نيويورك – أظهر تحليل نشره موقع «ذي إنترسبت» الإخباري، الثلاثاء الماضي، أن تغطية العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في ثلاث من كبريات الصحف الأميركية وهي «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز»، تحيزاً ثابتاً ضد الفلسطينيين، وتجاهلاً غير المسبوق لحقوقهم الإنسانية تحت الحصار وحملة القصف الإسرائيلية على الأطفال والصحافيين.
وتوصل الموقع إلى أن الصحف الأميركية قد ركّزت على نحو غير متناسبٍ على الوفيات الإسرائيلية في الحرب، واستخدمت لغة مشحونة عاطفياً في وصفها لمقتل الإسرائيليين، دوناً عن الفلسطينيين، وقدمت تغطية غير متوازنة للممارسات المعادية للسامية في الولايات المتحدة الأميركية، وتجاهلت في الوقت نفسه، الممارسات العنصرية المعادية للمسلمين في أعقاب السابع من أكتوبر الماضي.
وقد عقد الموقع الإخباري تحليلاً مفتوح المصدر للأسابيع الستة الأولى من العدوان الإسرائيلي ابتداءً من عملية «طوفان الأقصى» وحتى 24 نوفمبر المنصرم، أي بداية «الهدنة الإنسانية» التي استمرت أسبوعاً، والتي اتفق عليها الطرفان لتسهيل عملية تبادل المحتجزين. وقتلت إسرائيل خلال هذه الفترة 14,800 فلسطينياً، منهم أكثر من 6 آلاف طفل. وقد تخطى الآن عدد الشهداء الفلسطينيين 23 ألف.
وجمع «ذي إنترسبت» عينةً من 1,100 مقال من الصحف الثلاث آنفة الذكر، حول العدوان على قطاع غزّة، وحصر توظيف بعض المصطلحات والتعبير الرئيسة وسياق استخدامها. وكشفت الإحصائيات عن اختلال كبير في طريقة تغطيتها للإسرائيليين والشخصيات المؤيدة لإسرائيل في مقابل الأصوات الفلسطينية والمؤيدة للفلسطينيين، كما أكّد أن هذه الصحف فضّلت الروايات الإسرائيلية على الروايات الفلسطينية.
ترسم تغطية الأسابيع الستة الأولى من الحرب صورة قاتمة عن الجانب الفلسطيني، وفقاً للتحليل، وهي صورة تجعل إضفاء الطابع الإنساني على الفلسطينيين، وبالتالي إثارة تعاطف الولايات المتحدة، أكثر صعوبة. ولجمع البيانات عمد الصحافيون في «ذي إنترسبت» للبحث في المقالات التي تحتوي على كلمات ذات صلة (مثل فلسطيني، وغزي، وإسرائيلي، وإلخ)، في المواقع الإخبارية التابعة للصحف الثلاث، ثم حلَّلوا تلك الجمل والمصطلحات، وقادهم التحليل إلى أربع نتائج أساسية:
1– تغطية غير متناسبة للوفيات: تظهر كلمتا «إسرائيلي» أو «إسرائيل» في الصحف الثلاث، أكثر من كلمة «فلسطيني» أو أي من تحويراتها، وحتى مع تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين عدد القتلى الإسرائيليين بكثير. ويُذكر الفلسطيني مرّة مقابل ارتقاء كل شهيديْن، في حين يُذكر الإسرائيلي ثماني مرّات مقابل كل قَتيل، أي بمعدل 16 مرة أكثر من الفلسطيني.
2– استخدام كلمة «مذبحة/مجزرة» مع الإسرائيليين فقط: خُصص استخدام المصطلحات العاطفية لقتل المدنيين مثل «المذبحة» و«المجزرة» و«المروّعة» تخصيصاً شبه حصري للإسرائيليين الذين قُتلوا على يد المقاومين الفلسطينيين، وليس العكس. استخدمَ المحررون والمراسلون مصطلح «المذبحة» لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بنسبة 60 إلى 1، واُستخدمَ مصطلح «المجزرة» لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بنسبة 125 إلى 2. واستخدم وصف «المروّع» لوصف مقتل الإسرائيليين مقابل الفلسطينيين بنسبة 9 إلى ١.
3– الأطفالُ والصحافيون: من أصل 1,100 مقال إخباري ضمن عينة التحليل، أشار «ذي إنترسبت» إلى أن عنوانين فقط يذكران كلمة «أطفال» في الحديث عن أطفال غزة. ونشرت «نيويورك تايمز»، في استثناءٍ ملحوظ، على صفحتها الأولى أواخر نوفمبر حول الوتيرة التاريخية لقتل النساء والأطفال الفلسطينيين، على الرغم من أن العنوان الرئيس لم يبرز أياً من المجموعتين (الفلسطينيين أو الإسرائيليين). وعلى الرغم من أن حرب إسرائيل على غزة لربما تكون الأكثر دموية بالنسبة للأطفال في التاريخ الحديث، فلا ذكر لكلمة «أطفال» والمصطلحات ذات الصلة في عناوين المقالات التي استطلعها الموقع.
كما يُشار إلى الشباب الإسرائيليين على أنهم أطفال، بينما يُشار إلى الأطفال الفلسطينيين على أنهم «تحت سن 18 عاماً». وظهرَ هذا التجاهل للأطفال الفلسطينيين بوضوح خلال المفاوضات حول تبادل الأسرى، إذ أشارت «نيويورك تايمز» في إحدى المقالات إلى تبادل «النساء والأطفال الإسرائيليين» بـ«النساء والقُصَّر الفلسطينيين». وأورد التحليل أن الأطفال الفلسطينيين قد أُشيرَ إليهم في المقالة نفسها باسم «الأطفال»، ولكنه كان في سياق تلخيص النتائج التي توصلت إليها مجموعات حقوق الإنسان.
4– الكراهية في الولايات المتحدة: على هامش العدوان الإسرائيلي، أولت الصحف الكبرى اهتماماً أكبر للهجمات المعادية للسامية مقارنة بالهجمات ضد المسلمين. وقد ظهر تركيزٌ غير متناسب على العنصرية تجاه اليهود، مقابل العنصرية التي تستهدف المسلمين أو العرب أو ممّن ينحون نحوهم. وضمن المقالات في الفترة التي درسها «ذي إنترسبت»، ذكرت الصحف الثلاث معاداة السامية أكثر من كراهية الإسلام بنسبة 549 مقابل 79.
وعلى الرغم من وجود العديد من الأمثلة البارزة على معاداة السامية والعنصرية المعادية للمسلمين خلال فترة الاستطلاع، فإن 87 بالمئة من الإشارات إلى التمييز كانت حول معاداة السامية، مقابل 13 بالمئة حول كراهية الإسلام، بما في ذلك، المصطلحات ذات الصلة.
Leave a Reply