مع حلول الربيع واقتراب فصل الصيف يتوق العديدون من أبناء الجالية العربية الى السفر لقضاء إجازات وعطل من أجل الراحة والإستجمام، غير أن البعض منهم قد تنتظره مفاجأة غير سارة على باب المطار تمنعه من صعود الطائرة بكرامة أو حتى منعه من السفر، لأن اسمه قد يكون مدرجاً على إحدى اللوائح الأمنية التي يصدرها مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي).
إذا حدث وكان اسم أحد العرب الأميركيين -ولأي سبب من الأسباب- مدرجاً على لائحة «الممنوعين من الطيران» واعتزم السفر عبر المطار، فإنه حالما يصل إلى قسم تأكيد الحجوزات سيجد نفسه محاطاً بعملاء تابعين لوزارة «الأمن الداخلي» يبلغونه بقرار عدم السماح له بـالصعود إلى الطائرة، وهؤلاء يختلفون عمن ترد أسماؤهم في لائحة «مراقبة الإرهابيين» الأوسع نطاقاً، والتي يخضع الأشخاص المشمولون فيها لمضايقات العملاء الفدراليين حيث يتم اقتيادهم علناً أمام المسافرين ويخضعون لساعاتٍ من الإستجواب المضني والتفتيش الجسدي المهين قبل السماح لهم بالصعود إلى الطائرة.
أعداد الأسماء المدرجة على اللائحتين مجهولة، لكنه في آذار (مارس) العام ٢٠٠٩ أفيد بوجود أكثر من مليون اسم على لائحة «مراقبة الإرهبيين»، في حين ضمت قائمة «الممنوعين من السفر» في أوائل العام ٢٠١٢، حوالي 10 آلاف إسم، بحسب مصادر رسمية. ولكن بحسب «أسوشيتد برس» فإن تلك القائمة تضم أكثر من 21 ألف شخص.
ولم تكشف الحكومة الأميركية عن العوامل التي من شأنها وضع الأشخاص في قائمة المشتبه بهم، كما أنها لم تكشف عن الأسماء الواردة في القوائم.
والجدير بالذكر أن مكتب الـ«أف بي آي» يتولى، من خلال «مركز مراقبة الإرهاب» التابع له، جمع «داتا» الأسماء وإصدار القوائم وتحديثها استناداً على تقارير ترد من كافة أجهزة الإستخبارات.
وفي حين تعتبر جماعات حقوق الإنسان والمنظمات المدنية بأن العرق والدين يلعبان دوراً أساسياً في وضع أسماء أشخاص معينين على هذه اللوائح، غير أن أشخاصاً بارزين كأعضاء في الكونغرس ومتقاعدين من الجيش الأميركي ورجال أعمال وفنانين وإعلاميين لم يفلتوا من وقوعهم ضحايا التحقيق والإنتظار الطويل في المطارات بسبب وضعهم على لائحة «مراقبة الإرهابيين» أو حتى بسبب تشابه الأسماء.
وللتدليل على عدم عدالة هذه اللوائح بل غباوتها فإن المناضل الجنوب أفريقي الرئيس الراحل نيلسون مانديلا كان رمزاً للعدالة والتسامح والإعتراض السلمي في العالم، لكن هذه الصفة لم تشفع له لدى وكالات الإستخبارات الأميركية التي إرتأت أن اسمه يستحق أن يوضع على لائحة «مراقبة الإرهابيين» وظل صامداً عليها حتى ٢٠٠٨.
السناتور الأميركي الراحل تيد كينيدي قال عام ٢٠٠٤ إنه إضطر إلى مكالمة وزير «الأمن الوطني» شخصياً بسبب تأخيره عدة مرات في المطارات. وبعد إقرار كينيدي أن معظم المواطنين ليس لديهم منفذاً على كبار مسؤولي الأمن تساءل «كيف يمكن للمواطن أن يحصل على معاملة عادلة من دون هدر حقوقه؟».
الجواب على هذا السؤال صعب لعدم وجود إجراء بسيط يسمح بإزالة اسماء الأشخاص الذين نكبوا بوضعهم على لوائح الـ«أف بي آي».
بإمكان الفرد أن يتقدم بشكوى لدى «وزارة الأمن الداخلي» (هوملاند سيكيورتي) لإزالة اسمه من اللائحة، وعادة ماتقوم الوزارة بارسال رسالة للمشتكي تذكر فيها «إن معظم المدرجين على اللوائح لا يشتبه بأنهم إرهابيون حقيقيون» وتدعو إلى طمأنته بأن لا داعي للذعر.
ونظرياً يقوم محققون من الـ«أف بي آي» ووزارة الأمن الداخلي بمقابلة الشخص «موضع الإهتمام» من أجل «تبرئة اسمه» ولكن بوجود مئات الآلاف من الأسماء المدرجة على لائحتي «مراقبة الإرهابيين» و«الممنوعين من السفر» تطول معاناة الضحايا ويعاقب كثيرون بشكل غير مبرر عند رغبتهم بممارسة حق السفر.
طريقة أخرى لإزالة اسمٍ ما عن اللوائح، عبر التقدم بدعوى قانونية ضد الحكومة الفدرالية إلا أن هذا النوع من الدعاوى قد يطول لسنوات طويلة كما أن ليس كل الأشخاص يملكون الإمكانات المادية لتحمل نفقات المحكمة وأتعاب المحامي. بالإضافة إلى ذلك فإن الشبان الصغار الذين يبحثون عن لقمة العيش والأفراد البارزين في المجتمع الذين يريدون حماية مصالحهم التجارية قد يحجمون عن تقديم شكوى قانونية لكي لا يعلموا العالم أجمع بوجود اسمائهم على لوائح الحكومة مما قد يسبب ضرراً لأوضاعهم الإجتماعية وسمعتهم.
ويرى الحقوقيون أن لائحة «المنع من السفر» تشكل انتهاكاً صريحاً لحق المواطنين في التنقل من دون توفير أسباب واضحة، ولا أحد يعلم بالضبط لماذا يدرج اسم شخص على لائحة ما، ولكن ما يجري في الواقع أن المسافر يعاقب على أمر مبهم من دون أن يعرف السبب وماهي الأدلة الحسية ضده ومن دون منحه حتى فرصة الدفاع عن النفس.
Leave a Reply