بغداد – اختلفت آراء المسؤولين العراقيين والزعماء المسيحيين والمسيحيين أنفسهم حول هوية الجهة التي تقف وراء الاعتداءات التي تستهدف الأقلية المسيحية في البلاد. ولكنهم اجمعوا جميعاً على ضرورة التصدي لموجة العنف غير المسبوقة في محافظة نينوى شمال العراق التي شهدت عدداً من الاعتداءات على المسيحيين منذ بداية تشرين الأول (أكتوبر).
ورغم إعلان مسؤولين عراقيين إن عددا من المسيحيين عادوا إلى مدينة الموصل إلا أن الرقم لا يزال صغيرا مقارن باللذين نزحوا في الأسابيع المنصرمة وذلك رغم الوعود الحكومية بحمايتهم وتقديم الدعم لهم.
وقال جودت إسماعيل -وهو مسؤول محلي- إن كل عائلة مسيحية تعود ستتلقى دعما ماليا بنحو مليون دينار عراقي أي ما يقابل (865 دولارا أميركيا) بأوامر من رئيس الوزراء نوري المالكي.
ويقول مسؤولون عراقيون إن نحو عشرة آلاف من المسيحيين غادروا منازلهم بالمدينة الشهر الجاري بسبب التهديدات والهجمات.
وفي سياق آخر رفض المسيحيون العراقيون إقامة منطقة حكم ذاتي لأنهم «لا يريدون العيش داخل قفص»، فقد أعلن ذلك أساقفة يمثلون بطاركة الكنائس المسيحية في العراق إثر لقائهم رئيس الوزراء نوري المالكي في بغداد. وبينما أعلنت وزارة حقوق الإنسان في العراق أن عدد العائلات المسيحية التي نزحت من الموصل بمحافظة نينوى 2270 عائلة، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن قلقه البالغ إزاء الاعتداءات التي يتعرض لها المسيحيون العراقيون والتي أدت إلى نزوح الآلاف منهم عن ديارهم.
وأكدوا أن موقف الكنيسة من حكم ذاتي للمسيحيين في الموصل يرتبط بكردستان، قائلين: «هذا لا نريده، إنما نريد أن نتواصل مع الحكومة المركزية بشكل دائم ونحن دائماً مرتبطون بها، ولا نريد أن نعيش داخل قفص».
وأكدوا «نريد العيش إلى جانب إخواننا في كل مكان في العراق من الشمال وحتى البصرة، فكيف يمكن أن نعيش في منطقة صغيرة»؟ وذكرت تقارير إعلامية أن بعض قادة المسيحيين يطالبون بإقامة حكم ذاتي شمال الموصل في منطقة سهل نينوى ذات الغالبية المسيحية المجاورة لإقليم كردستان.
من جهته، أكد المالكي أنه ستتم معاقبة كل من تسبب بتهجير المسيحيين ومحاسبة الجهات التي وقفت وراء الجماعات المسلحة التي نفذت هذه الجريمة.
إلى ذلك نقل بيان حكومي عن غانم عبد الكريم الغانم مدير عام شؤون المحافظات في وزارة حقوق الإنسان العراقية ورئيس لجنة تقصي الحقائق في الموصل قوله ان «التقارير الميدانية تؤكد توقف حركة نزوح العائلات المسيحية منذ منتصف الشهر الحالي»، مؤكدا ان الوزارة سجلت عدد العائلات النازحة بحدود 2270 عائلة. واضاف ان النازحين يسكنون حاليا في مناطق تلكيف وتل أسقف والقوش وبطنايا وكرمليس وبعشيقة، وجميعها تقع شمال الموصل في سهل نينوى، حيث الغالبية مسيحية. وتابع القول ان «هؤلاء تهجروا من مناطق سكنهم في وسط الموصل في احياء السكر والحدباء والتحرير والعربي».
من المسؤول؟
قال هشام الحمداني، رئيس مجلس محافظة نينوى أن «المسيحيين كغيرهم المجتمعات العراقية (…) تعرضوا للقتل والنزوح منذ عام 2003 ولكن موجات العنف الموجهة ضدهم تزايدت في الأسابيع القليلة الماضية واتخذت منحىً جديداً».
واتهم الحمداني «المخربين والتكفيريين من تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق» بالوقوف وراء الاعتداءات وقال أنهم «يحاولون فرض تفسيراتهم الخاطئة للإسلام وقتل غير المسلمين في حال لم يدخلوا في الإسلام».
وكان البرلمان العراقي ألغى مؤخراً نظام الكوتا في انتخابات المجالس المحلية القادمة في ستة من محافظات العراق، مما يعني أن هذه المجالس لن تتمكن من حجز بعض المقاعد للأقليات العرقية والدينية. ويعود السبب وراء هذا القرار لعدم وجود إحصائيات حول عدد المسيحيين أو اليزيديين أو غيرهما من الديانات في مناطق معينة.
ومنذ ذلك الوقت بدأ المسيحيون بمحاولات للضغط على البرلمان لتمرير قانون جديد يخصص عدداً من المقاعد للأقليات خوفاً من تعرضهم للمزيد من التهميش. كما خرجت مظاهرات ومسيرات احتجاج على القرار في الكثير من المدن التي تسكنها الأقليات.
وقال رجل دين مسيحي «إنهم يريدون إضعافنا وإخراجنا من الحياة السياسية» دون أن يحدد هوية الجهة التي تريد ذلك.
من جهة أخرى، قال النائب أسامة النجيفي، وهو سني علماني من نينوى، أن الميلشيات الكردية في العراق تحاول تغيير التركيبة السكانية في المحافظة لزيادة عدد الأكراد في البرلمان. ولكن الأكراد نفوا هذه الادعاءات.
وقال حنا يوسف كازيار، وهو مسيحي يبلغ من العمر 45 عاماً من محافظة نينوى «لا يوجد لدي أي تفسير لاستهدافنا بهذه الطريقة (…) لا أعتقد أننا نشكل أي خطر على غيرنا من المواطنين العراقيين».
واندلعت الاعتداءات ضد المسيحيين في الموصل، عاصمة محافظة نينوى التي تقع على بعد 004 كلم تقريباً شمال بغداد، يوم 4 تشرين الأول (أكتوبر) عندما بدأ مسلحون باغتيال المسيحيين وتهديد غيرهم من أبناء الطائفة مطالبينهم بمغادرة المدينة.
Leave a Reply