القدس المحتلة – بدأ المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، جورج ميتشل جولته السادسة إلى المنطقة نهاية الأسبوع الماضي في إطار الجهود الرامية لدفع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لإجراء محادثات سلام مباشرة بينهما، وتتزامن زيارته مع قيام إسرائيل بهدم منازل فلسطينيين في القدس الشرقية، ومع مطالب حركة التحرير الفلسطيني (فتح) بإبقاء المحادثات بصورتها غير المباشرة.
تأتي جولة ميتشل بعد أن أكدت جامعة الدول العربية أنها ستلجأ إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار أممي لإعلان الدولة الفلسطينية إذا فشلت المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل, بينما استبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سلاما وشيكا.
وأكد رئيس مكتب الأمين العام استمرار الموقف العربي الذي ينوي اللجوء إلى مجلس الأمن إذا لم تتحقق نتائج من المفاوضات غير المباشرة، وبسبب ما أسماه عدم جدية إسرائيل في تحقيق أي تقدم على مسار تحقيق السلام.
وقال هشام يوسف إن لجنة المبادرة العربية ستعقد اجتماعا نهاية هذا الشهر بمشاركة الرئيس الفلسطيني لبحث تطورات المفاوضات غير المباشرة التي نفى توقفها.
وأضاف أن هناك مقابلة ستجرى بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والمبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل خلال الفترة المقبلة يبلغه فيها ما يمكن التوصل إليه.
وكان الأمين العام عمرو موسى قد أكد في وقت سابق أنه “لا يوجد أي تقدم” في المفاوضات غير المباشرة التي رأى أنها تواجه “فشلا شاملا”.
ووصل ميتشل إلى إسرائيل الخميس الماضي واجتمع في وقت متأخر من المساء مع وزير الدفاع إيهود باراك، وفي هذه الأثناء خرجت وزارة الخارجية الأميركية بتصريحات تقول إن المحادثات المباشرة ستستأنف إن عاجلاً أم آجلا.
فقد قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي للصحفيين في واشنطن “أعتقد أنه لدينا إيمان قوي بأنه في مرحلة زمنية ما ستتجدد المفاوضات المباشرة” بين إسرائيل والفلسطينيين، مضيفاً أن “تلك اللحظة قد تكون على بعد أيام أو أسابيع من الآن”.
وتعتبر هذه التصريحات أكثر حذراً من تلك التي خرجت من البيت الأبيض الأسبوع الماضي عقب اجتماع الرئيس الأميركي باراك أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقالا فيها إنهما يأملان أن تستأنف المحادثات المباشرة قبل انتهاء المهلة الإسرائيلية بتجميد بناء المستوطنات في الضفة الغربية في أيلول (سبتمبر) المقبل.
ويواجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضغوطاً من واشنطن للموافقة على إجراء محادثات مباشرة مع نتنياهو، الذي قال إنه على استعداد للبدء فوراً في هذه المحادثات، كما يواجه ضغوطا داخلية من حركة “فتح” للبقاء بعيداً عن طاولة المفاوضات.
ففي بيان أصدرته الخميس الماضي، قالت الحركة إن المحادثات غير المباشرة التي يتوسط فيها ميتشل منذ أيار (مايو) لم تسفر عن شيء حتى الآن، مشيرة إلى “غياب المصداقية” من جانب إسرائيل، ومؤكدة ضرورة تحقيق تقدم في ملفيْ الحدود والأمن قبل الانتقال إلى المفاوضات المباشرة.
وكان عباس أكد في خطاب السبت الماضي أن المحادثات غير المباشرة يجب أن تحقق تقدما بشأن الاتفاق على حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية، وطالب إسرائيل بوقف بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة، في حين قال نتنياهو إنه مستعد لأن يناقش فورا مستقبل المستوطنات اليهودية إذا ما دخل الفلسطينيون المفاوضات المباشرة.
ورغم الحديث عن المفاوضات المباشرة من جانب إسرائيل فإن زيارة ميتشل تزامنت مع قيام سلطات الاحتلال بهدم منازل فلسطينيين في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، حيث هدمت الثلاثاء الماضي ستة مبان في القدس الشرقية، كما هدمت صباح الخميس الماضي منزلين جنوب مدينة الخليل.
وكانت الإدارة الأميركية انتقدت عمليات هدم بيوت الفلسطينيين وتشريدهم، وقال كراولي إن هذه الأعمال تقوض بناء الثقة وتعوق الانتقال إلى المفاوضات المباشرة التي اعتبر أنها “السبيل الوحيد لبحث قضايا المرحلة النهائية”.
وفي هذا الإطار وجه كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، الخميس الماضي رسالة عاجلة إلى ميتشل حثه فيها على اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان عدم إقدام إسرائيل على تنفيذ أي من مخططاتها الاستيطانية وهدم البيوت وطرد الفلسطينيين.
وشدد على أنه إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من التصرف ومنع هذه الممارسات، فسيغدو واضحا عدم استشراف أي تقدم في المحادثات التقريبية أو إحراز أي تقدم نحو التوصل إلى اتفاق سلام، حسب قوله، منوها بأن الممارسات الإسرائيلية في القدس الشرقية “غير قانونية واستفزازية”.
وفي ظل هذه الأجواء تأتي زيارة ميتشل إلى المنطقة حيث سيكون لديه جدول أعمال حافل، فبعد محادثاته مع باراك سيجتمع مع نتنياهو (الجمعة)، بينما سيلتقي عباس ورئيس وزرائه سلام فياض السبت.
كما سيتحدث السبت المقبل أيضاً مع منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، إضافة إلى رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الذي يمثل اللجنة الرباعية المؤلفة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وأميركا.
ويتضمن جدول أعمال ميتشل كذلك زيارة لمصر يوم الأحد المقبل يلتقي أثناءها الرئيس حسني مبارك، والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وسيختتم جولته بأبو ظبي حيث سيلتقي فيها وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان.
نتنياهو يشكك
في الأثناء قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز”، إن التوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين ممكن، لكنه استبعد تطبيق ذلك قبل العام 2012. وقال نتنياهو إن التوصل إلى ما أسماه سلاما تفاوضيا ممكن لكنه سيتطلب وقتا أطول من 2012، وشكك في إمكانية أن ترى الدولة الفلسطينية النور قبل هذا العام.
وأضاف نتنياهو أن جملة من القضايا سيكون من الصعب تطبيقها إذا لم تمنح الوقت الكافي, على غرار الترتيبات الأمنية و”أمور أخرى”.
وأقر بوجود خلافات في وجهات النظر مع الفلسطينيين، وقال “نحن نريد عاصمة موحدة ولديهم آراؤهم، وهي من الأمور التي يجب أن يجري التفاوض بشأنها” مشيرا إلى أنه قد يناقش موضوع القدس لكنه لم يشر إلى أي تنازلات.
Leave a Reply