جوليا قاسم – «صدى الوطن»
تجمّع المئات من سكان مدينة ديربورن هايتس في ملعب «وورن فالي» للغولف، الاثنين الماضي، للاحتجاج على مقترح بتحويل الملعب إلى حي سكني فاره، يضم حوالي 200 منزل جديد بمواصفات عالية.
وطالب السكان المستاؤون بعدم بيع الملعب الذي تملكه وتديره مقاطعة وين، رافعين لافتات تدعو إلى المحافظة عليه كجزء لا يتجزأ من تاريخ مدينة ديربورن هايتس، منذ إنشائه في عشرينات القرن الماضي، بتصاميم المهندس دونالد روس، الذي يعتبر أحد أبرز مصممي ملاعب الغولف في العالم.
وملأ أكثر من ٥٠٠ شخص قاعة نادي «وورن فالي» حيث عقدت عضو هيئة مفوضي مقاطعة وين عن ديربورن هايتس، ديان ويب، ندوة مفتوحة لمناقشة المشروع المقترح.
وقالت ويب إنها دعت إلى هذه الندوة العامة لسببين. الأول، هو الاطلاع على تفاصيل المشروع من قبل مسؤولي المقاطعة، والثاني هو الاستماع إلى آراء الناس وأسباب معارضتهم للمقترح.
وقالت ويب إنه من حق دافعي الضرائب معرفة التفاصيل، كما أنه «من المهم الاستماع إلى أصوات الناس».
وعندما أشارت ويب إلى أن الموافقة على بيع ملعب الغولف «لم تتم بعد»، قوبل كلامها بالترحيب والصيحات الحماسية من قبل الحضور الذي طغى عليه الأميركيون البيض من سكان المدينة. لكن ما إن بدأ خليل رحّال، المسؤول عن قسم التطوير الاقتصادي في مقاطعة وين، بعرض تفاصيل المشروع، حتى عادت مشاعر القلق والغضب لتساور الحاضرين.
شروط وأسباب
وافتتح رحال عرضه بالقول: «لا يمكنني أن أعدكم بأنكم ستكونون جميعكم سعداء لدى سماعكم أجوبتنا هذه الليلة»، قبل أن يباشر بشرح تفاصيل المقترح بشأن ملعب الغولف العملاق الذي يقع في الجزء الشمالي الغربي من المدينة.
وأضاف أن المقاطعة تأمل بتحويل ملعب الغولف إلى حي سكني فاخر، مؤكداً انفتاح ونزاهة حكومة المقاطعة حيال المسألة برمتها، علماً بأن المشروع لا يزال بحاجة إلى موافقة مجلس المفوضين الذي يضم 15 عضواً يمثلون كافة مدن وبلدات مقاطعة وين.
وقاطع الحضور كلمة رحال مراراً، حيث قال أحدهم غاضباً «من سيجني المال من هذا؟»، فيما قام آخرون بإطلاق صيحات الاستهجان والاستنكار.
وأوضح رحال أن الحي السكني سيضم أكثر من 150 منزلاً، مشدداً على أن حكومة المقاطعة ألزمت المطور العقاري Delta Management بالتقيّد بشروط قاسية لإبرام الصفقة، من بينها إنجاز المشروع خلال ثلاث سنوات، وخلق أكثر من 100 وظيفة والالتزام بشروط المقاطعة لتصريف مياه الأمطار والسيول.
وأورد رحال عدة أسباب دفعت المقاطعة إلى التفكير ببيع ملعب الغولف، وفي مقدمتها الفيضانات المتكررة الناتجة عن ارتفاع منسوب نهر الروج الأوسط لدى تساقط الأمطار الغزيرة، إضافة إلى تزايد الأعباء المالية لصيانة وتشغيل الملعب في ظل تراجع شعبية لعبة الغولف لاسيما في أوساط الأجيال الجديدة.
وقال رحال إن ملعب «وورن فالي» للغولف كبّد خزينة المقاطعة خسائر مالية على مدار السنوات الأربع الماضية، لافتاً إلى أن الإقبال على هذه اللعبة «المكلفة» انحسر كثيراً خلال السنوات الماضية، في ظل امتناع أبناء الألفية الثالثة عن ممارسة الغولف باعتبارها لعبة «صعبة التعلّم» على حد وصفه، فيما أشار إلى نزوح بعض السكان عن مدينة ديربورن هايتس والتوجه للعيش في مدن أخرى مثل نورثفيل وكانتون حيث تتوفر خيارات منزلية أفضل بالنسبة لهم.
وتشمل الصفقة التي توصلت إليها حكومة المقاطعة مع شركة «دلتا مانجمنت»، بيع ملعب الغولف الذي تبلغ مساحته ٢٥٠ آيكر بسعر ١.٨ مليون دولار، مقابل استثمار الشركة ٣٠ مليون دولار في المشروع الذي لا يزال يحتاج موافقة مجلس مفوضي المقاطعة.
ردود الأفعال
وبعد استماعهم إلى جملة الأسباب التي دفعت حكومة مقاطعة وين إلى الموافقة الأولية على المشروع، أعرب الحضور عن رفضهم للمشروع مستعرضين أسباباً متنوعة تدفعهم إلى الاعتقاد بأن المشروع سيكون له تأثير سلبي على الجوار والمدينة برمتها.
أما أبرز نقاط الاعتراض التي أوردها الحضور، فكانت إثقال كاهل المدارس العامة في المدينة بمزيد من الطلاب والأعباء، فيما تعاني المنطقة التعليمية أصلاً اكتظاظاً شديداً، بحسب لورين فانفالكنبرغ المشرفة العامة على مدارس كريستوود العامة. فيما أكد آخرون أن بيع ملعب الغولف سيفقد المدينة مزيداً من المساحات الخُضر.
ولكن رحال أكد للحاضرين أن الخطة المزمع تنفيذها لن تعود بالنفع فقط على المقاطعة، وإنما ستعود بالمنفعة على مدينة ديربورن هايتس تحديداً، وقال «هذا مجتمعي أيضاً، وليس مجتمعكم وحدكم»، ولكن تلك الكلمات لم تلقَ آذاناً صاغية لدى الحاضرين الذين استمروا بإطلاق صيحات الاستهجان والاستياء، عقب كل جملة قالها رحال.
تراجع؟
ويوم الثلاثاء الماضي، حضرت ويب اجتماعاً لمجلس مدينة ديربورن هايتس، حيث أبلغت أعضاء البلدية أن مصادقة مفوضي المقاطعة على المشروع ليست محتومة.
وبدوره، قال عضو مجلس بلدية ديربورن هايتس دايف عبدالله، إن مصير الملعب يجب أن يحسم بعد الاستماع إلى «جميع سكان المدينة»، مشيراً إلى أن سكان الجوار أبدوا حتى الآن معارضتهم الصريحة للمشروع.
ولفت عبدالله إلى أن إقرار المشروع سوف يوفر للمدينة إيرادات ضريبية مهمة سوف يستفيد منها جميع السكان، ولذلك يجب الحرص على مشاركة الجميع في اتخاذ القرار.
أما العضو البلدي راي موسكات، الذي أعلن في البداية دعمه للمشروع قائلاً «نريد المال ونريد النمو الإقتصادي» قبل أن يعرب عن خشيته من تعرض المنطقة لفيضانات مستمرة، ملمحاً إلى صعوبة احتواء الفيضانات في المنطقة لافتاً إلى أنه واحد من الأشخاص الذين تضررت منازلهم من الفيضانات في المدينة.
ومن ناحيته أيضاً، تراجع رئيس البلدية دانيال باليتكو عن دعمه للمشروع وبعث برسالة إلى مجلس مفوضي مقاطعة وين مستعرضاً آثاره السلبية -بيئياً ولوجيستياً- ومطالباً المجلس برفض المشروع لتفادي المشكلة في المستقبل.
وقال باليتكو الذي يخوض هذا العام الانتخابات للاحتفاظ بمنصبه: «لا أريد أن أحارب لثلاثين سنة قادمة من أجل معالجة مشكلة الفيضانات في الطرف الشمالي من المدينة» وأضاف «أن المنطقة لا تعاني حالياً من مشاكل من هذا القبيل»، مطالباً مجلس مقاطعة وين بإعادة النظر بـ«المقترح المشكلة» في جلسته القادمة.
والجدير بالذكر أن مدينة ديربورن هايتس (57 ألف نسمة) شهدت في السنوات الماضية نمواً ملحوظاً للجالية العربية، وذلك على المستويين السكاني والتجاري، حيث انتقلت آلاف الأسر العربية إلى أحياء هذه المدينة والعمل فيها، كما تم افتتاح العشرات من المصالح التجارية التي يملكها عرب أميركيون لاسيما في الجزء الشمالي من المدينة.
Leave a Reply