لمى فقيه ناشطة حقوقية أميركية من أصل لبناني مثقفة ناجحة وبارعة أميركية. نشأت في ولاية ميشيغن. إنها محامية وخبيرة وباحثة في منظمة «هيومان رايتس واتش» في سوريا ولبنان، وهي إحدى أهم المنظمات المستقلة المهتمة بالدفاع عن حقوق الإنسان في العالم.
«هيومان رايتس ووتش» كانت ومازالت تسجّل الإنتهاكات والخروقات التي ترتكبها الدول والمجموعات ضد حقوق الإنسان منذ ٣٥ عاماً، وفي السنوات الأخيرة عملت على توثيق المخالفات الإنسانية التي إرتكبها طرفا الصراع في سوريا خلال الحرب الأهلية هناك. وتلعب المحامية فقيه دوراً محورياً في جمع وكتابة التقارير عن الخروقات الحقوقية من سوريا ورفعها الى مكاتب الجمعية الرئيسية في نيويورك.
لمى فقيه |
ولدت لمى فقيه وهي نجلة الطبيب المعروف حسن الفقيه، في بيروت قبل أن تنتقل للعيش في مدينة ساغينو في شمال ولاية ميشيغن، ثم الى مدينة وست بلومفيلد حيث تخرجت من ثانويتها العامة لتحوز شهادة البكالوريوس من كلية «سارة لورانس» وعلى شهادة القانون من جامعة نيويورك المرموقة.
قبل أن تنضم إلى جمعية «هيومان رايتس ووتش» وتتخذ من العاصمة اللبنانية مقراً دائماً لها، كانت فقيه المعروفة بنشاطاتها البحثية في ديترويت، قد عملت مع مجموعة من المنظمات الإنسانية حول العديد من القضايا التي تتراوح بين توثيق المصاعب التي تواجه المرأة المصرية الساعية إلى الطلاق، إلى المصاعب التي واجهت اللاجئين العراقيين في دمشق بعد الغزو الأميركي لبلادهم في العام ٢٠٠٣.
«صدى الوطن»، إلتقت المحامية فقيه التي كانت تقوم بزيارة خاطفة لعائلتها في مدينة بلومفيلد هيلز، وأجرت معها الحوار التالي:
-أخبرينا عن عملك كباحثة ومدونة فـي مجال حقوق الإنسان؟
– أنا أغطي البلدين سوريا ولبنان وأعمل بشكل أساسي على توثيق الإنتهاكات في مجال حقوق الإنسان، والعمل الذي قمنا به في سوريا كان ينصب على مخالفات الحكومة وقوى المعارضة المسلحة معاً. بالنسبة إلى الحكومة، السلسلة طويلة حيث سجلنا إعتقالات عشوائية وتعذيب وقتل أثناء الإعتقال كما وثقنا بعض الهجمات العشوائية على المدن السكنية من ضمنها إستخدام الطيران والمدفعية. ومعنى ذلك هو أن الحكومة تستخدم القوة العسكرية المفرطة التي ليست موجهة ضد أهداف عسكرية مقابلة.
– كيف تجمع الجمعية كل هذه المعلومات رغم محدودية التجول فـي سوريا؟
– التجول الميداني في سوريا أصبح ضيقاً جداً منذ بدء الأزمة فيها. قمنا بإرسال طلبات متكررة إلى الحكومة السورية للسماح لنا بالتجول في البلد من أجل أن نعاين عن كثب ما يحصل، لكن الحكومة لم تسمح لنا بزيارات رسمية ميدانية منذ بدء الأزمة. إلا أننا تمكنا من توثيق المخالفات عبر مقابلة الضحايا والشهود الذين عاينوا هذه المخالفات وذلك عبر زيارة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة. كذلك نقوم بزيارة مخيمات اللاجئين السوريين في الدول المجاورة حيث نتحدث إليهم هناك عن أسباب هربهم من بلدهم وماذا شاهدوا قبل أن يرحلوا. كذلك نتحدث مع أناس داخل سوريا عبر الهاتف والإنترنيت ونعتمد على الإتصال المرئي عبر الأقمار الإصطناعية و«سكايب». مثلاً في شهر آذار (مارس) الماضي كتبنا تقريراً عن منطقة «بابا عمرو» في حمص مستخدمين صور الأقمار الإصطناعية وأظهرنا أن الحكومة السورية تقوم بقصف عشوائي واسع على المناطق السكنية.
– أنت متهمة بإستخدام لغة ناعمة ومعتذرة فـي تقاريرك عندما يتعلق الأمر بإرتكابات المسلحين، بماذا تردين؟
– على العكس، لقد كنا أول منظمة دولية غير حكومية تقدم تقريراً عن إرتكابات المعارضة المسلحة في شهر آذار (مارس) ٢٠١٢ حيث عثرنا على أدلة بإنتهاكات المعارضة وقمنا بتوثيقها والإعلان عنها، كذلك أدنا هذه الإنتهاكات وما زلنا مستمرين في إدانتها.
– فـي إحدى التقارير عن إرتكابات المعارضة ذكرتِ أن هناك مخالفات حكومية أكثر من مخالفات المعارضة، بعض الناس يعتقدون أن هذا الكلام لا يملك دليلاً واقعياً!
– من الواضح تماماً أن مستوى المخالفات الحكومية يفوق مخالفات المعارضة، هذه حقيقة نزعمها لكننا لا نخفف من وطأة الإرتكابات لدى المعارضة. وعندما إرتكبت إعدامات ميدانية من دون محاكمة قمنا بإدانتها وأسميناها جرائم حرب وعندما دمرت المعارضة أضرحة ومقامات دينية قمنا بتوثيق ذلك ولم نخطئ بإستخدام المفردات على الإطلاق عندما تعلق الأمر بالإنتهاكات.
– هل عطلت السياسة اللبنانية عمل المنظمة فـي سوريا؟
– لبنان الرسمي يعتمد سياسة «النأي بالنفس» عما يجري في سوريا وهناك قلق عالمي كبير من أن تؤدي الأزمة السورية إلى عدم الإستقرار في لبنان. لقد مورست عملية ضبط نفس كبيرة من أجل ضمان عدم إنتقال الأزمة ونارها إلى لبنان، ومؤخراً سجلنا بعض الأمثلة عن قصف الحكومة السورية والمسلحين معاً، من دون تمييز، لبعض المناطق اللبنانية مما أدى إلى إصابات في صفوف المدنيين. لذلك فإننا ندعو الحكومة اللبنانية لتأمين حدودها، وإرسال تنبيه للطرفين بأنها لن تتساهل في أي خرق من قبلهم على الأراضي اللبنانية.
– أخبرينا عن عملك فـي لبنان؟
– هناك مشروع حالي لمعاينة أحوال بعض الجماعات المضطهدة من قبل الشرطة مثل المثليين الذين يزعم أنهم يستخدمون الجنس والمخدرات. كما وجدنا إساءات في مراحل الإعتقالات القضائية وهؤلاء الأشخاص لا يشعرون أن بإمكانهم مقاضاة افراد القوى الأمنية التي تسيء معاملتهم. مؤخراً، قامت الشرطة اللبنانية بمداهمة قاعة سينما في بيروت يحضرها المثليون وخضع البعض منهم للإعتقال والتفتيش غير اللائق والمعاينة الطبية المهينة، فأصدرنا بياناً صحافياً وأدنا طريقة التفتيش والمداهمة نفسها، والسلك الطبي أكد لنا أنه لن يقبل بإجراء تفتيش كهذا لكن هذا الأمر مستمر رغم وجود حركة لوقفه والتحقيق ماضٍ في هذا المجال.
– مثليي الجنس ليس لهم حقوق في لبنان كيف تتعاملون مع هذه المسألة بما أن حقوق هؤلاء الإنسانية تتعرض للانتهاكات تحت مظلة القانون؟
– لبنان دولة موقعة على اتفاقية منع التعذيب، وتقييمنا الخاص أن التفتيش الجنسي في هذا الإطار يعتبر بمثابة تعذيب وإذا إستمر لبنان في هذا السلوك فإنه يكون قد أخل بإلتزاماته الدولية في مجال إتفاقيات حقوق الإنسان، وهذا ليس تحليلنا فقط فالجسم الطبي اللبناني ذكر ذلك أيضاً.
– ماذا يمكن للمنظمة الإنسانية أن تفعل إزاء الإنتهاكات ضد العمال الأجانب فـي لبنان؟
– إننا مستمرون في الدفاع عن العمال الأجانب من ضمن قانون العمل اللبناني وقد سجلنا وجود تحرك مدني نشيط للدفاع عن حقوق العمال الأجانب من الناحية التعاقدية كالحصول على يوم عطلة مثلاً.
في الختام ذكرت فقيه أنها إستوحت عملها في مجال حقوق الإنسان مبكراً بعد إعتداءات أيلول الإرهابية، حيث بدأت تعمل مع المنظمات الحقوقية لمناهضة التمييز ضد العرب الأميركيين من قبل السلطات الأمنية الأميركية وقالت أنها كانت مهتمة بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعندما بدأ «الربيع العربي» شعرت بالحاجة إلى العودة إلى هناك.
وعن إمكانية إنتقال عدوى الربيع العربي إلى عروش الخليج قالت فقيه «لا أريد التنبؤ.. ولكن لا أحد لديه المناعة».
Leave a Reply