خطبَ عمرو بن حجر إلى عوف بن محلم الشيباني ابنته (أم إياس) فقال: نعم أزوّجها على أن أسمّي بنيها وأزوّج بناتها، فقال عمرو بن حجر: أمّا بنونا فنسمّيهم بأسمائنا وأسماء آبائنا وعمومتنا، وأمّا بناتنا فينكحهنّ أكفاؤهنّ من الملوك، ولكنّي أصدقها عقاراً في كِندة وأمنحها حاجاتِ قومِها لا تُرَدُّ لأحدٍ منهم حاجةً، فقبِلَ ذلك منه أبوها وأنكحه إيّاها.
فلمّا كان بناؤه بها، خلتْ بها أمُّها فقالت: أيْ بُنيّةَ إنّكِ فارقتِ بيتَكِ الذي منه خرجتِ، وعشَّكِ الذي فيه درجتِ إلى رجلٍ لم تعرفيه وقرينٍ لم تألفيه، فكوني له أمَةً يكن لكِ عبداً، واحفظي له خِصالاً عشراً يكنْ لكِ ذُخراًً، أمّا الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة وحسنِ السمعِ له والطاعة، وأمّا الثالثة والرابعة: فالتفقّد لموضعِ عينه وأنفِه فلا تقع عينُه منكِ على قبيحٍ، ولا يشمُّ منكِ إلّا أطيبَ ريح، وأمّا الخامسة والسادسة: فالتفقّد لوقتِ منامِه وطعامِه، فإنَّ تواترَ الجوعِ مَلهبةٌ وتنغيصَ النومِ مغضبة، وأمّا السابعة والثامنة: فالإحتراس بمالهِ والإرعاء على حشَمِه وعيالِه، وملاك الأمر في المالِ حسنُ التقدير وفي العيالِ حسنُ التدبير، وأمّا التاسعة والعاشرة: فلا تعصينَ له أمْراً ولا تفشينَ له سرّاً، فإنّكِ إن خالفتِ أمرَه أوغرْتِ صدرَه، وإن أفشيتِ سرَّه لن تأمني غدرَه، ثم إيّاكِ والفرح بين يديه إذا كان مُغتمّاً، والكآبة بين يديه إذا كان فرِحاً، فولدت له الحارث بن عمرو جدَّ امرئ القيس الشاعر.
Leave a Reply