ديربورن – بحلول أول أيام رمضان المبارك يوم الخميس الماضي، تعيش المدن ذات الكثافة الإسلامية بمنطقة ديترويت، الأجواء الروحانية والاجتماعية المميزة للشهر الفضيل، مع عودة التجمعات الدينية والمجتمعية والنشاطات التجارية المرافقة بعد انحسار المخاوف المتعلقة بوباء كورونا، التي أفقدت الشهر المبارك بعضاً من خصوصيته ورونقه خلال الأعوام القليلة الماضية.
على المستوى التجاري، ستعاود المطاعم فتح أبوابها لاستقبال الصائمين عبر تقديم عروض خاصة وبوفيهات مفتوحة بمناسبة الشهر الفضيل، كما ستفتح المخابز والأفران أبوابها حتى ساعات الفجر الأولى لتقديم الحلويات ووجبات السحور الخفيفة، بالتوازي مع انتشار عربات الطعام في العديد من الشوارع الرئيسية في مدينتي ديربورن وديربورن هايتس على وجه الخصوص.
ونظراً لحلول رمضان في بداية فصل الربيع، سوف تستغرق مدة الصوم في ميشيغن، حوالي 14 ساعة يومياً، حيث يبدأ الإمساك في أول أيام رمضان عند الساعة 5:57 فجراً، وصولاً إلى الساعة 4:59 فجراً في اليوم الأخير. أما غروب الشمس في بداية الشهر فسيكون عند الساعة 8:02 مساءً وصولاً إلى 8:35 مساءً في اليوم الأخير الذي تشير الحسابات الفلكية إلى أنه سيصادف في يوم الجمعة، 21 نيسان (أبريل) المقبل.
مراكز دينية
بدأت عشرات المساجد في منطقة الديربورنين وهامترامك وديترويت برامج دينية خاصة خلال شهر رمضان للتثقيف حول تعاليم الدين الحنيف ومبادئه السمحة، تضمنت دروساً يومية لتعليم القرآن الكريم، إضافة إلى محاضرات تربوية وفقهية تستهدف الكبار والأطفال والنساء، خلال أيام وليالي الشهر الذي يحظى بمكانة خاصة لدى المسلمين.
وأفاد المسؤولون في العديد من المراكز الدينية في مدينتي ديربورن وديربورن هايتس، بأن مساجدهم سنواصل يومياً تقديم الدروس والمحاضرات الدينية باللغتين العربية والإنكليزية من خلال برامج نهارية ومسائية، إضافة إلى تلاوة القرآن الكريم، وأدعية الافتتاح، والابتهالات الدينية، مع تخصيص برامج للأطفال والنساء.
وبعد تراجع وباء كورونا، سيستأنف العديد من المؤسسات والمنظمات العربية والإسلامية في منطقة ديترويت إقامة حفلات الإفطار للعام الثاني على التوالي، إلى جانب بعض المراكز الإسلامية التي ستواصل تقديم وجبات الإفطار طيلة أيام الشهر الفضيل، إضافة إلى تقديم وجبات سحور خلال الأيام العشرة الأواخر منه.
وبينما ستتوقف معظم المؤسسات الإسلامية –هذا العام– عن توزيع السلال الغذائية على العائلات الفقيرة والمعوزة في منطقة ديترويت بسبب توقف المساعدات الحكومية والخيرية التي كان يتم توزيعها عبر المراكز الدينية خلال وباء كورونا في الأعوام الثلاثة الماضية، سوف تنفرد بعض المساجد بمواصلة توزيع السلال آنفة الذكر، وفق برامج معينة بالتعاون مع المؤسسات الإغاثية والإسلامية غير الربحية في الولايات المتحدة.
إلى جانب ذلك، ستوفر بعض المراكز وجبات إفطار بأسعار رمزية خلال أيام معينة، حيث سيقدم «المركز الإسلامي في أميركا» (جامع فورد) بديربورن، وجبات إفطار كل يوم أربعاء بسعر 35 دولاراً للبالغين وعشرة دولارات للأطفال، كما ستقدم «دار الحكمة الإسلامية» بديربورن هايتس حفلتي إفطار بسعر 20 دولاراً للبالغين و10 دولارات للأطفال في يومي الجمعة 14 و21 أبريل، إضافة لتوفير أماكن يجتمع فيها الصائمون لكي يتشاركوا فيها المأكولات التي يقومون بإعدادها في منازلهم، وذلك عبر التنسيق مع إدارة «دار الحكمة».
وفي إطار نشاطات المساجد بمنطقة ديترويت، استنكف «المركز الإسلامي في ديترويت» (آي سي دي) من نصب الخيام لاستقبال الصائمين هذا العام، وذلك بسبب تقلبات الطقس التي تحول دون تدفئة تلك التجهيزات بشكل «آمن»، بحسب ما أفاد المدير التنفيذي للمركز سفيان نبهان لـ«صدى الوطن».
وأوضح نبهان بأن المركز الذي تقارب ميزانيته السنوية زهاء خمسة ملايين دولار سيواظب على تقديم موائد الإفطار طيلة رمضان داخل المبنى لنحو 300 شخص يومياً، إضافة إلى تحضير موائد السحور خلال الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الفضيل، لافتاً إلى أن تلك الوجبات «ستكون متاحة للجميع»، بغض النظر عن خلفياتهم العرقية والإثنية.. وحتى الدينية.
كما أوضح بأن المسجد الذي تأسس عام 2000 سيواصل تقديم سلال غذائية للفقراء والمعوزين خلال أيام السبت، بين الساعتين 2:30 و5:00 مساءً، مؤكداً بأنه بإمكان الأشخاص الراغبين بالحصول عللى تلك المساعدات انتقاء المواد التي يحتاجون إليها.
وقال نبهان: «على عكس ما حدث خلال السنوات الماضية، حيث كنا نقوم بإعداد سلال متماثلة من المواد الغذائية، سيكون بإمكان الناس –هذا الموسم– اختيار المواد التي يرغبون بها، منعاً للهدر وتفادياً لتقديم أغذية لا يحتاج إليها البعض، كالحليب مثلاً أو بعض الأطعمة التي يتجنبها الناس لأسباب صحية».
ولفت إلى أن المركز سيستمر بتقديم «وجبات ساخنة» لكبار السن والأطفال في مركز «فريدوم هاوس» لإيواء المشردين بمدينتي ديربورن وديترويت، منوهاً بأن تلك الوجبات ستقتصر على النزلاء المسلمين فقط، بموجب بنود الشراكة بين «آي سي دي» والمؤسسات الخيرية التي تموّل هذا البرنامج.
وأشار نبهان إلى أن المركز سيوفر «حضانة مجانية» لأطفال العائلات التي ترتاد المسجد خلال الشهر الفضيل، وذلك ضمن الفترة التي تسبق صلاة العشاء إلى ما بعد صلاة التراويح.
في سياق آخر، أشار نبهان إلى أن المركز سيستضيف في 13 نيسان المقرئ المصري ياسر عبد الصمد، نجل الشيخ عبدالباسط عبد الصمد، الذي يعتبر من أشهر المقرئين في العالمين العربي والإسلامي.
على نفس المنوال، سيواصل «جامع ديكس» (الجمعية الأميركية الإسلامية) تقديم وجبات إفطار يومية لنحو 50 شخصاً، إضافة لوجبات السحور خلال الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الكريم.
ليال رمضانية
من المتوقّع أن يستعيد رمضان بهجته المعتادة في عاصمة العرب الأميركيين مع إعلان بلدية ديربورن عن إقامة «ليالي رمضان» في وسط المدينة الغربي، إلى جانب استمرار «مهرجان السحور» في مركز «فيرلين» التجاري، إضافة إلى سماح بلدية ديربورن هايتس بتشغيل عربات الطعام (فود تراك) للعمل في مختلف أنحاء المدينة، بغية إغناء الطابع الاجتماعي لشهر الصوم الذي يجتذب الأفراد والعائلات للتمتع بالسهرات الرمضانية والطقوس المبهجة حتى ساعات الصباح الأولى.
وستقام «الليالي الرمضانية» في ديربورن على امتداد شارع وست فيليدج درايف، بين شارعي مايسون ومونرو، ليالي الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع طوال الشهر الفضيل، وذلك من الساعة العاشرة مساءً ولغاية الثانية بعد منتصف الليل.
وتتميز هذه الفعالية عن غيرها من الفعاليات الرمضانية، بتوفير مساحة عامة مفتوحة للزوار مجاناً، وسوف تضم عربات الطعام مجموعة ضمن رقعة واحدة مجهزة بوسائل الراحة والحماية من برودة الطقس، بالإضافة إلى قربها من تشكيلة واسعة من المطاعم والمقاهي المنتشرة في الداونتاون الغربي.
كما ستسمح بلدية ديربورن بعمل عربات الطعام في كافة أنحاء المدينة خلال رمضان المبارك، إلى جانب تمديد ساعات العمل في المطاعم والأفران التقليدية إلى ما بعد الساعة الثانية صباحاً.
إضافة لذلك، سيواصل «مهرجان السحور» فعالياته المتعددة في موقف السيارات التابع لمركز «فيرلين» التجاري، خلال أيام الجمعة والسبت، حيث تتوقع إدارة المهرجان استقبال زهاء 10 آلاف زائر كل ليلة، من ليالي المهرجان الذي أطلقه الناشط حسن الشامي في عام 2018.
وسوف يُقام المهرجان ضمن مساحة تزيد عن 75 ألف قدم مربع، سيتم توزيعها على خيمة عملاقة (50 ألف قدم مربع) تتم بداخلها كافة الأعمال التسويقية والأنشطة الترفيهية، فضلاً عن عربات الطعام التي ستزاول أعمالها ضمن المنطقة المكشوفة، بمساحة تربو على 25 ألف قدم مربع، حيث سيتوفر نحو ستين بائعاً مختلفاً.
ويتوجب على زوار المهرجان دفع رسوم دخول بمقدار 5 دولارات للشخص الواحد، و10 دولارات للعائلة الواحدة، علماً بأنه يمكن شراء التذاكر عند منافذ الدخول أو الموقع الإلكتروني للمهرجان.
تجدر الإشارة، إلى أنه كان من المقرر أن تشهد ديربورن فعالية رمضانية ذات طابع شامي بتنظيم من الطبيب السوري الأميركي عبادة الزحيلي، غير أنه تم التراجع عن إقامة هذه الفعالية في رمضان الحالي بسبب ضيق الوقت المتاح للإعداد، فيما من المرجح أن تتم إقامتها في رمضان المقبل.
Leave a Reply