وفقاً لدراسة أجرتها «منظمة العفو الدولية» (أمنيستي انترناشونال)، العام الماضي، فإن 80 بالمئة من الأشخاص المستطلَعين –البالغ عددهم 27 ألفاً من 27 دولة– قالوا إنهم يرحبون باللاجئين في بلدانهم أو مجتمعاتهم أو منازلهم. غير أن المفارقة كانت بأن معظم قادة الدول التي شملها الاستطلاع قد أغلقوا الأبواب في وجه ملايين اللاجئين الهاربين من الحروب والاضطهاد في أوطانهم الأم خلال السنوات الماضية.
وفي ظل التمايز والاختلاف بين مواقف الشعوب وسياسات الحكومات، تدعو منظمة العفو الدولية الأفراد والمجتمعات المحلية لمساعدة اللاجئين الجدد بطرقهم الإبداعية الخاصة، مثل الرعاية والتوجيه والدعم المادي كتقديم المنح الدراسية، وكذلك الدعم المعنوي من خلال استضافة ولقاء اللاجئين للتعارف والبحث عن أفضل السبل لمساعدتهم وتسهيل انخراطهم في وطنهم الجديد.
وفي إطار حملة أطلقتها المنظمة الدولية تحت عنوان «أنا أرحب»، عُقد لقاء يوم 3 تموز (يوليو) الجاري في «المتحف العربي الأميركي» بمدينة ديربورن، ضم لاجئين وطالبي لجوء مع نشطاء حقوقيين وفنانين محليين، عبروا عن ترحيب أهالي منطقة ديترويت بالمهاجرين، وناقشوا الجهود الحالية والمستقبلية لدعمهم.
وخلال الاجتماع الذي عقد حول طاولة مستطيلة، أكد المنظم الميداني الإقليمي بمنظمة العفو الدولية حمزة لطيف على أن «المجتمعات تصبح أقوى عندما تتشكل العلاقات المتينة بين الجيران»، مضيفاً: «في الوقت الذي قد يتحدث فيه البعض عن بناء جدار أطول، فإننا نريد أن تنصب طاولة أطول للحوار»، مؤكداً على الترحيب بمزيد من اللاجئين واحتضانهم، على النقيض من سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحد من الهجرة.
اللقاء الذي ضم لاجئين عرباً وأفارقة وآسيويين، تخللته مداخلة لأحد طالبي اللجوء من أوغندا، تحدث فيها عن تجربته في مدينة ديترويت التي يقيم فيها منذ عام تقريباً، مشيراً إلى عزوف العديد من الكنائس والمؤسسات الخيرية عن مساعدة اللاجئين، قبل أن يستدرك معبراً عن امتنانه لـ«بيت الحرية بديترويت» (ديترويت فريدوم هاوس) وهي مؤسسة غير ربحية توفر الطعام والنقل والرعاية الصحية لأسرته.
وقال اللاجئ: «إن معظم الأميركيين يبدون خشيتهم من كل شيء جديد»، لافتاً إلى أن طالبي اللجوء هم أطباء ومهندسون وفنانون يسعون إلى نيل الحرية على الأراضي الأميركية، ولكن قضاياهم وأوضاعهم (بوكالات الهجرة) في طي النسيان».
ويشار إلى أن أعداد اللاجئين شهدت انخفاضاً كبيراً منذ تولي ترامب الرئاسة مطلع العام ٢٠١٧. وأفادت منظمة «سماريتاس» التي تعنى بمساعدة اللاجئين في ميشيغن، أنها ساعدت على توطين حوالي ٩٠٠ أسرة لاجئة في الولاية خلال العام الماضي، في حين انخفض العدد إلى ما دون ٣٠٠ أسرة في النصف الأول من العام الجاري.
مدير البرنامج في مؤسسة «بيت الحرية بديترويت» توماس روجرز، عزا مشاركته في الاجتماع إلى كون «منظمة العفو تروج للحوار والتفاهم حول اللاجئين، خاصة بعدما أصبح الموضوع قضية ساخنة».
وقال في حديث مع «صدى الوطن»: «الهدف من لقاء الليلة، هو إضفاء طابع إنساني حول هؤلاء الأشخاص.. والمساعدة في مد الجسور بين الثقافات المختلفة»، مضيفاً «كلما تواجدنا مع بعضنا البعض، كلما ازداد التناغم والانسجام الثقافي بيننا».
وتخلل اللقاء حفل عشاء متنوع بأطباق ومأكولات تعكس خلفيات اللاجئين، إضافة إلى عرض لوحات فنية أصلية رسمها أطفال لاجئون في أحد مخيمات اللجوء باليونان.
وتصور إحدى اللوحات –وهي من رسم طفلة سورية– سفينة تبحر بين أمواج متلاطمة، ما يعكس كآبة الطفلة السورية لاضطرارها إلى هجرة وطنها.
وقد أفادت المديرة الفنية المتعاقدة مع المنظمة دانيا الشيخ لـ«صدى الوطن»: إن الفن كان طريقة جيدة لمساعدة الأطفال (من سنتين إلى 14 سنة) على تجاوز الصدمات وجعلهم يشعرون بأنهم لا يختلفون عن غيرهم من أترابهم».
الشيخ، التي تعمل في مجال «العلاج بالفن» في ملجأ «موزياكو هاوس» باليونان، أشارت إلى أن العديد من الأطفال في ذلك الملجأ هم من سوريا وأفغانستان وباكستان وأثيوبيا، إضافة إلى أطفال من دول أخرى.
Leave a Reply