مريم شهاب
في مسرحية «ناطورة المفاتيح»، يدور حوار بين فيروز والملك، على أثر مغادرة أهل المدينة، تاركين مفاتيح بيوتهم ومحلاتهم بحوزة فيروز، احتجاجاً على الضرائب الباهظة التي فرضها الملك عليهم، مقابل سوء الخدمات والإهمال لمطالبهم.
يخاطب الملك «ناطورة المفاتيح» عاتباً عليها وعلى رعاياه، لقلة احتمالهم ووفائهم. فالرعية هي القاعدة التي يرتكز عليها الحكم، ويجب أن تبقى صلبة ومتماسكة، بحسب ما يرى الملك، لكن فيروز ترد عليه بأن الشعب يأتي عليه حين من الوقت، يفقد فيه القدرة على احتمال الأثقال والإهمال، وينهار الأساس، ويسقط المُلك. وكما ترى يا مولانا، رحل الجميع، وبقيت أنا وأنت. أنت في قصرك العالي وأنا على الأرض.
يسألها الملك أن تصعد إليه، هي الآن كل شعبه، وملك بلا شعب «ما بيسوى». ترفض فيروز طلبه، وتسأله أن ينزل إليها. أن ينزل إلى الحقيقة، إلى الأساس، وألا يسيء الظن برعيته، كما يقول له أتباعه وأفراد حاشيته القريبين منه، فسوء الظن، يدل على صغر صاحبه، أكثر من أي شيء آخر، وهو أشبه بالنميمة والافتراء والشائعات المغلوطة.
كان لا بد من هذه المقدمة، لشرح حالنا نحن الرعية مع حكومة بلدية مدينتنا ديربورن، وفواتير الضرائب التي ترتفع سنة بعد سنة. لاحظ الجميع، كم ازدادت أرقام الضرائب السنوية على البيوت والمحلات، وهذه الضرائب هي ضرائب الصيف، وهنالك ضرائب الشتاء، فالبلدية شاطرة وقادرة على تحصيل ما تريده من المواطن. ولكن هذا المواطن، إذا أراد تسيير معاملة مدفوعة الثمن مسبقاً، فعليه أن يعاني الأمرين في المراجعات والتأويلات حتى يمل، وهذا سبب وجيه ليضب أغراضه ويرحل مع عائلته إلى ولاية أخرى، أو مدينة أخرى.
المجلس البلدي الذي وافق وأقر على بيع بنايتي المسنين في ولاية فلوريدا، وتساهل في بيع مبنى البلدية التاريخي العريق الذي كان أيقونة ديربورن، وأقر شراء مبنى جديد أشبه بصناديق إسمنتية، عزلت موظفي البلدية داخل مكاتبهم، وبات التواصل المباشر بين المواطن والموظف صعباً، ومستحيلاً أحياناً. رغم أن هذا الموظف والمجلس البلدي ورئيس البلدية وحاشيته الكبيرة، كلهم يتقاضون رواتبهم من هؤلاء السكان الذين يدفعون الضرائب والفواتير.
لقد باتت علاقة سكان ديربورن مع بلديتهم، كما وصفها أحد المراجعين، وبصوت عال: لو أن البلدية تعامل الناس كزبائن، لكانت تهتم بهم وبمصالحهم، فصاحب العمل أو المهنة يهمه الزبون، ويسعى لإرضائه وكسب ثقته، بينما البلدية زهقانة وتعبانة، تعامل الناس كرعايا يتوجب عليهم دفع الضرائب والمستحقات، فقط.
شكاوى عديدة من الناس، من عدم جمع القمامة وترحيلها في أوقاتها، والتقاعس عن كنس الطرق وتزفيتها، والتغاضي عن تجميل الشوارع الرئيسية، كما في جميع المدن الأخرى. يسأل سائل: أين أموال الضرائب التي يدفعها السكان والأعمال التجارية، هل يريدون منا أن نهجر ديربورن، أم يريدون لها أن تصبح بعد سنوات، مثل ديترويت؟
Leave a Reply