ديربورن
تستعد منطقة ديترويت الكبرى –وتحديداً المدن ذات الكثافة الإسلامية العالية، مثل ديربورن وديربورن هايتس وهامترامك– لإحياء الشهر الفضيل بأجواء مختلفة هذا العام، مع عودة التجمعات الدينية والاجتماعية والنشاطات التجارية المرافقة لشهر الصوم، وسط تراجع المخاوف بشأن جائحة كورونا التي أفقدت شهر رمضان الكثير من رونقه خلال العامين الماضيين.
وتشير الحسابات الفلكية إلى أن شهر رمضان الحالي سيبدأ في يوم السبت، الثاني من نيسان (أبريل)، وسوف ينتهي في يوم الأحد، الأول من أيار (مايو) المقبل. وأما البلدان التي تشترط الرؤية بالعين المجردة، فيُتوقع أن يبدأ فيها الشهر الفضيل يوم الأحد 3 أبريل، وسوف تكون عدّته 29 يوماً في بعض المناطق، و30 يوماً في بعضها الآخر.
وسوف تبلغ مدة الصوم في ميشيغن، حوالي 14 ساعة يومياً، حيث يبدأ الإمساك في أول أيام رمضان عند الساعة 5:49 فجراً، وصولاً إلى الساعة 4:54 فجراً في اليوم الأخير من الشهر الفضيل. أما غروب الشمس في اليوم الأول فسيكون عند الساعة 8:01 مساءً وصولاً إلى 8:33 مساءً في اليوم الأخير.
مساجد وإفطارات
تتحضر عشرات المساجد في منطقة الديربورنين وهامترامك وديترويت لإقامة مآدب الإفطار والسحور التي توقفت خلال العامين الماضيين بسبب كورونا، مستعيضة عنها بإرسال سلال غذائية إلى العائلات الفقيرة والمعوزة، وهو ما أفقد رمضان الكثير من أجوائه المميزة.
وجرياً على عادتها السابقة، ستستأنف العديد من المؤسسات والمنظمات العربية والإسلامية في منطقة ديترويت إقامة حفلات الإفطار، ما يجعل الشهر الفضيل هذا العام، فرصة لإعادة التواصل بين أبناء الجالية بعد جائحة كورونا التي أثرت سلباً على جميع مناحي الحياة الاجتماعية.
وفي إطار نشاطات المساجد، نصب «المركز الإسلامي في ديترويت» (آي سي دي) خيمة عملاقة لاستقبال وفود الصائمين يومياً، حيث سيواظب المسجد على تقديم موائد الإفطار طيلة رمضان، إضافة إلى تحضير موائد السحور خلال الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الفضيل، بحسب ما أفاد المدير التنفيذي للمركز سفيان نبهان لـ«صدى الوطن».
وأشار نبهان إلى أن «آي سي دي» سيستأنف مآدبه الرمضانية بعد توقف لمدة عامين بسبب كورونا، لافتاً إلى أن الإدارة تتوقع قدوم ما بين 150 و200 شخص كل يوم، وقال: «إننا نرحب بالجميع، بغض النظر عن خلفياتهم العرقية والإثنية.. وحتى الدينية».
وأوضح نبهان بأن المسجد الذي تأسس عام 2000 يقيم سنوياً مآدب إفطار خاصة، مثل «إفطار الشباب المسلم»، و«إفطار المسلمين الجدد»، و«إفطار رئيس بلدية ديترويت مايك داغن»، و«إفطار وكالات إنفاذ القانون».
وأشار نبهان إلى أن العاملين والمتطوعين لدى المركز الإسلامي يتولون إعداد الوجبات «بشكل مدروس وفق قواعد صحية»، منوهاً بأن ميزانية المآدب الرمضانية تناهز 80 ألف دولار، وأن المسجد يحصل عليها من خلال تبرعات الأفراد وأصحاب الأعمال التجارية.
من جانبه، أوضح الشيخ باقر بري، إمام «المجمع الإسلامي الثقافي» بديربورن، بأن شهر رمضان ينطوي على «معانيَ دينية سامية هي في المقام الأول»، إلا أنه يتضمن أيضاً «معاني اجتماعية تعمّق صلات القربى والمودة بين الناس»، مضيفاً: «من هذا المنطلق، نحرص على العديد من الأنشطة التثقيفية خلال رمضان لجذب الشباب وتوفير مكان آمن لهم لقضاء الوقت، والإجابة على أسئلتهم الدينية والاجتماعية في ضوء التعاليم الإسلامية».
وقال بري: «طيلة رمضان، سنواصل تقديم الدروس والمحاضرات الدينية باللغتين العربية والإنكليزية من خلال برامج نهارية ومسائية، إضافة إلى تلاوة القرآن الكريم، وأدعية الافتتاح، والابتهالات الدينية».
وأشار بري إلى أن «المجمع» سيحيي ليالي القدر، كما أنه سيقيم في نهاية رمضان سحب قرعة لتقديم هدايا قيّمة، مثل بطاقات السفر لزيارة المراقد المقدسة في العراق، أو لأداء العمرة.
ولفت إلى أن «المجمع» سيعد موائد إفطار محدودة لمرتادي الدروس والمحاضرات التثقيفية، إضافة إلى إحياء الحفل السنوي لجمع التبرعات في 15 نيسان (أبريل) الجاري، منوهاً بأهمية اجتذاب الشباب المسلم لتحصينهم دينياً وأخلاقياً من الآفات الاجتماعية.
وقال: «إن تعاليم ديننا الحنيف هي الحصن الحصين لحماية هؤلاء الشباب من مغريات الحياة العصرية التي تنطوي على الكثير من المشاكل.. التي لا يستطيع أولياء الأمور التعامل معها لأسباب عديدة، منها عدم إجادة اللغة الإنكليزية، أو تفهم الظروف الموضوعية في المجتمع الأميركي».
السحور
على المستوى التجاري، ستعاود المطاعم فتح أبوابها لاستقبال الصائمين عبر تقديم عروض خاصة وبوفيهات مفتوحة بمناسبة الشهر الفضيل، كما ستفتح المخابز والأفران أبوابها حتى ساعات الفجر الأولى لتقديم الحلويات ووجبات السحور الخفيفة، بالتوازي مع انتشار عربات الطعام في العديد من الشوارع الرئيسية في مدينتي ديربورن وديربورن هايتس على وجه الخصوص.
ومن المتوقع أن يستعيد رمضان بريقه المعتاد مع عودة «مهرجان السحور» بحلة جديدة وموسعة، بعد النجاح الكبير الذي حققه قبل وباء كورونا، حيث يتطلع المنظمون إلى جذب أكبر عدد ممكن من الزوار الراغبين بالاستمتاع بليالي الشهر الفضيل، من خلال اختيار مواقف مركز «فيرلين» التجاري لإقامة فعاليات المهرجان أيام الجمعة والسبت، في الفترة الممتدة بين 8 و30 نيسان (أبريل) الجاري.
وكان «مهرجان السحور» قد استهلّ نسخته الأولى ببداية متواضعة عام 2018، عبر نصب خيم محدودة لتقديم وجبات السحور في موقف للسيارات يتسع لـ12 مركبة فقط، لكنه سرعان ما أحرز نجاحاً باهراً في النسخة الثانية التي أُقيمت في مركز «هايب» الرياضي بمدينة ديربورن هايتس، بمشاركة ما لا يقل عن 25 بائعاً قدّموا مختلف أنواع المأكولات والمشروبات، بدءاً من الأطباق الشرق أوسطية وصولاً إلى الأطباق الأميركية التقليدية والعالمية، في حين من المتوقع أن يشارك في نسخة العام الحالي أكثر من خمسين بائعاً.
وبغية إغناء الطابع الاجتماعي لشهر الصوم الذي يجتذب الأفراد والعائلات للتمتع بالسهرات الرمضانية والطقوس المبهجة حتى ساعات الصباح الأولى، وافقت بلدية ديربورن هايتس –أيضاً– على منح تصاريح مؤقتة لتشغيل عربات الطعام (فود تراك)، للعمل في مختلف أنحاء المدينة لمدة 45 يوماً فقط، بدءاً من 30 آذار (مارس) الماضي.
Leave a Reply