بيروت – بعد عدة محاولات لاستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت ومعها السلم الأهلي اللبناني، طالت يد الإرهاب الخميس الماضي قلب الضاحية بسيارة مفخخة حصدت عشرين قتيلاً ومئات الجرحى في منطقة الرويس، وتحديدا تقاطع الرويس بئر العبد، حيث شاءت العناية الإلهية ألا يسقط قتلى في المفخخة التي انفجرت قبل خمسة أسابيع. ولكن هذه المرة، المشهد كان أكثر سوداوية مع غضب الأهالي، لكن اللافت كان في توحد القوى كافة حول ضرورة عدم الوقوع في شرك الفتنة التي ارادها المفجرون، وتعزيز الوحدة الوطنية، رغم بعض الاستفزازات التي تمثلت بإطلاق الرصاص ابتهاجاً في مدينة طرابلس التي يسيطر على بعض أحيائها مسلحون.
وشكل موقف النائب وليد جنبلاط ابرز تلك الردود حين وجه الاتهام صراحة الى اسرائيل داعيا الى «رؤية الصورة كاملة» في المنطقة. وقال في احاديث تلفزيونية عدة، ان اسرائيل هي المستفيدة الاولى من هذا العمل، لافتا النظر الى انها قد قامت بهذا العمل لكي تنتقم من هزيمتها في العام 2006، مشددا على أن «الحوار لم ينقطع مع «حزب الله» ولكن نتمنى ان يتوج بحكومة وحدة وطنية».
كما سجل موقف بارز لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان حيث وصف التفجير بالجبان، مؤكدا أنّ «هذا الاسلوب الاجرامي يحمل بصمات الارهاب وإسرائيل لزعزعة الاستقرار وصمود اللبنانيين».
وجاء هذا التفجير الإرهابي المستنسخ عن مفخخات العراق وسوريا، فيما كان «حزب الله» يحيي ذكرى انتصاره على إسرائيل عام 2006. وعلى وقع إعلان الأمين العام لحزب الله عبر قناة «الميادين» أن المقاومة هي التي فجّرت العبوتين مؤخراً بالدورية الإسرائيلية التي تسللت إلى داخل لبنان من منطقة اللبونة. أما إسرائيل الصامتة والمرتبكة منذ فترة بسبب هذه العملية النوعية ازداد إرتباكها بعد كلام نصرالله.
وندد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بشدة بالتفجير، وشدد على ضرورة الحوار، قائلا: «مهما أخذنا اجراءات اذا لم نصغ لبعضنا لن نستطيع انقاذ لبنان». واعلن الحداد الوطني يوم الجمعة (مع صدور هذا العدد)، داعيا الى عقد اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى.
ووصف رئيس الحكومة المكلف تمام سلام الانفجار بالهمجي والجبان، مشددا على أن الرد عليه يكون بالتعالي على الجراح والتأكيد على الوحدة الوطنية لتحقيق المصلحة الوطنية وإجهاض المخطط الخبيث الذي يرمي إلى أذية اللبنانيين وزرع الفرقة بينهم. ودعا كل القوى السياسية إلى أن تتوحّد وتتعالى فوق خلافاتها، وأكد أنّ العدو المتربص بنا لن يوفر مناسبة، «وكيف إذا كانت المناسبة ذكرى هذا الانتصار الكبير الذي تحقق عليه».
واعتبر الرئيس سعد الحريري أن «اللبنانيين بكل أطيافهم الروحية والسياسية لا يمكن إلا ان يدينوا هذه الجريمة الإرهابية بأشد العبارات»، ودعا الجميع إلى «التحلي بالحكمة وضبط النفس وعدم الانجرار الى ما يريده أعداء لبنان، الذين يتحيّنون الفرص لوقوعنا في شرك الفتنة والقضاء على البقية المتبقية من وحدة الدولة واستقرارها».
واعتبر رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون أنه لا يستطيع أن يبرئ أحدا ولا أن يتهم أحدا بالوقوف وراء الانفجار، لافتا النظر إلى أنّ جميع الفرقاء مسؤولون اليوم عن الخطاب المتطرف الذي يجب أن يُلغى من الخطاب السياسي.
وفي حديث تلفزيوني، أكد عون وجود رابط بين انفجار اليوم وتوقيته في ذكرى انتصار المقاومة على إسرائيل في حرب تموز، ولم يستبعد إمكانية حصول أي تفجير في منطقة سنية لزرع الفتنة.
ويعتبر المراقبون أن الانفجار لم يكن مفاجئا إلا في حجمه واحترافيته من حيث وصول السيارة إلى عين المكان، ونوعية المتفجرة المستخدمة تؤكد أنها ليست عمل هواة. ويأتي التفجير بعد تصريحات علنية لمجوعات مسلحة في سوريا تابعة خصوصا للنصرة أو للجيش الحر أو لأطراف من المعارضة المسلحة تهدد الحزب بالانتقام منه في الضاحية وفي بيئته الحاضنة.
Leave a Reply