حسن خليفة – «صدى الوطن»
ساهمت الضغوط والانتقادات المتزايدة للحكومة الأميركية في حلحلة ملف اللاجئين السوريين الذي شهد عرقلة كبيرة على خلفية الهجمات الإرهابية، داخل أميركا وخارجها.ومن المقرر أن يصل -بعد شهر من الآن- عشرة آلاف لاجىء سوري إلى الولايات المتحدة، وهو الرقم الذي كان البيت الأبيض قد أعلنه، في بداية هذا العام.
ومنذ بداية الأزمة السورية في العام 2012 تمت إعادة توطين أكثر من 12 ألف سوري على الأراضي الأميركية، وصل أغلبهم العام الجاري، بحسب إحصاءات وزارة الخارجية الأميركية، وكان بينهم حوالي 2300 شخص دخلوا البلاد هذا الشهر. وقد تم توطينهم في مدن شيكاغو وهيوستن ونيويورك وديربورن التي استقطبت الكثيرين منهم.
تأتي ولاية ميشيغن في مقدمة الولايات التي تستقبل اللاجئين في أميركا والذين يصل عددهم الإجمالي الى 70 ألف شخص سنوياً. ومع تزايد أعداد اللاجئين، تتزايد أعداد المؤسسات المحلية والمنظمات الخيرية، إضافة إلى المبادرات الفردية، العاملة في إطار الجهود الرامية لمساعدة القادمين الجدد وتأمين الظروف المناسبة والمواتية لتسهيل أمور حياتهم وشؤونهم اليومية.
وكان الكثير من المانحين قد ساهموا في جمع التبرعات ونشر التوعية العامة حول المصاعب التي يعاني منها النازحون والهاربون من جحيم الحروب، سواء هنا في المجتمعات المحلية، أو في مخيمات اللجوء لدى الدول المجاورة للبلدان الغارقة في الصراعات الداخلية المسلحة.
وكانت الناشطة الدكتورة عائشة فاطمة قد أشارت في حفل إفطار جمع مئات اللاجئين السوريين -في رمضان الماضي- إلى أن منظمة «الشبكة السورية الأميركية للإنقاذ» Syrian American Rescue Network قامت بمساعدة القادمين الجدد وتأمين المستلزمات الضرورية لهم، مشيرة إلى أن برامج إعادة التوطين تقدم الدعم المعنوي والاقتصادي لهم، وتساعدهم على التواصل مع الوكالات الخدمية والإسكانية والتعليمية، وتقدم لهم الاستشارات في الحالات الضرورية والخاصة.
وفاطمة، هي نائبة الرئيس في «الشبكة» التي تأسست العام الماضي من أجل مساعدة اللاجئين السوريين في ولاية ميشيغن وتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم.
وفي السياق ذاته، قالت رشا الباشا -وهي رئيسة الشبكة، ورئيسة «لجنة الإسكان وإيجاد الوظائف» التابعة للشبكة- إنه مع ارتفاع أعداد الأسر التي يتم إعادة توطينها، فإن الشبكة تركز عملها على اللاجئين السوريين حصراً، ورغم ذلك تعاني من نقص المستلزمات ومن ارتفاع سقف توقعات اللاجئين وطموحاتهم في وطنهم الجديد.
وأضافت بأن الشبكة تعتمد على التبرعات لتقديم خدماتها المتنوعة للاجئين مثل توفير قطع الأثاث المنزلي لهم، مؤكدة على أن برنامجي تعليم اللغة الإنكليزية كلغة ثانية وإيجاد الوظائف اللذين تشرف عليهما الشبكة، هما البرنامجان الأكثر حيوية واستقطابا، مع حرص الشبكة على تسجيل التلاميذ بمدارسهم في الوقت المحدد، وتأمين سيارات لأصحاب الحاجة، وإسكان العائلات في الفنادق مع إعطاء الأولوية للأسر التي تضم أفراداً مرضى، لاسيما وأن مسألة الإسكان تعاني من بعض المصاعب في ظل عدم توفر المنازل الكافية. وبحسب الباشا، فإن الشبكة تقوم حالياً بمساعدة حوالي 170 عائلة لاجئة في منطقة ديترويت، وأنها قامت بتأمين السكن لحوالي نصف هذا العدد، كما قامت بتأمين الأثاث لحوالي 90 بالمئة من منازل تلك العائلات.
ومع جيش من المتطوعين، يقدر بحوالي 400 متطوع، تعمل «الشبكة السورية الأميركية للإنقاذ» مع عدد من المنظمات والمؤسسات الأخرى مثل «أكسس» و«زمان انترناشيونال» و«لايف» للإغاثة، إضافة إلى عدد من المساجد والكنائس والمدارس والجامعات لتأمين متطلبات اللاجئين وتوثيق ما تلقته تلك العائلات من جميع أنواع المساعدات.
وفي هذا الإطار، قالت الباشا إن الشبكة تتقاسم المسؤوليات مع المنظمات الأخرى حسب التوزع الجغرافي، وتقوم بالتعاون معها في توفير الوجبات الساخنة وتأمين إيصال الأفراد إلى مواعيدهم.
وأضافت الباشا أن الشبكة تعرف بوصول العائلات السورية الجديدة عبر تواصلها مع العائلات الموطّنة وكذلك عبر صفحات التواصل الاجتماعي إضافة الى حصولها على لوائح مسبقة بأسماء العائلات القادمة تزوّدها بها وكالات إعادة التوطين في الولايات المتحدة.
مبادرات فردية
بدورها، قامت الناشطة جيسيكا حداد بتنظيم فعالية للرسم مع «نادي الروتاري» في ديربورن بهدف جمع التبرعات للعائلات المهجرة من سوريا، ونجحت الفعالية -التي استقطبت 40 شخصاً قاموا برسم لوحات مشرقة عن سوريا- في جمع 1000 دولار ستصرف لتأمين مياه نظيفة وتحسين شروط السكن للعائلات السورية اللاجئة.
وأشارت حداد، التي تعمل في وكالة لافونتان لبيع السيارات، إلى أن الفعالية ساهمت في نشر الوعي حول حدة الأزمة السورية، والتعريف ببرامج تعليم اللغة الإنكليزية في مدارس ديربورن (إي أس أل)، مؤكدة أن مجتمع الجالية العربية هو مثال جيد عن الجهود الطيبة التي تبذل لمساعدة اللاجئين السوريين. وحول تواضع قيمة التبرعات المجموعة، قالت حداد: «هذه المسألة تتعلق بالإعلام، ولا تتعلق بالمجتمع».
وفي سياق الجهود المبذولة لتقديم المساعدات للاجئين، يقوم إمام أحد المساجد المحلية بالتحضير لشحن مستوعب كبير من الملابس الجديدة وأغطية الأسرة والحاجيات الأخرى إلى المحتاجين في سوريا.
كما تواظب الناشطة عزيزة عسكري -من منظمة «من هو الحسين في ميشيغن» وهي منظمة خيرية- على تزويد العائلات السورية بالطعام والمواد الغذائية اللازمة في منطقتها.
لاجئون محبطون
ويشتكي الكثيرون من القادمين الجدد في منطقة ديترويت من عدم تزويدهم بالحاجات الأساسية التي وعدتها بها الجهات المختصة، والتي تؤهلهم للاعتماد على أنفسهم وتمكينهم في المجتمع كأفراد منتجين.
وتقول الناشطة ماريا قباني إنه وعلى الرغم من استعداد المنظمات ووكالات إعادة توطين للقادمين الجدد، إلا أن العديد من تلك المنظمات تعاني من سوء فهم الحاجات الأساسية لهؤلاء اللاجئين وإمكاناتهم. وتضيف: «إنهم يشعرون بإحباط شديد وبعضهم أصيب بخيبة الأمل من النظام الأميركي وبقية المنظمات التي ساعدتهم في الوصول إلى هنا».
قباني التي أسست «منظمة الأيتام السوريين» Syrian Orphans لتسهيل تبني العائلات الأميركية لأيتام الحروب، أشارت إلى أنها قابلت العديد من أبناء العائلات السورية اللاجئة ممن أخبروها بأن وكالات إعادة التوطين والمنظمات الإنسانية تعتمد سياسات بيروقراطية معقّدة وتعاني من نقص الموارد التي يمكن أن تحل أزمات اللاجئين. وأضافت: «إن العائلات التي تطلب المساعدة -في أمر من الأمور- لا يستجاب لمطالبها، وفي أحيان كثيرة يتم إهمال اتصالاتهم الهاتفية».
وقالت قباني إنها ذهبت الأسبوع الماضي لمقابلة عائلة سورية وفي نيتها تقديم لوازم أساسية لهم، مثل البطانيات والمخدات وأدوات المطبخ، ولكنها شعرت بخيبة الأمل حين علمت بالأشياء التي يرغبون فعلاً بالحصول عليها، حيث كانت رغبتهم في الحصول على وظائف في مقدمة المطالب! ووصفتهم بالقول: «إنهم موهوبون جدا ومتعلمون ولا يريدون أن يكونوا عائقا في المجتمع وعالة على الاقتصاد».
ما هي مطالبهم؟
بحسب «الشبكة السورية الأميركية للإنقاذ» و«منظمة الأيتام السوريين» فإن اللاجئين يطلبون حوائج أساسية لتأمين حياة عائلاتهم ريثما يتمكنون من الاعتماد على أنفسهم، وقد اقترحت المؤسستان قائمة من تلك الحاجيات التي يمكن أن يتبرع بها الراغبون بذلك، ومنها: أكياس أسرّة للنوم، مراتب ووسائد، أدوات مطبخية، أطباق وأكواب، كنبات، طاولات، خزائن، كمبيوترات محمولة، أسرة للأطفال، أجهزة «جي بي أس»، هواتف ذكية، وسيارات.
للراغبين بالتبرع
يمكن للراغبين بالتبرع التواصل مع إحدى هذه المنظمات الخيرية على الأرقام التالية:
منظمة «زمان انترناشيونال» على الرقم 3135513979
«الحياة للإغاثة والتنمية» (لايف) على الرقم: 2484247493
«منظمة الأيتام السوريين» على الرقم: 2488829734
«الشبكة السورية الأميركية للإنقاذ» على البريد الالكتروني: donation@sarn-us.org
Leave a Reply