قاطن «قصر بعبدا» لم ينتظر٢٤ساعة قبل أن يخالف الأصول في جمهورية اللاأصل ويجتمع مع الأمبراطور أشرف ريفي ووسام الحسن لكي يهنئهما على الكمين الذي نصب للوزير السابق ميشال سماحة ويدينه قبل إستكمال التحقيقات، ثم إنه بعد إغتيال الحسن ذكر الإدعاء العسكري بضرورة الإنتهاء من قضية سماحة موحياً وكأن تفجير سيارة الحسن لها علاقة بهذه القضية. ساكن القصر لم يضيع دقيقة واحدة في إعطاء موعد مستعجل لأليس شبطيني، المتخصصة في الإفراج عن عملاء إسرائيل، مثنياً على «أليس» لأنها في أرض العجائب والمخلوقات الغريبة. ميشال سليمان لم ينبس ببنت شفة حول قضية الإفراج عن الإرهابي شادي المولوي بسبب إعتراض السلفيين في الشمال، ونقله في «تاكسي الصفدي للنقليات السلفية» واسقبال نجيب الحريري له في بيته. كما لم نسمع رئيس الجمهورية يعترض على الإساءة التي وجهت للجيش اللبناني بعد مقتل الشيخين على حاجز للجيش حاول توقيفهما بتهمة نقل أسلحة.
لكن رئيس الجمهورية إنتظر ٢٤ساعة قبل أن يدين مجزرة «عرساليا» (على وزن استراليا لأنها بلدة عظمى دخلت التاريخ مثل ستالينغراد مثلاً). لكنه لم ينس قبل ذلك أن يتصل بسعد الحريري مهنئناً إياه على موقفه «المتقدم» من قضية الزواج المدني الذي شغل البلد وقسمه بين علمانيين ودينيين وكأن كل شيء عال العال ولاتوجد مشكلة واحدة في «شبه الوطن»، أوكأن لبنان أصبح متطوراً مثل النروج. أما رئيس حكومته الذي قيل عنه «ضربة» معلم، فقد سمى المجزرة «إشكالاً» وباشر بالتوسط لإنقاذ رئيس بلدية عرسال علي الحجيري قبل أن يعلم أن السفيرة الأميركية وقفت مع الجيش ضد الجماعات «العنفية» فخرج ميقاتي المسكين من المولد بلا حمص.
وفي الوقائع، لم نر على مر التاريخ بشاعة كما شهدناها في الصور القليلة التي تسربت حول جريمة القتل والتمثيل بجثث عناصر الجيش اللبناني. فمنذ بدء ما سمي «الثورة السورية» ونحن نشاهد «تحفاً إبداعية» في القتل والتنكيل وقطع الرؤوس (حتى من قبل الأطفال) وإلقاء البشر من على السطوح وذبحهم ورميهم في نهرالعاصي، وتحليل أخذ البنات سبايا من أجل «شباب الثورة المجاهد»، والمساعدة على مصادرة تاريخ ومستقبل سوريا من خلال سرقة الآثار وتفكيك المعامل في حلب ونقلها إلى تركيا وتدمير الأسواق والمعالم التاريخية. وبلغت «الثورجية» بأحد التكفيريون للقول لمراسل إسرائيلي، في قلب سوريا العروبة، أنه يقبل بشارون من أجل محاربة الرئيس بشار الأسد. ولهذا ربما استسهلت قوات العدو الإسرائيلي قصف مركز الابحاث السوري في «جمرايا» لأن هكذا عدوان لا يمكن أن يحصل من دون تسهيل لوجستي وميداني على الأرض. هذه «المشاهد» المروعة والمذابح الشنيعة انتقلت عبر بوابة «عرساليا» فحصل الإعتداء على الجيش اللبناني (وهو أيس الأول في عرسال) بعد كمين «القلوب المليانة» سببها شحن نواب «الزرقاوي» كالفتنوي خالد الضاهر وكبارة والمرعبي الذي حرض على قتل قائد الجيش جان قهوجي من دون محاسبة ولا رفع حصانة نيابية عنه (كما طلبت النيابة العامة بحق النائب بطرس حرب بسبب ازدرائه لرئيس الجمهورية والقضاء!). فأين مشروع الدولة لدى «التيار الزرقاوي» وأين مشروع «لبنان أولاً»؟! بل أين الذين يحبون الحياة حباً جماً ويرفضون «ثقافة الموت»؟! هؤلاء «المتأسلمون» التكفيريون لم يقتلوا عناصر الجيش فحسب بل مثلوا بجثثهم في مخالفة صريحة للشرع ولقول الرسول الأعظم «لا تمثلوا بالميت فإنه المثلةَ حرامٌ ولو بالكلب العقور». لكن الذي يدمر بلداً بأكمله هل سيمنعه ضميره الشرعي من قتل وتقطيع أوصال مؤسسه عسكرية هي الوحيدة الجامعة للطوائف؟ هذه هي نتيجة مقولة جعجع «فليحكم الإخوان»!
وكالعادة، صمتت جماعة «٨ آذار» عن الكلام المباح رغم نفاق علي الحجيري الذي كشفت كذبه وإدعاءه كل شبكات التلفزة فبقي مصراً على غيه أن المقاومة هي التي أوقعت بينه وبين الجيش اللبناني. وبلغت به الصفاقة حداً أنه حول نفسه وميليشيا «الجيش السوري الحر» إلى ضحايا والجيش اللبناني إلى معتدي بسبب سرية عمله بإعتقال مجرم خطير في رقبته عشرات الشهداء من الجنود. كان على مخابرات الجيش أن تعلم الحجيري بكل تحركها السري كما على المقاومة أن تبلغ نائلة معوض وقرطة حنيكر بعملياتها ضد إسرائيل! وبسبب تهمة «مؤامرة» الحزب إنشغلت «٨ آذار» في الدفاع عن نفسها بدل أن تفرد حملة إعلامية وسياسية تكشف فيها الوجه الحقيقي للمتآمرين على الجيش والدولة لصالح المؤامرة الخارجية والفتنة المذهبية.
ولم يساعد إعلان بلغاريا عن تورط «الجناح العسكري» لـ«حزب الله» في التفجيرات التي وقعت فيها، في كشف «١٤ آذار» التي تلقفت التهمة كرمية من دون رامٍ وتشاركت مع بنيامين نتنياهووالناطق بإسم أوباما لشؤون الإرهاب، في التصويب على المقاومة مع أن المعارضة البلغارية أكدت أن الإتهام سياسيٌ بإمتياز وإن بلغاريا خضعت للضغوط الإسرائيلية. لكن كيد إسرائيل إرتد إلى نحرها لأن إعلان بلغاريا كان حمال أوجه ولم يدِن «حزب الله» مباشرةً مما جعل المجلس الأوروبي يمتنع عن وضع الحزب على «لائحة الإرهاب» التي تسعى له إسرائيل، بكل قوة، وأدواتها في سوريا ولبنان. ملاحظة أخيرة، إن إسرائيل لا تجرؤعلى ضرب لبنان كما تفعل في سوريا المتلهية بالمؤامرة الكونية عليها، أوفي فلسطين، خوفاً من شاي أحمد فتفت ودموع السنيورة أو ايديولوجيا سوسلوف «التيار الأزرق» أحمد الحريري (الذي اتحفنا بزيارة لديترويت مؤخراً معلناً أن تياره للجميع ما عدا أنصار المقاومة طبعاً).
من عرساليا إلى بلغاريا، مؤمراة ذووجه واحد ضد مثلث الشعب والجيش والمقاومة.. المثلث الذي له ربٌ يحميه ولو كره التكفيريون!
Leave a Reply