ميسيسيبي – يمكن اختصار المناظرة الأولى التي جمعت بين المرشحين الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري جون ماكين لخوض سباق الرئاسة الأميركية انها كانت مناظرة تفادي الأخطاء وترداد عناوين الحملات الانتخابية. حرص كل من الديموقراطي باراك اوباما والجمهوري جون ماكين، على رسم معالم صورة الآخر في ذهن الرأي العام، من دون ضربة قاضية، او مقايضة كلامية، تعطي الارجحية لمرشح رئاسي على آخر. وبانتظار الجولة الثانية، وقبل الأخيرة، من المناظرات بين المرشحين كشفت أول مناظرة تلفزيونية بين أوباما وماكين عمق الخلاف بينهما في قضايا تتعلق بالسياسة الخارجية والاقتصاد.
وفيما تعهد سيناتور إلينوي بإستعادة هيبة أميركا ووضعها في موقع قوي في العالم، قال سيناتور أريزونا إنه يعرف «كيف يداوي جراح الحرب».
المناظرة التليفزيونية الأولى بينهما والتي جرت في جامعة ميسيسيبي مساء الجمعة الماضي كان محورها السياسة الخارجية والأمن القومي، وإن طغت الأزمة الاقتصادية على حيز مهم منها واستغرقت قرابة نصف ساعة من المواجهة الحامية.
الإرهاب
ففي شأن الأمن القومي استبعد ماكين حدوث هجمات أخرى بحجم هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 1002، قائلاً إنه من المستبعد حصول ذلك حالياً كما كان عليه الحال في أعقابها.
وأعلن «أميركا آمنة الآن عما كانت عليه في 11/9» غير أنه أضاف «لكن أمامنا طريق طويل قبل تمكننا من إعلان أن أميركا آمنة». وهي نقطة وافقه عليها خصمه السياسي أوباما الذي قال إن الولايات المتحدة هي «آمنة من عدة نواحي» لكنه أضاف أن على البلاد التركيز أكثر على قضايا مثل عدم نشر الأسلحة النووية واستعادة صورة أميركا وهيبتها حول العالم.
التوتر فـي القوقاز
وبشأن العلاقات مع روسيا دعا أوباما إلى إعادة تقييم طريقة تعاطي الولايات المتحدة مع روسيا في ضوء العمليات العسكرية الأخيرة في القوقاز.
وقال «لا يمكنك أن تكون قوة عظمى في القرن الـ21 وتتصرف كإحدى ديكتاتوريات القرن العشرين.».
غير أن ماكين وصف موقف أوباما إزاء الغزو الروسي لجورجيا الشهر الفائت ومطالبته الدولتين بضبط النفس، بالساذج. وأكد في أول مناظرة رئاسية له بأنه يدعم ضم كل من جورجيا وأوكرانيا إلى عضوية حلف شمالي الأطلسي (ناتو).
الملف النووي الإيراني والعراق
وفي الشأن الإيراني شدد ماكين أن سلاح الجمهورية الإسلامية الإيرانية النووي سيكون «تهديداً قائماً ضد دولة إسرائيل» كما سيشجع دولا أخرى في الشرق الأوسط للحصول على سلاح نووي.
وقال ماكين «لا يمكننا السماح بهولوكوست أخرى».
ووافق المرشح الديمقراطي قائلا إن الولايات المتحدة لن تسمح بوجود «إيران نووية» مطالباً بعقوبات مشددة من قبل دول عدة بينها روسيا والصين ضد الجمهورية الإسلامية. كما دعا ماكين إلى قيام «عصبة من الديمقراطيات» في وجه إيران.
وأضاف المرشح الجمهوري أن الرئيس الأميركي المقبل عليه تقرير متى وكيف سيتم فيه الانسحاب من العراق وما ستتركه واشنطن خلفها.
وأعلن ماكين أن الحرب في العراق أديرت بشكل سيء في البداية، غير أن الولايات المتحدة بدأت تنتصر الآن، شاكراً «الجنرال العظيم وإستراتيجية استطاعت أن تنجح» في إشارة إلى الجنرال ديفيد بتريوس.
واستطرد ماكين قائلاً: «إلا أن السيناتور أوباما يرفض الإقرار بأننا ننتصر في العراق».
وهو ما رد عليه المرشح الديمقراطي «ذلك ليس صحيح، ذلك غير صحيح».
وهاجم أوباما خصمه بالقول إنه (ماكين) كان مخطئاً بشأن الحرب في البداية، مضيفاً أن سيناتور أريزونا فشل في توقع الانتفاضة ضد القوات الأميركية وتفجر العنف الطائفي في العراق.
ورد أوباما قائلاً لماكين «في الوقت الذي بدأت فيه الحرب، قلت إنها سريعة وسهلة. قلت إننا نعلم مكان أسلحة الدمار الشامل هناك» ملمحاً إلى السبب الرئيسي الذي بررت به الإدارة الأميركية أسباب غزو العراق في ربيع 2003. وقال سيناتور إلينوي «كنت مخطئاً.. لقد قلت إننا سنستقبل كمحررين.. لقد كنت مخطئاً».
وانتقل المرشحان إلى قضية الاقتصاد، حيث قال ماكين إنه سينظر في تجميد الإنفاق، ما عدا المخصص للدفاع وشؤون قدامى المحاربين وبرامج التعويضات، بهدف تخفيض الانفاق الحكومي. وهو ما اختلف معه أوباما بشدة.
وأعلن المرشح الديمقراطي في المناظرة «هناك بعض البرامج المهمة جداً وهي حالياً تفتقر الإنفاق اللازم». لكن أوباما وافق خصمه بضرورة خفض الإنفاق الحكومي في بعض المجالات، لكنه قال إن مجالات أخرى تتعلق ببرامج الطفولة المبكرة والتعليم بحاجة لمزيد من التمويل.
ماكين كرر موقفه بضرورة نقض أي قانون مخصص لغرض ما، بينما رأى أوباما أن البلاد بحاجة لإدخال إصلاحات في هذا المجال.
وبدا الخلاف عميقاً بين المرشحين في شأن مسألة الضرائب، ففيما قال ماكين أنه سيخفض الضرائب على قطاع الأعمال من أجل تشجيع نمو الوظائف في الولايات المتحدة الأميركية، رد أوباما أنه سيخفض الضرائب لقرابة 95 بالمئة من الأسر الأميركية.
وقال المرشح الديمقراطي إن الولايات المتحدة تواجه أسوأ أزمة مالية منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.
من جهته أكد ماكين أنه متحمس إزاء التعاون القائم بين المعسكرين الجمهوري والديمقراطي لإيجاد حل للأزمة المالية التي تعصف بالاقتصاد الأميركي.
ورفض أوباما محاولات خصمه لجره إلى الإجابة ما إذا كان يدعم خطة الإنقاذ البالغة تكاليفها 700 مليار دولار ورفعتها الإدارة الأميركية أمام الكونغرس للموافقة عليها، مكتفياً بالقول إن التفاصيل النهائية حول الاقتراح لم تتضح بعد. فيما أمل ماكين أن يكون قادراً على التصويت عليها.
أما بشأن المرشحين لمنصب نائب الرئيس، فالسيناتور الديمقراطي جو بايدن غاب عن مسرح ميسيسيبي وشاهد المناظرة من غرفته الفندقية في ميلووكي بولاية ويسكنسن. أما مرشحة ماكين لمنصب نائب الرئيس سارة بالين فتابعت المناظرة من فيلادلفيا بولاية بنسيلفانيا حيث تستعد لمناظرتها أمام خصمها المخضرم بايدن الذي يقوم بالتحضير للمناظرة مع حاكمة ولاية ميشيغن جنيفر غرانهولم. وأقيمت المناظرة في وقت متأخر من يوم الخميس الماضي في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، وتمحورت حول السياسة المحلية والخارجية.
Leave a Reply