ديربورن
جدّد عدد من المنظمات الموالية لإسرائيل والدوائر المتحالفة معها في الولايات المتحدة –الأسبوع الماضي– استياءهم من إشراك الديمقراطيين لناشر صحيفة «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني، في المحادثات الرامية لاستعادة ثقة الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين بمرشحة الحزب الأزرق في سباق البيت الأبيض، كامالا هاريس، في الانتخابات المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وكانت جولي تشافيز رودريغيز، المديرة الوطنية لحملة هاريس، قد قامت مؤخراً بزيارة إلى مدينة ديترويت استعرضت خلالها مع العديد من القيادات العربية والإسلامية الأميركية، ومن بينهم السبلاني، آفاق رأب الصدع بين قيادة الحزب الديمقراطي وبين المجتمع العربي الأميركي في ولاية ميشيغن الذي استنكف عن التصويت للرئيس جو بايدن خلال تمهيديات الرئاسة في شهر شباط (فبراير) المنصرم، بسبب مواقفه المؤيدة للحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة منذ السابع من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
زيارة رودريغيز إلى ديترويت، جاءت قبيل انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في مدينة شيكاغو خلال الفترة بين 19 و22 آب (أغسطس) الجاري لتسمية مرشح الحزب الأزرق للرئاسة الأميركية، وتطرقت إلى السبل الكفيلة بضمان تصويت الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين في ولاية ميشيغن لهاريس، بعد خروج بايدن من السباق الرئاسي.
وسارعت «رابطة مكافحة التشهير» ADL لانتقاد لقاء رودريغيز بالسبلاني بسبب موقفه الرافض لوصم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالإرهاب، ووصفه لإسرائيل بـ«الدولة الإرهابية»، ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، وكذلك الرئيس الأميركي جو بايدن، بـ«مجرمي حرب»، وذلك في العديد من الفعاليات التي شهدتها منطقة ديترويت منذ أكتوبر المنصرم، وفقاً للرابطة.
وأعاد المتحدث باسم ADL، التأكيد على أن السبلاني هو «خيار خاطئ» للديمقراطيين خلال حوارهم مع المجتمع العربي الأميركي في ولاية ميشيغن، مستعيداً نفس التصريحات التي أدلت بها الرابطة عقب لقاء مسؤولين في إدارة بايدن مع ناشر «صدى الوطن» في فبراير المنصرم. وقال: «إن أي شخص ينكر بأن حماس هي منظمة إرهابية لا ينبغي أن يجتمع مع المسؤولين المعيّنين والمنتخبين لمناقشة سياسة أميركا الخارجية».
وكان وفد سياسي رفيع في إدارة بايدن قد التقى –على هامش اجتماعه بقيادات عربية وإسلامية بمنطقة ديترويت في فبراير الفائت– بالسبلاني الذي حمّلهم ورقة مطالب من عدة بنود تحث الرئيس الأميركي على العمل الجاد لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في الأراضي المحتلة، وفي جميع مناطق الصراع في الشرق الأوسط، وكذلك تقديم المساعدات الفورية لإغاثة الفلسطينيين المنكوبين في القطاع المحاصر، إلى جانب استئناف الدعم المالي لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) لدى الأمم المتحدة.
الورقة التي تسلّمها من السبلاني آنذاك، الوفد المؤلف من رئيسة الوكالة الدولية للتنمية الأميركية سامانثا باور، ومدير مكتب البيت الأبيض للشؤون الحكومية الدولية توم بيريز، ونائب مستشار الأمن القومي جون فاينر، ومدير مكتب المشاركة العامة ستيف بنيامين، تضمنت أيضاً التأكيد على أن الحوارات المستقبلية مع إدارة بايدن مرهونة بالتقدم الذي يتم إحرازه على الأرض في غزة، وعلى الجهود الرامية لإيجاد حلول حقيقية وعادلة للصراع العربي الإسرائيلي من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط.
المتحدث باسم الرابطة التي ترصد جميع ما تنشره وسائل الإعلام حول اليهود وترفع نشرات دورية بهذا الخصوص إلى الساسة الأميركيين وأعضاء الكونغرس الأميركي، لفت إلى أن السبلاني قال في العاشر من شهر أكتوبر المنصرم، وبعد ثلاثة أيام على عملية «طوفان الأقصى»: «لن نستسلم للترهيب والتخويف عندما يقولون إن حماس هي منظمة إرهابية، إذ أنها في الواقع ليست كذلك، وعلينا أن نقول لهم بأن الإرهابي هو بنيامين نتنياهو وحكومته».
ورفض السبلاني مرة أخرى إدانة «حماس» خلال مقابلة تلفزيونية قام بمشاركتها على صفحته بمنصة «أكس»، بحسب المتحدث باسم الرابطة الذي أردف بأن ناشر «صدى الوطن» وصف كلاً من «حماس» و«حزب الله» بـ«المقاتلين من أجل الحرية»، مضيفاً بأن السبلاني أخبر حشداً بأنه دعي للمشاركة في حوار مع مسؤولين كبار في البيت الأبيض، مؤكداً أنه «لن يعتذر عن إطلاق حماس للصواريخ على إسرائيل».
وعبّر السبلاني عن دعمه لحق الناس في مقاومة الاحتلال والقمع بغض النظر عن هوية المحتل أو المضطهد، وقال: «أنا أدافع عن الحرية والسلام والعدالة، وأنا ضد الاحتلال والقمع، وفي هذه الحالة فإن المضطهدين هم الفلسطينيون والمحتلون هم الإسرائيليون، ولذلك أنا أؤيد حق الفلسطينيين في مواجهة محتليهم».
وأوضح ناشر «صدى الوطن» وأحد مؤسسي «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك) بأن الإحباط الذي تشعر به المنظمات المؤيدة لإسرائيل يدفعها لمهاجمته ومهاجمة قيادات أخرى من أمثاله، «بسبب خسارتهم في النقاشات المتعلقة بالقضية الفلسطينية»، وقال «الرأي العام للشعب الأميركي يتحول لصالح دعم حقوق الفلسطينيين في الحرية وتقرير المصير وضد الإبادة الجماعية والاحتلال والقمع الإسرائيلي، وإن تصريحات رابطة مكافحة التشهير هي جزء من حملة فاشلة لتشويه سمعة الزعماء العرب الأميركيين وكتم أصواتهم».
في الجانب المقابل، أدان «التحالف اليهودي الجمهوري» لقاء رودريغيز بالسبلاني، ونشر مقالاً حول الاجتماع على منصة «أكس»، بعنوان: «المجتمع اليهودي الأميركي لا يمكن أن يثق بكامالا هاريس»، التي صرّحت في العديد من الإطلالات الإعلامية والانتخابية بأنها تدعم وقف إطلاق النار الفوري في غزة لتأمين إطلاق سراح الرهائن الذين مازالوا محتجزين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية.
في الأثناء، استغل الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب الخلافات المحتدمة في أوساط الديمقراطيين حول الحرب في الأراضي المحتلة لمهاجمة الحزب الأزرق باعتباره «معادياً للسامية بشكل مؤسسي»، وقال لأنصاره في تجمع حاشد يوم السبت الماضي إنه «لم يكن هناك منذ الهولوكست وقت أكثر خطورة على اليهود في أميركا»، مصوّراً هاريس على أنها تحاول منع إسرائيل من تحقيق نصر حاسم في غزة. وقال ترامب أمام أنصاره في مدينة ويلكس–باري بولاية بنسلفانيا: «منذ البداية، عملت هاريس على ربط يد إسرائيل خلف ظهرها، وطالبت دائماً بوقف إطلاق النار الفوري»، موضحاً بأن ذلك «سيمنح حماس الوقت لإعادة تجميع صفوفها وشن هجوم جديد على غرار هجوم 7 أكتوبر».
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال ناشطون مناهضون لدولة الاحتلال الإسرائيلي إن هاريس أعربت عن انفتاحها لمناقشة فرض حظر على توريد الأسلحة للدولة العبرية، لكن مستشار الأمن القومي لهاريس، فيل جوردن، أصدر بياناً نهائياً قال فيه إن المرشحة الرئاسية تعارض هذه السياسة. وأضاف جوردن في البيان: «كانت نائبة الرئيس هاريس واضحة: ستضمن دائماً قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها ضد إيران والجماعات الإرهابية التي تدعمها. إن هاريس لا تدعم حظر توريد الأسلحة لإسرائيل ولكنها ستواصل العمل لحماية المدنيين في غزة ودعم القانون الإنساني الدولي».
يُشار إلى أن العديد من المنظمات اليهودية ووسائل الإعلام الأميركية المؤيدة لإسرائيل، مثل موقع «جويش نيوز» و«رابطة مكافحة التشهير» و«جويش نيوز سيرفيسز» وشبكة «فوكس نيوز» و«واشنطن فري بيكون»، كانت قد سارعت إلى التعبير عن سخطها من لقاء السبلاني بمسؤولي البيت الأبيض في أعقاب اندلاع الحرب في قطاع غزة، متذرعة بدعم الأخير المستمر لجماعات تصنّفها الولايات المتحدة على أنها منظمات إرهابية، مثل حركة «حماس» و«حزب الله».
Leave a Reply