب الإنشورنس»، لكن بأية حال، الفرد في هذه الولاية المتقلبة مناخياً لا يمكنه الاستغناء عن السيارة لقضاء حاجاته والذهاب إلى عمله، حتى يظل يكدح ليلاً ونهاراً من أجل دفع الفواتير.
سقى الله أيام الحمير التي كانت تكلفتها لا تزيد عن صاع من الشعير أو التبن وسطل ماء.. فالحمير كانت لتغني عن كل هذه المتاعب قبل أن تغزو التكنولوجيا عالمنا،
سقى الله زماناً لا حوادث سير فيه ولا تصليح ولا عوادم تلوث الهواء ومحركات تشيع الضوضاء في كل مكان، زماناً كان فيه التأمين الاتكال على رب العالمين.
في حياتي، زرت بعض الدول الأوروبية، فكان يلفت نظري دائماً منظر مويجات الدراجات الهوائية التي يقودها الناس، خصوصاً المسنون الذين يستعملونها بدلا عن السيارات في تنقلاتهم وقضاء حاجاتهم والتسوق.
إننا نأمل من القانون الجديد أن يساعد الناس فعلاً ويمكنهم من تأمين سياراتهم بمبالغ معقولة، فالشرطة لا ترحم من ليس لديه تأمين، وضبط المخالفة جاهز دائماً، وكأنهم يقولون ادفع لنا أو لشركات التأمين أو ادفع حياتك بانفجار في مخك.
Leave a Reply