حسن عباس – «صدى الوطن»
تشهد هامترامك انقساماً حاداً بين سكان المدينة على خلفية مقترح انتخابي سيُعرض على الناخبين في آب (أغسطس) القادم، لاستدانة أكثر من 35 مليون دولار لتحديث المباني المدرسية وبناء مدرسة ابتدائية جديدة في المدينة.
وتسعى المنطقة التعليمية في هامترامك إلى إصدار سندات دين بقيمة 35 مليون و265 ألف دولار لتأمين تكاليف إصلاح وتحديث مدارس المدينة الثماني، في حال موافقة الناخبين على المقترح الذي يتضمن زيادة ضريبة الملكية العقارية بمعدل 7 مِل (المل الواحد يساوي واحداً بالألف من القيمة الضريبية للعقار بحسب تقييم الولاية) لسداد الدين على مدى ثلاثين سنة.
وكان المقترح قد أُعدّ لطرحه في استفتاء انتخابي في أيار (مايو) الماضي، لكن تم تأجيله إلى انتخابات 4 آب (أغسطس) المقبل، بسبب أزمة كورونا وتفاقم تداعياتها، متسبباً بخلافات حادة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين النشطاء والمسؤولين حول جدوى خطوة من هذا النوع في مثل هذا التوقيت.
ويزداد الجدل سخونة حول مقترح المنطقة التعليمية التي تضم زهاء 3,500 طالب وحوالي 400 موظف، مع سعي البلدية إلى طرح مقترح ضريبي آخر في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لاستدانة 20 مليون دولار على مدى 20 سنة، من أجل تأمين المعاشات التقاعدية لعناصر الشرطة والإطفاء.
وتشتهر مدينة هامترامك بأنها تضم أكبر نسبة من السكان المهاجرين بين مدن ولاية ميشيغن، وتشكل الجالية العربية اليمنية شريحة رئيسية من النسيج السكاني للمدينة الواقعة في قلب ديترويت.
وأشار رئيس المجلس التربوي بهامترامك، إيفان مايجور، إلى أن السبب الرئيسي لدعوة السكان إلى التصويت بـ«نعم» على المقترح، هو توفير التمويل اللازم لبناء مدرسة ابتدائية جديدة، إضافة إلى تركيب مكيفات هواء وتجديد المرافق في المباني المدرسية القائمة، مؤكداً أن الأموال المقترضة لن تستخدم في دفع رواتب الموظفين. وقال «نريد أن نكون أكثر نشاطاً فيما يتعلق بالصيانة بغية خفض التكاليف».
وأفاد مايجور لـ«صدى الوطن» بأن حكومة ميشيغن لا تغطي تمويل إصلاحات البنى التحتية للمدارس في الولاية، والتي تقع على عاتق المناطق التعليمية التي عليها اتخاذ القرارات الصعبة في هذا المجال، عبر طلب موافقة السكان على زيادة الضريبة العقارية لضمان بيئة تعليمية آمنة وعصرية.
واستفاض قائلاً: «هذا غير عادل، ولكنه واقع الحال.. فعلى المناطق التعليمية تأمين التمويل لإجراء التحسينات على البنى التحتية للمدارس في ولايتنا»، لافتاً إلى أن مقترح سندات الدين هو أحد «آليات توفير الإيرادات التي تلجأ إليها المناطق التعليمية».
وإذا كان إقرار المقترحات من هذا النوع خياراً سهلاً في المدن ذات الدخل المرتفع، فإن هذا الخيار تعترضه صعوبات كبيرة في المجتمعات الفقيرة نسبياً.
وقال: «في بعض الأحيان يغادر الناس المدن بسبب الضرائب التي تثقل كاهل مالكي العقارات»، سواء السكنية أو التجارية.
وبالإضافة إلى تدني المستوى التعليمي في مدارس هامترامك، يجادل معارضو المقترح بأنه من غير الضروري طرح سندات دين في الوقت الحالي، لاسيما وأن صندوق المنطقة التعليمية سجل فائضاً بمقدار 11 مليون دولار في السنوات الأخيرة. لكن مايجور، يفنّد تلك المزاعم، مؤكداً أن الفائض ناجم علن «الإدارة الذكية».
وقال: «لقد أقر المجلس التربوي مؤخراً ميزانية العام الدراسي المقبل دون تحجيم البرامج التعليمية أو تسريح الموظفين، لأن المنطقة لديها الأموال اللازمة لتمويل كل ذلك»، لافتاً إلى أن الإدارة قررت عدم إنشاء فصول دراسية كبيرة، لاسيما مع استمرار وباء كورونا.
وأكمل بالقول: «لقد أدرنا الميزانية بذكاء، غير أن الولاية تخبرنا الآن عن احتمال إجراء اقتطاعات في التمويل، تصل إلى 700 دولار لكل تلميذ»، مؤكداً أن المنطقة التعليمية لديها السيولة لتغطية المصاريف، بحيث لا يعاني طلاب مدارس هامترامك العامة من انخفاض في مستوى التعليم.
واستدرك مايجور بالقول إن صندوق المنطقة التعليمية لا يتوفر على الأموال الكافية لتغطية المشاريع الكبيرة مثل تزويد المدارس بأجهزة تكييف حديثة، والتي تكلف وحدها قرابة ستة ملايين دولار، ناهيك على كلفة بناء مدرسة جديدة.
واعتبر مايجور أن تكييف المدارس «واجب أخلاقي»، قائلاً: «لا يجب أن يذهب أي طفل إلى المدرسة، في يوم درجة حرارته 90 فهرنهايت، بدون تكييف».
وتابع: «كما لا يجب أن يضطر أي طفل إلى حمل كل ملابسه الشتوية من أجل الذهاب من صف دراسي متحرك إلى صف آخر، بدلاً من التركيز على تحصيله الأكاديمي».
وتعتزم المنطقة التعليمية بناء مدرسة ابتدائية مكونة من ثلاثة طوابق، بمساحة 37 ألف قدم مربع.
وفي الوقت الحالي، يخدم حرم واحد، طلاب ابتدائية ديكنسون وإعدادية كوسيزكو، إضافة إلى صفوف دراسية متنقلة (مقطورات) تم شراؤها لاستخدامها بشكل مؤقت، لكنها لا تزال قيد الخدمة، بسبب غياب التمويل اللازم لبناء مدرسة جديدة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب.
أيضاً، يجادل معارضو المقترح بوجود ثلاث ضرائب عقارية سارية لتمويل مدارس هامترامك ، مؤكدين على أنها يجب أن تكون كافية للإيفاء باحتياجات المنطقة التعليمية.
ويردّ مايجور بالقول إن الضريبة الأولى هي معيار التشغيل الأساسي الذي يتعين على أية منطقة تعليمية اعتماده لخدمة الطلاب في ميشيغن، أما الثانية فهي بمعدل 3.9 مِل، لتوفير إيرادات بقيمة 700 ألف دولار من أجل إصلاح السقوف والنوافذ في المدارس المتهالكة، أما الضريبة الثالثة، بمعدل 4.3 مل، فولّدت إيرادات بقيمة 800 ألف دولار تستخدم حصراً للخدمات الترفيهية للطلاب والتي يمكن لجميع سكان هامترامك الاستفادة منها.
نصر حسين، وهو رجل أعمال وعضو في مجموعة تدعى «مواطنون في هامترامك ضد الضرائب»، قال إن الإيرادات التي حققتها الضرائب الثلاث يجب أن تكون كافية لإصلاح المدارس، موضحاً أن المدينة تحصل بالفعل على حوالي ثلاثة ملايين دولار سنوياً من مواطنيها لتمويل المدارس، وأضاف: «نعتقد بأن هذه الأموال يجب أن تكون كافية، كما أن الفائض في الميزانية هو سبب آخر لمعارضة مقترح طرح سندات دين جديدة».
وأشار حسين إلى أنه لا يوجد ما يشير إلى إمكانية عودة المدارس إلى التعليم التقليدي في المدى المنظور، لافتاً إلى أنه «يجب أن ننتظر حتى ينقشع ضباب وباء كورونا لاتضاح الأمور وإعادة تقييمها». وقال إن المنطقة التعليمية لم تفعل ما يكفي للتواصل مع المجتمع ومناقشة المقترح مع سكان المدينة.
لكن مايجور يؤكد على العكس، ويقول إن إدارة مدارس هامترامك دعت السكان لمناقشة المقترح الضريبي الجديد في عدة مناسبات، وهو ما أقره الموقع الإلكتروني لمجموعة «مواطنون في هامترامك ضد الضرائب» بالإشارة إلى اجتماعات أجريت في مسجد محلي.
وانتقد حسين طرح سندات الدين في انتخابات تمهيدية يكون فيها إقبال الناخبين منخفضاً، واصفاً هذا «التكتيك» بأنه «نوع من الاحتيال».
وعن المقترح الذي ستطرحه البلدية في نوفمبر القادم لتمويل معاشات الشرطة والإطفاء، قال حسين «لقد أساءت البلدية إدارة ميزانيتها، ولا يجب أن تطلب زيادة الضرائب لتحصيل 20 مليون دولار إضافية».
وفي السياق ذاته، انتقد ديفيد آدمزيك مقترح تحديث المدارس، وقال إن الصور المنشورة على الموقع الإلكتروني الخاص بالمنطقة التعليمية لإيضاح الإصلاحات المطلوبة، «مضللة»، وإن المنطقة التعليمية تتطلع إلى إقرار سندات دين باهظة لإجراء إصلاحات تجميلية غير ملحة. وأضاف متسائلاً: «هل من المفيد طرح سندات دين لعمليات التجميل الآن؟».
آدمزيك، وهو شرطي سابق في دائرة هامترامك، ألمح إلى أن الكثير من الأعطال قد تم إصلاحها بالفعل، فيما تحتاج أخرى إلى صيانة روتينية وحسب. وأكد على أن المنطقة التعليمية يمكنها توفير المال من خلال التخلص من الحافلات المدرسية غير الضرورية، وقال: «قبل عدة سنوات، لم تكن مدارسنا تمتلك كل هذه الحافلات، وبوسعها التخلص من بعضها اليوم». وختم بالقول: «بعض المدارس لم تكن فيها مكيفات على مدار مئة عام، فما الحاجة إليها في ظل الظروف التي نعيشها اليوم؟».
Leave a Reply