ديربورن – خاص “صدى الوطن”
تشكل فاتورة تأمين السيارات جزءاً مهماً من مجمل الفواتير التي يتوجب على المواطنين تسديدها لشركات التأمين، والتي تزيد من أعباء الدخل المحدود، أو الذين يعانون من فقدان الوظائف، أو الملتحقين بوظائف ذات دوام جزئي.
وتزداد المشكلة سوءاً وتعقيداً بارتفاع قيمة التأمين على السيارات في بعض المناطق، كما هو الحال في شرق مدينة ديربورن، وتحديداً في منطقة الرمز البريدي: 48126، والذي يعتبر من الأعلى في ميشيغن. الأمر الذي يدفع الكثيرين الى التحايل على هذا الموضوع، فيلجأون إلى وسائل شتى تكون في معظمها غير قانونية، وتعكس بشكل دائم ضعف الثقافة التأمينية لدى قطاع واسع من الناس.
ويتم التحايل عبر اللجوء إلى تغيير العنوان ومنطقة الرمز البريدي للحصول على تأمين باسعار أقل، بينما يلجأ البعض إلى شراء بوليصات تأمين ويقومون بسداد قسط شهري واحد فقط ويستمرون باستخدام أوراق التأمينات وإبرازها لدوريات الشرطة في كل مرة يتم فيها إيقافهم. ويلجأ بعض السائقين إلى هذه الطريقة لتفادي حجم الفواتير التي تشكل عبئاً مزعجاً، وتزيد الأزمة الاقتصادية من تفاقم هذه المشكلة وفق ما تبينه الأرقام. ففي العام 2004 بلغ عدد السائقين الذين أوقفتهم الشرطة في ميشيغن ولم يكن لديهم تأمين حوالي 5000 شخص، في حين بلغ عدد السائقين الذي لا يملكون بوليصات تأمين على سياراتهم حوالي 96 ألف في العام 2008.
“صدى الوطن” التقت عدداً من الوكلاء المعتمدين لدى شركات التأمين لمعرفة الأسباب التي تتحكم بأسعار التأمين في هذا المجال. الوكيل علي فواز صاحب “شركة فواز للتأمين” قال: “يتحكم عدد من العوامل بأسعار بوليصات التأمين، منها منطقة الرمز البريدي، والتاريخ الائتماني (كريديت هيستوري)، وامتلاك بيت، وعمر السائق (أقل أو أكثر من 25 سنة)، ووجود أولاد، وحيازة التأمين الصحي، وعدد السيارات وغيرها.. وتوجد في بعض الأحوال حسومات خاصة للنقابات والجمعيات والمنظمات، وعلى كل حال تعتبر منطقة الرمز البريدي (شرق ديربورن) ٤٨١٢٦ هي من المناطق الأكثر غلاءً”.
الوكيل علي خليفة صاحب شركة كيلي للتأمين، قال: “إن ارتفاع الأسعار قائم أساساً على الإحصائيات التي تقوم بها شركات التأمين كل 3 أشهر، حيث تقوم شركات التأمين بتقييم هذه النتائج، وإجراء الموازنة بين العائدات المالية الناتجة عن مجمل قيم الفواتير، وبين المبالغ المالية التي تدفعها الشركات لزبائنها في دعاوى بدل الضرر Claims”.
ولدى سؤال شريحة معينة من السائقين أكد معظمهم أن الذي يرفع أسعار الأقساط الشهرية لاشتراكات التأمين هي المخالفات المرورية التي ينتج عنها تقييمات معينة في السجل المروري، ولدى سؤال خليفة عن هذا الموضوع قال “إن المخالفات التي تقوم عناصر الشرطة بتنظيمها للسائقين وينتج عنها تقييمات مرورية تبقى على سجل السائق وتتحكم بهذا الموضوع بلا شك، ولكن يظن بعض السائقين أن سجلاتهم المرورية نظيفة في حالوا قاموا بإزالة النقاط في المحكمة، ولكن الصحيح أن شركات التأمين لا تقوم بإزالة تلك النقاط، وتأخذها بعين الاعتبار عند الاحتساب لمدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات حتى لو تمت تبرئته من قبل المحكمة”. وأوضح خليفة أن المخالفات جميعها تؤثر في هذا الموضوع، سواء الناتجة عن الحوادث، او المخالفات المرورية، أو مخالفات تجاوز السرعة، فيما تستثنى مخالفة حزام الأمان في هذه الحال”.
ولدى الاطلاع السريع على حجم الدعاوى Claims وإجراء المقارنات، تبين لـ”صدى الوطن” أن منطقة شرق ديربورن هي من أكثر المناطق التي يكثر فيها هذا النوع من الدعاوى، وأن تاريخ هذه المشكلة يعود إلى بداية الثمانينات من القرن الماضي، حيث كان البعض يتلاعب في هذه المسألة للحصول على تعويضات مالية، دون أن يدرك هؤلاء “المتشاطرون” أن الأموال التي يحصلون عليها إنما تأتي في النهاية من جيوب أقاربهم وجيرانهم وإخوانهم.
وفي هذا السياق تبدو مسألة “التثقيف في مجال التأمينات” مسألة في غاية الأهمية، ويبدو أننا نحن العرب آخر المعنيين في هذا الموضوع. وفي هذا المجال قال الوكيل علي سعد، صاحب شركة “أميركو”، “إن من أكبر الأخطاء التي يرتكبها العرب عدم رغبتهم بالتثقيف في هذا المجال”.
وأضاف: “لا شك أن مستحقات الفواتير تثقل كاهل المواطنين، ولكن التأمين على السيارة أمر ضروري، ولا تجوز المجازفة به بتاتاً، خاصة في حال وجود أطفال”. ونصح سعد المواطنين “أن يعتبروا مبالغ الفواتير المستحقة استثماراً.. ذلك أن أي حادث يحدث (لا سمح الله) سيكلف صاحبه الكثير من المال والوقت، وقد يسبب له كارثة مالية”. وقال سعد “لا أحد منا محصن ضد الحوادث، فالحوادث تنتج عن الخطأ، والبشر لا يستطيعون تفادي الأخطاء.. نحن جميعا بشر ونخطئ، وعلينا في أسوأ الأحوال الالتزام بالتأمين ولو ضد الغير (وان واي)”.
وفي النهاية، لا بد أن نذكر أن ممارسات البعض من أبناء جاليتنا في استغلالها للتأمين على السيارات بدافع الجشع والتذاكي، قد تسببت في رفع أسعار التأمينات على السيارات (والحال نفسه كذلك..بالنسبة لأنواع التأمينات الأخرى الصحية والتأمينات على البيوت وغيرها)، وآلت الأمور إلى ما آلت إليه في أن يدفع “الأوادم” والطيبون والفقراء الثمن.
كما يجب تذكير السائقين الذين يقومون بتغيير عناوينهم لاستحصال التأمينات على سياراتهم بأسعار أقل، أنهم بذلك يقومون بالإضرار (عن غير قصد) بالمواطنين، ذلك أن مبالغ التأمينات التي يدفعونها في هذه الحالة تذهب لصالح مناطق أخرى مما يؤدي إلى اتساع الفرق بين مداخيل شركات التأمين ومصاريفها في المناطق التي تضم عناوين سكنهم الحقيقية، وهذا بدوره يتسبب بازدياد أسعار التأمينات.
Leave a Reply