الحرب العدوانية التي تشنها آلة الدمار الاسرائيلية المدعومة أميركياً بتواطؤ من أنظمة عربية على رأسها مصر، ضد المقاومة الفلسطينية في غزة، حرب لم يشهد لها العالم العربي مثيلاً من قبل، لناحية اصطفاف جزء من الأمة العربية إلى جانب أعدائها. فهذه مصر تشارك فعلياً في المعارك إلى جانب إسرائيل عبر إغلاق معبر رفح ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، ومنع وصول أسلحة إلى المقاومة تعينهم على مواصلة الدفاع عن أرضهم وأهلهم وشرف الأمة العربية وكرامتها. وهي فوق ذلك دفعت بآلاف الجنود المصريين للوقوف على حدودها خشية تدفق آلاف الفلسطينيين إلى أراضيها هرباً من جحيم المعارك والقصف الهمجي، مخالفة المعاهدات والمواثيق الدولية التي تنص على فتح الحدود أمام المهجرين في زمن الحرب.أضف إلى ذلك تسخير مصر لماكينتها الإعلامية لمهاجمة المقاومة الفلسطينية وتحميلها وزر شن إسرائيل لحرب على قطاع غزة، بحجة استمرارها في قصف المدن والمستوطنات الصهيونية بالصواريخ، وامتناع حماس عن تجديد هدنة مع الكيان الغاصب، يتيح لإسرائيل مواصلة فرض حصارها على مليون ونصف المليون من الفلسطينيين، وكأن هؤلاء أما أن يموتوا بالحصار أو بالنار.ثم إن القاهرة بموقفها المخزي من هذه الحرب، يصم النظام فيها أذنيه عن مطالب الشعب المصري بطرد السفير الإسرائيلي ووقف ضخ البترول المصري إلى تل أبيب، الذي يستخدم في ملء خزانات الدبابات الإسرائيلية التي تقصف غزة، وتقتل النساء والأطفال.لم تكتفِ مصر بتخاذلها وموقف نظامها الجبان تجاه ما يجري على حدودها الشمالية، فكان الأجدى برجال هذا النظام وأبواقه الإعلامية أن تصمت، لا أن يخرج علينا جنرال مصري متقاعد ويرأس وحدة للدراسات الاستراتيجية ليقول إن غزة فيها عشرات الآلاف من العملاء، ومثلهم في الضفة الغربية يزودون الجيش الإسرائيلي بالمعلومات ويرشدونهم على مواقع قادة المقاومة وصواريخها ومخازن سلاحها.ويضيف هذا الجنرال المتهالك بأن هذا ما حدث بالضبط في الجنوب اللبناني حين كانت المقاومة اللبنانية تصد الهجوم الإسرائيلي في حرب تموز. كلام لا يستحق الرد عليه، فالفلسطينيون واللبنانيون حتى بشهادة أعدائهم هم مقاتلون بواسل يرفضون الاستسلام والهوان، ودلالة ذلك حروب خاضوها وسطروا فيها ملاحم بطولية، لا كما يدعي الجنرال الذي ينتمي لنظام هزيل علق اللبنانيون على سفارة بلاده في بيروت أحذيتهم تعبيراً عن ازدرائهم لمواقفه الخانعة من الحرب الدائرة على شعبنا في غزة.ليعلم رأس النظام المصري والذي لم يحرمنا من طلته المترهلة على الشاشات الفضائية أن التاريخ سيسجل له هذا الموقف الذي لا يليق بتاريخ مصر وشعبها وحضارتها وموقعها الذي كان مفروضاً أن يكون في القلب.نقول إن الأمة العربية بشعوبها ومقدراتها وهويتها لم تمت والشعب الفلسطيني لن يموت، فهذه الأمة لا ينعدم فيها الأحرار والأبرار، ولعل اتصال هاتفي أجراه أمير قطر باسماعيل هنية في المرحلة الأولى من الحرب على غزة، طمأنه فيه بأن لا يلقي بالاً للتدمير الذي لحق ببنية غزة التحتية وعمرانها وطرقها ووزاراتها، تعهد أمير قطر بإعادة بناء كل ما تسفر عنه هذه الحرب من الدمار على نفقة بلاده.تحية إلى هذا الأمير الذي وصفت أجهزة مصر الإعلامية دولته بأنها لا توازي مساحة حي من أحياء القاهرة، وتحية إلى لبنان بشعبها الذي سير مظاهرات عارمة ويمقاومتها التي تعهدت بعدم ترك غزة وحيدة في هذه الحرب، ما جعل إسرائيل تستدعي عشرات الآلاف من احتياط جنودها ونشرهم على الحدود الشمالية، وتحية إلى إيران التي أوفدت رئيس أمنها القومي للاجتماع والتشاور مع قيادات فلسطينية ولبنانية وسورية ما اعتبره محللون قمة للمقاومة اتخذت فيها قرارات مصيرية، ربما تسفر عن مفآجات في المرحلة المقبلة من الحرب، على عكس ما وصفت بـ «قمة الأغبياء» كناية عن قمة عربية ناضلت مصر لإفشال عقدها.أما وقد ظن البعض ممن يصفون أنفسهم في العالم العربي بـ «المعتدلين» و «العقلانيين» و «الواقعيين» من أن حليفتهم إسرائيل ستقضي في هذه الحرب على حماس والفصائل المقاومة في غزة وتنهي حكمها، نقول لهم إنهم أغبياء، فالسياسة لم تكن يوماً حالة جمود تفرض على العاملين بها الثبات على مفاهيم متحجرة، وإلا لما بادت الامبراطورية الرومانية والعثمانية والهلترية، فما بال هؤلاء لا يتعظون مما جرى في حرب تموز لإسرائيل وما جرى للولايات المتحدة في حربها على العراق، أم أنهم ينتظرون أحذية تضرب رؤوسهم ليفيقوا من واقعيتهم وعقلانيتهم الزائفة!..
Leave a Reply