من لا يعرف المحامية جومانة كيروز؟! فإسمها وصورتها تجتاح الباصات واللوحات الإعلانية والإذاعات والتلفزيونات في كل أنحاء ولاية ميشيغن، ما دفع صحيفة «ديترويت فري برس» الى إطلاق لقب «ملكة الدعاية والإعلان» علىها.
يوم الجمعة في الثلاثين من شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، إتصلت المحامية جمانة كيروز خلال زيارتها للبنان بإذاعة صوت «الغد»، وقالت للمذيع ساهر المالح، إنها في لبنان لمدة أسبوع واحد فقط، بدعوة من «جامعة بيروت العربية» لتلقي محاضرة في فرع الجامعة الجديد في طرابلس شمال لبنان، وقد توقع المستمعون عبر أثير «الغد» أن تتحدث إليهم عن نصائحها القانونية أو عن إنطباعها عن وطنها لبنان، لكن بدلاً من ذلك راحت المحامية كيروز تحكي وبإعجاب وإسهاب شديدين عن السيدة رندة بري، ووصفتها بالسيدة القوية والنموذج العامل بنشاط وجدَّ والناجحة في أسلوب حياتها ورعاية عائلتها ورعاية مؤسسة إجتماعية في لبنان. فقاطعها المذيع بذكاء، مستغرباً؛ من تكون رندّة برّي وماهو الحقل التي تعمل به؟
أجابت المحامية كيروز وبأسلوب سيدات المجتمع البرَّاق عندما يجتمعن لمناقشة قضايا الإنسان والمرأة تحديداً، حول أطباق شهية وأحاديث لذيذة وتغطية إعلامية عابرة للمحيطات. لا يكسب منها شيئاً من هم دون المحاميَّة كيروز والسيدة برّي منزلةً.
تساءل العديد من المستمعين. وحتى المذيع، إستغرب وهو يتلقى سيلاً من المديح والتفخيم بالسيدة برّي من محامية قديرة تحمل شهادتها من جامعة أميركية مرموقة، لا تقول رأيها في مسألة قبل أن تراجع وتقرأ المراجع، ثم هكذا ببساطة وبعد أول لقاء وغداء وعشاء معها، أصدرت المحامية كيروز حكماً قاطعاً بأن السيدة برّي هي نموذج للمرأة العربية العاملة والناشطة والناجحة.
ذكرتني المحامية كيروز بالمقالات واللقاءات التي كانت تنشرها المجلات والجرائد العربية مع سوزان مبارك وليلى الطرابلسي… بأقلام هزيلة «ماتختشيش» تكتب بحبر النفاق والخداع، إضافة إلى فلاشات المصورين حيث كان «للسيدة الأولى» في الصحف الرسمية وعلى الصفحات الأولى صور شبه يومية وهي تقوم بنشاط أهلي وإجتماعي ما، درءاً لعيون النقمة والتذمر من قبل الشعب المسكين، ولملء جيوبهن (أي السيدات الأول) من المال العام والهبات والتبرعات المخصصة لطبقات معينة من البشر.
لأكثر من نصف ساعة وعلى الهواء مباشرة وبأسلوب الدعاية والإعلان نقلت كيروز الخبر العاجل عن السيدة برّي ونشاطاتها وعملها الدؤوب اليومي لرعاية مؤسسة المعاقين أو ذوي الإحتياجات الخاصة في جنوب لبنان، والمستمع الذي لا يعرف البئر وغطاه، تأكد له إن كل ذوي الإحتياجات الخاصة الكثيرين جراء الحرب في لبنان، يرفلون في نعيم مقيم ورعاية أين منها في أميركا.
لكن الحقيقة، أن السيدة بري تشرف على مؤسسة لذوي الإحتياجات الخاصة تمولها تبرعات أهل البر والتقوى، ولكن هذه المؤسسة لا يدخلها إلاَّ ذو حظٍ عظيم من المعوقين، وآخرون ممن لهم القدرة، مثل المحامية كيروز، للوصول إلى السيدة رندة، أو الأستاذ علي بزي الذي ناله من الإعلان والدعاية نصيب في كلام السيدة كيروز، وهي تتمنى لو أن أحداً من أهله في ديربورن يسمعها وينقل كلامها ومديحها وشكرها له لأنه كان الواسطة للقائها بالسيدة برّي. السيدة رندة برّي نموذج للمرأة في العالم العربي عندما تخلط بين موقعها العائلي وموقعها الوطني، وكونها زوجة زعيم أو رئيس يضمن لها موقعاً رسمياً وإجتماعياً للثراء والشهرة.
حقيقة أن المحامية كيروز هي ملكة الدعاية والإعلان.
Leave a Reply