ديترويت – خاص «صدى الوطن»يستحضر مغني الهيب هوب، الفنان زاو، مدينة ديترويت في الكثير من أغانيه، بوصفها مدينة تتطلع وتناضل من أجل البقاء رغم جميع الصعوبات والانهيارات التي أصابتها في الصميم. فـ «ديترويت» تمثل علامة بارزة في تاريخ الأفارقة-الأميركيين، منذ كانت مدينة «الحرية» بالنسبة للكثيرين منهم، أو على الأقل.. كانت المحطة الأخيرة قبل إجتيازهم للنهر الفاصل بين الولايات المتحدة وكندا.. حيث ما تزال تنتصب حتى الآن نُصُب تذكارية تؤرخ لرحلات الفرار هرباً من الإستعباد وقوانين المزارع في الجنوب الأميركي..أما في الماضي القريب، فديترويت تمثل رمز المدينة المتطورة والمزدهرة، والتي كانت حتى وقت قريب فقط في مقدمة المدن الأميركية من حيث الإنتاج والمشاركة في البناء الأميركي، إقتصاداً وثقافة..لكن الحال الذي وصلت إليه «ديترويت» والتراجعات الكبيرة التي عرفتها، فضلاً عن التدهورات الجديدة بفعل الأزمة المالية لتي تعصف بالبلاد مؤخراً، تمثل ذروة الإختبار لمدينة عرفت قمة المجد والألق، فضلاً عن إختبار إيمان أبنائها بها.. سواء أؤلئك الذين شهدوا أيامها الذهبية، أو أبنائها من الجيل الجديد ممن شبّوا وترعرعوا على أنقاض مدينة غارقة في الفقر والعطالة والبؤس والجريمة..«مغني الراب» «زاو» يحتفظ بصورة مشرقة عن مدينة ديترويت. صورة رسخت في ذاكرته بسبب حكايات جدته وذكرياتها فيها، أو أحاديث بعض كبار السن الذين يعرفهم، ويحاول أن يؤسس لصورة ديترويت الجميلة في ذهن الأجيال الجديدة، ويدأب على تقديمها بوصفها رمزاً للنضال والمقاومة ضد الموت والخراب والفقر، بفعل الطاقة الذاتية التي تمتلكها هذه المدينة.. والتي كونتها خلال تاريخ ناصع من النجاح والتفوق!..«إن سيرة مدينة ديترويت هي سيرة دراماتيكية» يقول زاو. كانت قد انبنت بفضل جهود أبنائها من السود والبيض والعرب الذين عملوا جنباً إلىجنب، بالإضافة إلى الجماعات الأخرى، ولكنها بدأت بالتراجع منذ السيتينات والسبعيينات حين بدأ البيض يهجرونها لأسباب عديدة، أكثر ما يؤلم فيها، مخاوفهم من مجاورة السود، والعمل معهم، والعيش إلى جوارهم.ويستدرك «زاو» ويؤكد على فكرة أنه لا يدين أحداً، أو عرقاً، أو جماعة، بل هو فقط يدين الحالات الشاذة والمتشنجة والمريضة التي أضرّت بمدينة ديترويت.ومن هنا فإن بعض موضوعات أغانيه، ترتكز على النقد الإجتماعي والأخلاقي لبعض الظواهر السيئة، وفي مقدمتها تعاطي المخدرات، مؤكداً أن أغانيه تحمل دائماً رسائل فنية وإنسانية تتبنى القيم السامية وتنبذ الإنحلال والعنف والجريمة.أصدر زاو ألبومين حتى الآن، وساهم بمشاركة آخرين من فنانين الهيب هوب في أكثر من 15 ألبوما عبر تقديم الموسيقى لهم.وعن تجربته مع مغني الراب اللبناني «بيغ اي» يقول «زاو»: إنها تجربة رائعة ومثيرة.. بدأت منذ عرض آن آربر وما زالت مستمرة حتى الآن، بفضل التصميم والإرادة التي يتحلى بها «بيغ اي»، والتي أمدتني بالقوة والإلهام..المثير في التجربة، هو التعاون بين مغنييْن قادميْن من ثقافتين مختلفتين، ويعلق «زاو» على هذه الفكرة بالقول: الثقافان مختلفان، ولكنني بطبعي أتطلع إلى ما يجمع، وأعرض عما يفرق، فالعرب والسود يختلفون في عاداتهم وتقاليدهم، وفي طرائق اللباس والطعام والشراب، لكنهم متشابهون من حيث حبهم للعائلة وتمسكهم بالقيم..«ومن هذا المنطلق فقد قمنا، «بيغ أي» وأنا، بإنتاج أغنية تحمل عنوان (الصراع نفسه) وموضوعها الظلم الأوروبي والأميركي الذي يتعرض له العرب والسود»، ينهي زاو حديثه.
Leave a Reply