واشنطن – ستصبح 700 مليار دولار ديون للشركات الأميركية مستحقة الدفع بداية من عام 2012. ويتخوف المحللون من أن تثقل هذه المبالغ الكبيرة كاهل أسواق الديون. وباقتراب حلول مواعيد هذه الديون الضخمة على الشركات الأميركية والحكومة على السواء، يساور الشركات قلق عدم الحصول على قروض جديدة، مما يؤدي لتأخر عمليات السداد وللإفلاسات.
وتحتاج الحكومة الأميركية لاقتراض ما يقارب تريليونين دولار في 2012، لجسر هوة العجز في ميزانيتها لتلك السنة ولإعادة تحويل الديون الراهنة. وأدت هذه المخاوف المتعلقة بزيادة الديون القومية أو السيادية، لأن تحذر مؤسسة “موديز” من أن تفقد أميركا وبعض الدول الغربية تصنيفاتها الائتمانية المتقدمة. وتؤدي هذه الديون السيادية لعرقلة الاقتصاد ككل، حيث ستعمل على خفض الوظائف، وإنفاق المستهلك، وكذلك تقليل حجم الائتمانات المقدمة للمستهلك والمؤسسات التجارية.
وكان يسهل على مؤسسات الأسهم الخاصة والمؤسسات غير المالية الاقتراض بشروط ميسرة حتى وقوع أزمة الائتمان في 2007، لكن لن يبدأ ظهور الآثار السالبة المترتبة على ذلك قبل حلول 2012. ويعود السبب في ذلك إلى أن السندات والقروض التي تم إصدارها لتمويل هذه العمليات لن يحل موعد سدادها قبل خمس إلى سبع سنوات. بالإضافة إلى ذلك استطاعت العديد من الشركات التي تحل مواعيد سداد ديونها في 2009 و2010، تمديد فترات قروضها مما يضيف لفاتورة 2012 وما بعدها. وبالطبع هناك يوم آتٍ لسداد هذه الديون أطلق عليه محللو السندات اسم “حد الاستحقاق”.
وسترتفع السندات كبيرة الفوائد وعالية المخاطر والمستحقة هذه السنة من 21 مليار دولار الى 155 ملياراً في 2012، وإلى 212 ملياراً في 2013، والى 338 ملياراً في 2014. وعادت أسواق الائتمان لسابق عهدها خاصة في الشهور الأخيرة لتوفر قروض إضافية للشركات مما يشير للثقة في عودة التعافي الاقتصادي. لكن تكمن القضية في إمكانية مقدرتها على استيعاب الزيادة القادمة في طلب الائتمانات.
وكما هو الحال في انهيار الرهونات العقارية عالية المخاطر قبل ثلاث سنوات، لعبت المشتقات دوراً أساسياً في انفجار ديون الشركات الخطرة. وتعتبر “أتش سي أي” للمستشفيات التي تحولت للقطاع الخاص في 2006 مقابل 33 مليار دولار، واحدة من الشركات التي يحين موعد استحقاق ديونها بين 2012 إلى 2014 بنحو 13,3 مليار دولار. وكذلك شركة “كي كي آر” بنحو 20,9 مليار في نفس الفترة.
أما شركة “ديلوجي” العقارية المالكة لـ”سينشري 21”، فقد تحولت للقطاع الخاص عندما قامت “أبولو” بشرائها في ربيع 2007 مع بدء تدهور سوق العقارات. وهذه الشركة ملزمة بدفع 8 إلى 9 دولارات عن كل دولار تجنيه لتسديد ديونها، وما تزال الشركة تعاني نقصاً في السيولة لتغطية فوائد أرباح الديون. ولا يقتنع الكثير من الناس أن سنة 2012 ستجلب معها مصاعب جمة لأسواق السندات ذات الفوائد الكبيرة والمخاطر المرتفعة. ومن المتوقع أن يسمح استمرار المستثمرين في الإقبال على السندات الجاذبة للشركات في الحصول على تمويلات قبل حلول موعد استحقاق ديونها.
ويقول الخبير الاقتصادي مارتن فريدسون “للشركات متسع من الوقت يقارب السنتين حتى حلول 2012 لتزيد من “حدود استحقاقاتها”، وأن مقدرة حصول الشركة على تمويلات جديدة يعتمد على وضعها”. لكن لا يزال هذا الوضع متسماً بالخطورة، وحتى في ظل تحسن الاقتصاد، فإن الشركات المثقلة بالديون سيكون عليها منافسة تلك الشركات ذات التاريخ الأفضل.
ومن بين المدينين الذي يتمتع بتاريخ أفضل، الحكومة الأميركية. وتقدر وزارة الخزانة الأميركية أن يبلغ إجمالي عجز ميزانية الحكومة في 2012 نحو 974 مليار دولار، منخفضاً عن ما كان عليه هذه السنة عند 1,8 تريليون دولار. ويركز معظم النقاد على فجوة الميزانية فقط، لكن على واشنطن في حقيقة الأمر اقتراض 1,8 تريليون في 2012، ذلك لأن السندات القديمة بقيمة 859 مليار دولار سيحين موعد استحقاقها عند ذلك الوقت ويجب إعادة تمويلها بالإضافة لعجز الميزانية، وبحلول 2013 ينبغي جمع 1,4 تريليون دولار سنوياً.
شهدت الحكومة الأميركية في أواخر تسعينيات القرن الماضي فائضاً في ميزانيتها مما دفعها لسداد جزء من ديونها السيادية. لكن وبالعجوزات الهائلة التي واجهتها الحكومة في غضون السنوات الماضية، ارتفعت الديون السيادية لتبلغ 12 تريليون دولار. ويأتي بعد ذلك دور الشركات التي ينبغي عليها إعادة تمويل قروض تبلغ جملتها 1,2 تريليون دولار من 2012 حتى 2014، بما في ذلك 526 مليار دولار في 2012. وأخيراً يحل دور صكوك الأوراق المالية المدعومة والتي ستتضاعف خلال الثلاث سنوات المقبلة لتبلغ 59,7 مليار دولار في 2012. وحتى في ظل حصول معظم الديون على التمويل مرة أخرى، فربما على الشركات زيادة الدفع في حال أدى الاقتراض الحكومي الكبير لزيادة نسب الفائدة لجميع المقترضين.
عن “انترناشونال هيرالد تريبيون”
Leave a Reply