ديربورن، هامترامك
أثار مقتل الشاب اليمني الأميركي، عبد الملك السنباني، في وطنه الأم، يوم 8 أيلول (سبتمبر) الجاري، موجة غضب عارمة في أوساط الجالية اليمنية بمنطقة ديترويت الكبرى حيث تم تنظيم تظاهرتين في ديربورن وهامترامك للمطالبة بمحاسبة القتلة ووضع حد لسطوة الميليشيات والانفلات الأمني غير المسبوق الذي تعيشه البلاد.
كذلك، تم تنظيم وقفات احتجاجية أخرى في الولايات المتحدة، وتحديداً في كاليفورنيا حيث أقام السنباني منذ هجرته إلى أميركا قبل ثماني سنوات لتلقي تعليمه الجامعي.
وكان الضحية العشريني مقيماً في مدينة فرزنو قبل سفره إلى اليمن لزيارة عائلته وأقاربه، في 8 سبتمبر الجاري، حيث تعرض للاختطاف والسلب والقتل عند نقطة أمنية، بمديرية طور الباحة في محافظة لحج، أثناء توجهه من مطار عدن إلى العاصمة صنعاء.
وشارك مئات المحتجين في تظاهرتي ديربورن وهامترامك، يومي الأحد والخميس الماضيين، حيث دعوا الحكومة الأميركية إلى التدخل للكشف عن ملابسات الجريمة الشنيعة، ومحاسبة المتورطين فيها. كما طالب المحتجون بفك الحصار عن مطار صنعاء وتأمين المنافذ الحدودية التي باتت تعتبر من أخطر المناطق في اليمن بسبب سطوة الميليشيات المسلحة عليها واستغلالها لارتكاب عمليات السلب والنهب التي تستهدف غالباً اليمنيين العائدين إلى الوطن الأم، حسبما أفاد ناشطون يمنيون لـ«صدى الوطن».
وبعد اختفاء السنباني وانقطاع التواصل مع أسرته، عُثر عليه في اليوم التالي من وصوله إلى اليمن، جثةً هامدة في أحد مشافي مدينة عدن. وقد ظهرت فيما بعد، صورةٌ له أثناء توقيفه من قبل عناصر ميليشاوية تابعة «للمجلس الانتقالي»، حيث يعتقد بأنه تعرض للسلب والتعذيب والقتل.
وقوبلت حادثة مقتل السنباني بردود فعل واسعة، على مواقع التواصل الاجتماعي وداخل اليمن وخارجه، مما دفع السلطات في جنوب اليمن إلى فتح تحقيق في القضية.
وفي السياق، التقت القائمة بأعمال السفارة الأميركية لدى اليمن، كاثرين وستلي، بالنائب العام اليمني، أحمد الموساي، للاطلاع على الخطوات التي اتخذتها السلطة القضائية، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الرسمية «سبأ».
ووصف الناشط وليد فدامة حادثة مقتل السنباني بـ«المأساوية»، وقال: «كان هذا الشاب يعيش في أميركا بأمان، وقد اجتاز خمس دول لكي يصل إلى بلاده، ولم يضايقه أحد، ولكن عندما وصل إلى وطنه الأم، تعرض لأبشع أنواع التعذيب والسلب، ثم القتل من أجل أهداف رخيصة».
فدامة، الذي شارك في الوقفتين الاحتجاجيتين في ديربورن وهامترامك، أبدى استغرابه من التلكؤ في إلقاء القبض على القتلة، وقال: «لقد تم توقيفه فيما يفترض أنه نقطة عسكرية نظامية داخل المناطق التي تسمى محررة، وهي مناطق تابعة لحكومة (الرئيس) عبد ربه هادي، فلماذا لم يتم القبض على القتلة والمسؤولين عن تلك الجريمة الوحشية حتى الآن». وأضاف أن من قتلوا السنباني «ليسوا أكثر من ميليشيا مدعومة من دولة الإمارات»، وأن هذه الجريمة «ليست إلا حادثة من آلاف الحوادث التي تقوم بها تلك العصابات يومياً منذ سنوات».
وأوضح فدامة أن المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات المسلحة، تعيث فساداً في البلاد، وأنها تضايق القادمين من خارج اليمن بغرض سلبهم، وقال: «لقد ارتكبوا مئات الجرائم من السلب والنهب والاختطاف والتعذيب.. وحتى القتل، خلال السنوات الأخيرة». ورجّح فدامة بأن عبد الملك قد قتل بسبب حيازته لبعض الأموال، وأن القتلة تذرعوا بأنه ينتمي لجماعة الحوثي من أجل تبرير تصفيته، وقال: «هذا ادعاء عار عن الصحة.. لقد قتلوه من أجل المال».
وأهاب فدامة بالمسؤولين المنتخبين في منطقة ديترويت، وفي مقدمتهم النائبتان في الكونغرس الأميركي رشيدة طليب وديبي دينغل، أن يساندوا اليمنيين الأميركيين في هذه المحنة، وأن يطالبوا الحكومة الأميركية بالضغط على الحكومة اليمنية لكشف ملابسات الجريمة، وكذلك «لإنهاء الحرب التي ليس من ورائها طائل»، على حد تعبيره.
وكانت طليب قد انضمت لمئات المتظاهرين اليمنيين الذين تجمعوا –الأحد الماضي– بالقرب من مقر شرطة ديربورن، إضافة إلى مشاركة النائب العربي في مجلس ميشيغن التشريعي عبد الله حمود.
كما انضمت رئيسة بلدية هامترامك كارين ماجوسكي إلى عشرات المحتجين اليمنيين في هامترامك، الخميس الماضي، وقالت –في كلمة مقتضبة– إن القتلة يجب ألا يفلتوا من العقاب، مضيفة بأنها تضم صوتها إلى الدعوات المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن تلك الجريمة.
من جانبه، قال الناشط اليمني خالد الشاجرة إن الجالية اليمنية «تغلي» لشعورها بالعجز عن مواجهة المآسي المستمرة في اليمن، لافتاً إلى أن «مقتل السنباني دليل إضافي على أن الكيل قد طفح».
وقال الشاجرة: «يجب تقديم هؤلاء المجرمين للعدالة حتى لا تتكرر الجريمة»، مضيفاً في حديث مع «صدى الوطن»: «إن تحقيق العدالة ضروري لوقف قتل المزيد من الأبرياء، وإساءة معاملة الآخرين».
وشدد الشاجرة على مطالب اليمنيين بإنهاء الحرب ووقف التدخل الأجنبي في الشؤون اليمنية، وقال إن الجالية اليمنية تطالب أيضاً بفتح المطارات والموانئ والمنافذ البرية، لأن اليمنيين محاصرون وغير قادرين على السفر بحرية.
وأكد الشاجرة على أن الشعب اليمني بأشد الحاجة إلى الدعم الدولي والمساعدات الإنسانية في الوقت الراهن، وقال: «لقد طالت مأساة الشعب اليمني، ويجب أن نتهي بأسرع وقت، لأن الأوضاع لم تعد تحتمل».
Leave a Reply