وورن – كمال العبدلي
على قاعة «قصر راين» في مدينة وورن، واقتراناً بالحملة العالمية لدعم شارع المتنبي في الذكرى العاشرة على الاعتداء الإرهابي الذي طاله يوم الخامس من آذار (مارس) 2007 ترميزاً للنيل من الثقافة العراقية، حيث تمّ استهدافه بتفجيرٍ هائل راح ضحيته ما يقرب من مئتي قتيلٍ وجريح وأطنان من الكتب المحترِقة، أقام منتدى الرافدين للثقافة والفنون –مشارِكاً لأكثر من أربعين مدينة أميركية من ضمنها العاصمة واشنطن وبدعم من ناشطين أميركيين، ومصاحباً كذلك لمشاركات واسعة في أوروبا والعراق– أمسية ثقافية تحت شعار «شارع المتنبي يبدأ من هنا»، وهو الشعار الذي أطلقه الناشط الأميركي الكبير (بوسوليل) من سان فرانسيسكو بكتابه الذي حمل ذات العنوان، ليعقب ذلك، الاحتفاء بالشاعرة دنيا ميخائيل لمناسبة إصدارها لكتابها الموسوم «في سوق السبايا».
وتخللت الأمسية الاحتفالية فعّاليات متنوعة، من ضمنها معرض للتصوير الفوتوغرافي للفنان بهاء اليعقوبي، ومعارض للكتب والفنون التشكيلية من رسمٍ ونحت، لكل من الفنانين غازي الأسدي، حيدر الياسري، الدكتور زهير المحسن وسوسن الجمل.
وقد أدار الأمسية الدكتور علاء يحيى فائق، حيث تحدث عن تاريخ شارع المتنبي وأهمية الاستمرار باستذكاره، ثم عُرِض فيلم تسجيلي عن الشارع المكتظ بالكتب كما اكتظاظه بالناس من إعداد الفنان مصطفى الصميدعي، ألقى بعد ذلك، الإعلامي الناشط خيون التميمي كلمة المنتدى مسلطاً خلالها الضوء على مسيرة ونشاطات المنتدى عبر سنواته الخمس الماضية، أعقبه تقديم الفنان النحات صباح وزي لمنحوتته «سبيّة» ذات التعبير التراجيدي حيث أبرزت تجسيداً لامرأةٍ فارقت الحياة بفعل التدنيس والتعذيب، رمزت إلى معاناة النساء تحت إرهاب داعش الذي أوغل بامتهان كرامتهن الإنسانية إلى درجة بيعهنّ في سوق السبايا، ليُعرَضَ بعدها فيلم وثائقي عن السبايا حيث يتحدّث فيه أحدُ «التائبين» عن اغتصاب النساء وتوزيعهن كأيّة مغانم على المجرمين التكفيريّين.
في سوق السبايا
وعن الجزء المتعلق بالاحتفاء بالشاعرة دنيا ميخائيل كتبت الفنانة سوسن الجمل: «في سوق السبايا» للشاعرة والكاتبة دنيا ميخائيل، والذي قال عنه الناقد حاتم الصكَر في رسالته المصورة عبر الفيديو، «إلى جانب توثيقه للحظة شديدة الدراماتيكية، في تاريخ العراق والعالم، فإن كتاب دنيا ميخائيل يقدم نموذجاً للكتابة الجديدة العابرة للأنواع، والمازجة بين تقنيات الشعر، الذي فيه لها تجارب طيبة، ومستلزمات السرد، وعناصر الريبورتاج والتحقيق المباشر، فيكون ما سمعت الكاتبة من الضحايا مسرحاً لتلاقي الشعر والواقع في انصهار أليف ومؤثر».
وساهم أيضاً في التقديم للكتاب، الدكتور عزيز التميمي الذي وصفه بأنه نوع من «الكتابة خارج النسق السردي» وتحدث في كلمته عن البعد الفني والابداعي في كتاب دنيا ميخائيل وكذلك عن «البعد الانساني» قائلا: «من وجهة نظري الخاصة أرى أن الكاتبة أبدعت في زمن ندان به جميعاً إزاء ما حصل ويحصل في بلاد الرافدين، والإدانة لا تأتي من جهة الموقف، لأننا جميعاً نحمل مواقف متشابهة من تلك القضية، إنما الإدانة تأتي من جهة التعبير».
وأضاف أن «الكاتبة قدّمت في هذه الوثيقة الإنسانية خلاصة جهد ميداني كبير واستطاعت أن تنقل الحدث على لسان الضحية» لافتاً إلى أن حدثاً مثل هذا «لا يمكن أن يترجم من خلال مقال تحليلي يستقرئ حالة المزاج العام ويتنصل عن البعد الاخلاقي من خلال لعبة كلمات مشفوعة بحنكة لغوية. نص دنيا ميخائيل يقدم لنا البعد الاخلاقي والإنساني في توثيق هذا الحدث على أنه بعد فلسفي».
وتحدث الدكتور علاء فائق عن كتاب «في سوق السبايا» مسترجعاً ذكرياته عن لقائه الأول بالشاعرة دنيا ميخائيل وقراءاتها الشعرية التي تأثر بها. كما تحدث عن الصور الوصفية التي تميز بها كتابها الجديد والتي مزجت بين الصحافة والسرد والشعر مما أعطت بُعداً انسانياً مؤثراً لكتابها.
اعتلت المنصة الكاتبة دنيا ميخائيل وأخذت الحضور إلى عالم آخر مملوء بالحزن والمأساة وغياب الانسانية، عالم كأنه لا يمت بصلة لعالمنا، تحدثت عن متابعتها لقصص السبايا والضحايا، حدثتنا عن «عبد الله» والذي أسمته بطلاً من أبطال هذا الزمان، حدثتنا عن سفرتها للعراق لمقابلة الضحايا وعوائلهم. حدثتنا عن عوائل شُرّدت وقُتلت واغتُصبت وبيعت نساؤهم كسبايا في أسواق الذلّ والرقيق.
قرأت الكاتبة فقراتٍ من كتابها «في سوق السبايا» وتحدثت عن نادية وبروين واطفالهما، وكيف عاشوا مع الدواعش وقصة هروبهنَّ. وتحدثت عن حرف النون الذي استعمله الدواعش لترويع العوائل واجبارهم على ترك بيوتهم.
شارك الحضور في مداخلات واسئلة وآراء ساهمت في إغناء الأمسية.
في نهاية الأمسية جرت مراسيم توقيع الكتاب من قبل الكاتبة دنيا ميخائيل حيث كانت المرة الأولى التي يُوزع فيها الكتاب في أي مكان من العالم.
وقدّم الفنان بهاء اليعقوبي صورة فوتوغرافية كبيرة كهدية للشاعرة الكاتبة دنيا ميخائيل.
Leave a Reply