واشنطن، فيلادلفيا – اتفاق بين البيت الأبيض والكونغرس الأميركي من شأنه تفادي وقوع البلاد في «الهاوية المالية» من الممكن التوصل إليه خلال أسبوع، هذا ما أعلنه الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع الماضي رغم وجود مؤشرات تدل على صعوبة تحقيق تسوية جمهورية-ديمقراطية تشمل رفع سقف الدين العام، وسط تعثر المفاوضات بين قادة الحزبين.
وربما يسعى أوباما في «تفاؤله» الى إلقاء الكرة في ملعب الجمهوريين، حيث أشار خلال لقائه مع ممثلي أوساط الأعمال إلى أن تفادي «الهاوية» ممكن فقط في حال وافق الجمهوريون على زيادة الضرائب المفروضة على المواطنين الأثرياء.
وقال أوباما، في كلمة استمرت 17 دقيقة أمام عدد من كبار المدراء التنفيذيين للشركات فيما يسمى «المائدة المستديرة للشركات» في فيلادلفيا الاربعاء الماضي: «إنه لا يجب إقحام قادة الأعمال في أزمة أخرى بشأن سقف الديون مثل تلك التي حدثت في عام 2011 وتسببت في انخفاض الأسهم، ودفعت بمؤسسة «ستاندارد آن بورز» للتصنيف الائتماني إلى تخفيض تصنيف الولايات المتحدة».
ويشير المراقبون إلى أن اختيار أوباما القاء كلمته أمام المائدة المستديرة للشركات في فيلادلفيا جاء لتوضيح التباين بين قيادته للإقتصاد وبين قيادة الجمهوريين.
وقبل أربعة أسابيع من تطبيق نظام تقشف صارم (السقوط بالهاوية المالية) يهدد نمو الاقتصاد الأميركي الهش، قال رئيس مجلس النواب الجمهوري، جون باينر، إن الولايات المتحدة قد تتفادى الهاوية المالية. وأضاف باينر أنه «من الواضح أن هناك فرصة لحل المشكلة المتعلقة بديوننا، رغم تعثر المفاوضات». ولاتزال المواجهة بين إدارة الرئيس أوباما والجمهوريين في الكونغرس مستمرة حول التوصل إلى خطة لخفض عجز الميزانية والدين الأميركي بدلا من زيادة الضرائب وخفض الإنفاق الفدرالي بشكل أوتوماتيكي في الأول من كانون الثاني (يناير) القادم ولا يضمن أي طرف التوصل إلى اتفاق قبل الموعد النهائي في نهاية العام الجاري.
وتحتاج الولايات المتحدة إلى رفع سقف ديونها الذى يزيد عن 16 تريليون دولار حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها وتجنب الغاء تخفيضات الضرائب على الأميركيين اعتبارا من مطلع العام المقبل، والذى سيضر كثيرا بأسر الطبقة المتوسطة، إضافة إلى خفض الانفاق على البرامج الفيدرالية الذى سيضر أيضا بالاقتصاد الأميركي.
ويصر الجمهوريون على تمديد تخفيضات الضرائب لجميع الأميركيين، سواء أسر الطبقة المتوسطة أوالأثرياء الذين يحصلون على دخل يزيد عن 250 ألف دولار سنوياً، بينما يرى أوباما ضرورة تمديد التخفيضات الضريبية ليستفيد منها 98 بالمئة من الأسر الأميركية، وزيادة الضرائب فقط على الأثرياء الذين لا يشكلون سوى 2 بالمئة من الأميركيين.
وتشير البيانات الصادرة عن البيت الأبيض إلى أن مفاوضاته مع الكونغرس لتجنب ما يعرف بـ«الهاوية المالية» لازالت جارية، بينما يقول الجمهوريون في الكونغرس وخاصة باينر إن المفاوضات توقفت بعد أن تم البدء في بحث المقترح المبدئي الذى قدمه الرئيس أوباما والذى يدعو إلى زيادة الضرائب بمبلغ ١,٧ تريليون دولار وتقليص سلطة الكونغرس فيما يتعلق بمنع زيادة سقف الدين الأميركي.
ورد الزعماء الجمهوريون في مجلس النواب بعرض مقابل في مفاوضات الهاوية المالية، واقترحوا تخفيضات بمبلغ ٢,٢ تريليون دولار من خلال خفض الإنفاق وإصلاح الاستحقاقات والمخصصات و800 مليار دولار في صورة إيرادات من الضرائب الجديدة.
وكان أوباما قد أعرب في أول لقاء تليفزيوني منذ إعادة انتخابه رئيسا إن خطة الجمهوريين لتجنب ما يسمى «الهاوية المالية» لا تسعى إلى رفع الإيرادات بشكل كاف لتقليص عجز الميزانية بحوالي أربعة تريليونات دولار على مدى العقد المقبل.
وقال أوباما في حوار مع تليفزيون «بلومبرغ» من داخل البيت الأبيض لدينا إمكانية لعقد صفقة، لكن لسوء الحظ فإن مقترح باينر لا يزال بعيداً عن حالة التوازن المطلوبة.
ومن جانبه، أعلن وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر انه لن يحصل اتفاق في الكونغرس حول الموازنة اذا لم يسمح الجمهوريون بزيادة الضرائب على الفئات الأكثر ثراء.
واكد غايتنر لشبكة «سي أن أن» إذا كان الجمهوريون لا يريدون زيادة الضرائب الى المستوى الذي كانت عليه إبان إدارة كلينتون (التسعينات)، الفترة التي كان فيها الاقتصاد الأميركي مزدهرا، فإنه لن يحصل اتفاق».
وقال غايتنر «ندعو (الجمهوريين) الى الإنضمام إلينا للقيام بما هو صالح للإقتصاد الأميركي»، مؤكداً أن ذلك «سيتحقق من خلال التوفير في النفقات وليس فقط زيادة الضرائب على نسبة الـ2 بالمئة من الاميركيين الأكثر ثراء».
ولا يرغب الجمهوريون بزيادة معدل الضريبة على الفئات الأكثر ثراء (الـ٢ بالمئة)، لأنهم يرون أن هؤلاء من يوفرون الوظائف لنمو الإقتصاد الأميركي، ويرون أن تكبيل الشركات الكبرى بالضرائب سيفاقم البطالة في البلاد.
Leave a Reply