ديربورن – بجهود مشتركة بين مدينة ديربورن ومكتب الادعاء العام بشرقي ميشيغن ومكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) بديترويت، وتحت مظلة منتدى «بريدجز» الذي أسس قبل أكثر من عقدين لتعزيز التواصل بين الحكومة الفدرالية والمجتمعات العربية والإسلامية في منطقة ديترويت، تم تنظيم ندوة تثقيفية في «مركز فورد للفنون» –الأربعاء الماضي– للتوعية حول حوادث وجرائم الكراهية ضد العرب والمسلمين وسبل مكافحتها الأمنية والقانونية لضمان العدالة والأمن العام في المجتمعات المحلية بولاية ميشيغن، وسط الارتفاع الملحوظ بحوادث التمييز والكراهية على خلفية تجدد الصراع المسلح بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية.
وضمّت الندوة عدداً من المسؤولين الفدراليين، من بينهم المدعي الفدرالي بشرقي ميشيغن دون آيسون، ومساعد وزير الداخلية الأميركي لشؤون الحقوق المدنية جوناثان سميث، والرئيس بالوكالة لمكتب ديترويت الميداني التابع لمكتب التحقيقات الفدرالي شيفوريا غيبسون، إلى جانب ممثلين عن المجتمع المحلي تقدمهم الرئيس المشارك للقاء «بريدجز»، المحامي والناشط السياسي عبد حمود.
ضدّ الكراهية
تمحورت الندوة التي نُظّمت تحت عنوان «متحدون ضد الكراهية»، حول تعريف حوادث وجرائم الكراهية، وكيفية الإبلاغ عنها للوكالات العدلية والأمنية، وسبل الوقاية منها، من دون المغامرة بالحقوق الأساسية للأفراد والجماعات في حرية التعبير وممارسة الشعائر الدينية، وباقي الحقوق التي يضمنها التعديل الأول في الدستور الأميركي.
واستهلت المدعي الفدرالي بشرقي ميشيغن دون آيسون، الندوة بالتأكيد على التزام مكتبها باستثمار كافة الموارد والسلطات من أجل مكافحة جرائم الكراهية وحوادث الكراهية والتمييز التي تصاعدت وتيرتها ضد المجتمعات العربية والإسلامية واليهودية في الولايات المتحدة بعد تجدد الصراع المسلح في الشرق الأوسط، في 7 أكتوبر المنصرم، لافتة إلى الجريمة المروعة التي أودت بحياة الطفل الفلسطيني وديع الفيّومي (6 سنوات) الذي لقي حتفه بست وعشرين طعنة في مدينة بريدجفيو بولاية إيلينوي، في واحدة من أبشع جرائم الكراهية التي شهدتها أميركا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطّاع غزة.
وأوضحت آيسون بأن «مآسي الكراهية» تخلّف «ندبات عميقة» في المجتمعات العربية والإسلامية، مشددة على التزام مكتبها بالتعاون مع جميع الوكالات الحكومية، المحلية والفدرالية، وكذلك الفعاليات المجتمعية بما فيها لقاء «بريدجز»، لنشر الوعي حول جرائم الكراهية وكيفية التعامل معها، لتجنيب الناس من أن يكونوا ضحايا لها.
وأعربت آيسون عن أملها في أن تسهم الندوة في الحد من حوادث وجرائم الكراهية التي «أثّرت على حياة وأنشطة السكان خلال الفترة المنصرمة»، مؤكدة بأن المنظمين «يأخذون الفعاليات التثقيفية على محمل الجد كوسيلة لضمان أن يعيش ويعمل كل فرد من أفراد المجتمع بأمان».
وفي كلمة مقتضبة، شدد المحامي عبد حمود على أهمية الفعالية التثقيفية خلال هذه الأوقات التي تعاني فيها المجتمعات العديدة من تزايد الضغوط جراء الأخبار المؤلمة من الأراضي المحتلة، منوهاً بأن إتاحة الفعالية للعموم هو خطوة مفيدة لإرشاد الناس نحو الخطوات التي يتوجب عليهم اتباعها في حال تعرضهم للتمييز والمضايقة والكراهية.
و«بريدجز»، ومعناها بالعربية: الجسور، هي اختصار للعبارة الإنكليزية: «بناء الاحترام مع المجموعات المتنوعة لتعزيز الحساسية»، كانت قد تأسست بمنطقة ديترويت في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، في مسعى من الوكالات الفدرالية وقادة المجتمع المحلي في منطقة ديترويت لاحتواء ردود الفعل السلبية ضد الجاليات العربية والإسلامية وإيجاد قناة للتواصل الدوري بين الطرفين.
وللمنتدى رئيسان مشاركان، أحدهما عن الجانب الحكومي (آيسون)، والآخر عن الجانب المدني الممثل للمجتمعات العربية والإسلامية الأميركية في المنطقة (حمود). وقد تمت محاكاة تجربة «بريدجز» التي انطلقت من منطقة ديترويت، في أنحاء متفرقة من الولايات المتحدة، عبر تشكيل العديد من المنظمات المشابهة للتواصل بين السلطات الفدرالية والمجتمعات المحلية.
من جانبه، مساعد وزير الداخلية الأميركي لشؤون الحريات المدنية، جوناثان سميث، ألقى الضوء على دور الوزارة في محاربة الانتهاكات التمييزية والمتطرفة التي استهدفت المجتمعات الإثنية بسبب العرق أو الأصل القومي أو الدين، وكذلك الأفراد بسبب ميولهم الجنسية، مؤكداً أيضاً على التزام وزارة العدل الأميركية للتعامل مع تلك الاعتداءات والتهديدات بكل ما تمتلك من أدوات وموارد.
وأعرب سميث عن تفهمه لمشاعر الخوف والتوجس التي يعيشها العرب والمسلمون الأميركيون بعد 7 أكتوبر، خاصة بعد مقتل الطفل الفلسطيني وديع الفيومي في إحدى ضواحي شيكاغو ذات الكثافة العربية، وتعرض ثلاثة طلبة من أصل فلسطيني لإطلاق نار في ولاية فيرمونت، بالإضافة إلى العديد من الحوادث الأخرى التي لم تستقطب اهتمام وسائل الإعلام.
وقال سميث: «أريد أن يعلم الجميع بأنهم ليسوا وحدهم خلال هذه الظروف العصيبة»، مضيفاً بأن وزارة العدل تجيّر جميع مواردها وسلطاتها في مواجهة الكراهية، مضيفاً بأن وزارته باشرت منذ اللحظات الأولى بالتحقيق في حادثتي مقتل الطفل الفلسطيني بولاية إيلينوي وإصابة الطلبة الفلسطينيين بولاية فيرمونت.
وأوضح سميث بأن حلّ ومعالجة ظاهرة الكراهية لن يتحقق فقط عبر الشكاوى واللجوء إلى المحاكم، وبالتالي لابد من تفعيل القنوات المجتمعية ونشر الثقافة حول جرائم وحوادث الكراهية، وكذلك عدم التهاون أو التردد في الإبلاغ عنها، مشيراً إلى أهمية ودور المراكز الدينية في معظم المجتمعات وضرورة حمايتها في كل أنحاء البلاد، بما فيها منطقة ديترويت التي تضم الكثير من المعابد الإسلامية والمسيحية واليهودية.
وأكد سميث على ضرورة العمل الجاد خلال مكافحة هذه الآفة القبيحة، وقال: «عندما يتعلق الأمر بالحديث عن حوادث التمييز والمضايقة والكراهية فإن الكلام رخيص، لذلك من المهم للغاية العمل الجدي لتحرير المجتمعات من الضغوطات الناشئة عن هذا النوع من الجرائم».
وطالب سميث الفعاليات المجتمعية بأن تكون شريكة فعالة مع الوكالات الحكومية، مشدداً على أهمية تعزيز الثقة بين الطرفين، بغية تحقيق مصالح الناس وضمان العدالة والسلام في مجتمعاتهم.
عزاء لذوي الضحايا
الوكيل الخاص بالوكالة لمكتب «أف بي آي» في ديترويت، شيفوريا غيبسون، أعرب بدوره عن تعازيه القلبية للعائلات العربية التي فقدت أقارب وأحبّاء خلال العدوان الإسرائيلي على قطّاع غزة، مؤكداً بأن العديد من أفراد المجتمعين العربي والإسلامي بمنطقة ديترويت قد تواصل مع مكتب التحقيقات الفدرالي بديترويت خلال الآونة الأخيرة للإعراب عن تأثرهم بتداعيات الصراع في الشرق الأوسط.
ولفت غيبسون إلى تصاعد حوادث وجرائم الكراهية ضد العرب والمسلمين الأميركيين ومعابدهم الدينية في الولايات المتحدة منذ 7 أكتوبر المنصرم، وقال: «من المهم أن تعلموا بأن مكتب التحقيقات الفدرالي تم إبلاغه بحوالي 3 إلى 10 بالمئة فقط من تلك الحوادث»، مؤكداً بأن الوكالة الفدرالية تأخذ جميع التهديدات المحتملة على محمل الجد.
غيبسون الذي تسلّم منصبه الجديد في مكتب ديترويت الفدرالي قبل تسعة أسابيع فقط، أكد بأن مكتبه سيباشر فوراً بالتحقيق في الحوادث التي يتم إبلاغه بها، وأنه لن يتسامح مطلقاً مع جرائم الكراهية وأنشطة العنف الأخرى ضد أي مجموعة من السكان.
وأوضح غيبسون بأن التعديل الأول في الدستور الأميركي لا يحمي أساليب العنف المعترضة على سلوكيات التعبير والعبادة، وأن جميع الوكالات الفدرالية، بما فيها الـ«أف بي آي»، ملتزمة بحماية الناس من جرائم الكراهية، وقال: «أنتم عيوننا في مجتمعاتكم، وما تقدمونه من معلومات سيساعدنا بشكل مفيد على أداء المهام المنوطة بنا على أكمل وجه».
وحثّ غيبسون أفراد المجتمع على الاتصال فوراً برقم الطوارئ (911 ) عند تعرضهم لحوادث العنف من أجل ضمان سلامتهم في المقام الأول، ثم القيام بعد ذلك بإبلاغ مكتب التحقيقات الفدرالي لكي يباشر التحقيق في الحوادث التي تعرضوا لها.
معلومات وإرشادات
تضمنت الندوة عروضاً توضيحية للتعريف بحوادث وجرائم الكراهية وكيفية الاستجابة لتهديداتها المحتملة، بما في ذلك التأكيد على توثيق الأدلة التي تساعد المختصين على إنشاء دعاوى محكمة تضمن محاكمة المعتدين بشكل عادل، وعدم إفلاتهم من العقاب.
وشارك مسؤولون آخرون في مكتب الادعاء العام بشرقي ميشيغن في تبسيط بعض المفاهيم القانونية لإيضاح الفروقات بين حالات التمييز وحوادث الكراهية وجرائم الكراهية، إلى جانب إرشاد الأفراد حول كيفية الإبلاغ عنها إلى الجهات المختصة في حال تعرضهم لأي من تلك الاعتداءات.
وتعرّف القوانين الفدرالية «التهديد الحقيقي» بأنه «التعبير الصريح عن نية القيام بفعل عنيف خارج الإطار القانوني ضد شخص محدد أو مجموعة معينة من الأشخاص». وقد تعتبره «جناية يعاقب عليها القانون كجريمة كراهية». وتشمل «التهديدات الحقيقية» كلاً من التهديدات اللفظية والهاتفية والإلكترونية وكذلك التهديدات المكتوبة أو المصورة.
وبحسب المسؤولين الأمنيين، فإنه في حال الإبلاغ عن حادثة أو جريمة كراهية إلى مكتب «أف بي آي»، فإن السلطات الفدرالية ستقوم بتعيين أخصائي في شؤون الضحايا –وهو موظف على درجة عالية من التدريب– لمساعدة صاحب الشكوى على فهم حقوقه وشرح الخدمات المتوافرة، فضلاً عن أنه سيكون حلقة الوصل بين المشتكي وبين مكتب التحقيقات الفدرالي.
لإبلاغ فرع «أف بي آي» المحلي عن حوادث وجرائم الكراهية، يمكن الاتصال على الرقم: 313.965.2323 أو زيارة
fbi.gov/contact–us/field–offices/detroit
Leave a Reply