صورتها اقتحمت أشهر المجلات الرياضية فـي أميركا
ديربورن – خاص «صدى الوطن»
عاشت ميساء بزي طفولتها في هذه المدينة وارتبطت دائماً بعلاقة عشق مع الرياضة، تعززها ثقتها الكبيرة بقدراتها. لكن على الرغم من معرفتها أنها كانت واحدة من أفضل لاعبات الكرة الطائرة في المدينة، خلال دراستها في ثانوية ديربورن، لم تراودها أبداً فكرة أن صورتها ستظهر، في يوم من الأيام على صفحات، ربما أشهر المجلات الرياضية على وجه هذا الكوكب وهي مجلة «سبورتس إيللوستريتيد».
تقول ميساء، إبنه المهاجر من مدينة بنت جبيل طارق عبد النبي بزي، أن نشر صورتها في تلك المجلة الرياضية الفائقة الشهرة شكل مفاجأة كبيرة لها «لأنك تكبر وأنت تطالع صفحاتها، وتشاهد أولئك الرياضيين المشهورين الذين تتمنى أن تصير مثلهم ولكنك لا تتوقع أبداً أن ترى نفسك فيها..»
ميساء بزي الطالبة الجامعية في سنتها الأولى في جامعة وين ستايت في مدينة ديترويت رأت حلمها يتحقق أمام ناظريها عندما نشرت مجلة «سبورتس إيللوستريتيد» المتخصصة في شؤون الرياضة ومشاهيرها في قسم «وجوه في الزحام» الذي يكرّم إنجازات الرياضيين والرياضيات من اصحاب الإنجازات اللامعة في عموم أنحاء الولايات المتحدة الأميركية.
وبينما كان هم ميساء منصباً دائماً على نجاح فريقها، شعرت بالكثير من الفخر من جراء هذا التكريم المميز لجهودها على ساحة الكرة الطائرة، وحققت ميساء بزي واحداً من أفضل المواسم الرياضية التي يمكن لأي لاعب أو لاعبة في جامعة وين ستيت أن يحققه على الإطلاق في العام 2007، عندما قادت فريقها الجامعي إلى إنجاز رقم قياسي في عدد المرات التي يجري فيها إبطال مفعول هجوم طائر على أرض ملعب الفريق الخصم.
وسجلت ميساء رقماً قياسياً لمباراة واحدة في عدد «الردات» بلغ 52 «ردة» وعندما أبلغها مدربها إرني جيلبرت بالنتيجة في نهاية اللقاء، شعرت بالغبطة، غير أن فرحها الأكبر كان في فوز فريقها على الفريق الخصم في مباراة شديدة التنافس، كما تقول ميساء.
ونظراً لقدراتها التي جذبت أنظار المدربين، دفعت ميساء إلى اللعب في مراكز متنوعة، بما فيها الصف الأمامي بالرغم من أن طولها لم يكن مناسباً لهذا المركز، غير أن ميساء أدت أداءً مميزاً لصالح فريقها في كلية سكول كرافت الجامعية قبل إلتحاقها بجامعة وين ستيت حيث تشعر أن بإمكانها اللعب في أي مركز بصورة طبيعية وهذا ما جعل إنتقالها إلى مستوى أعلى من المنافسة أكثر سهولة.
ولم يكن إنتقال ميساء للعب مع جامعة وين ستيت سهلاً، بل كادت تفقد هذه الفرصة بسبب اضطرارها للتوقف عن اللعب لمدة سنتين بسبب إصابتها بالتواءين حادّين في كاحل القدم خلال لعبها مع كلية سكول كرافت واعتقدت آنذاك أن رحلتها مع الكرة الطائرة قد طُويت.
«لقد كانت فترة محزنة في حياتي عندما اضطررت للتوقف عن اللعب»، تقول ميساء، وتضيف «أن إعادة التأهيل التي خضعت لها جراء الإصابة لم تكن صعبة لكنها كانت مثيرة للإحباط، لقد كانت صديقاتي آنذاك يدعونني للعب في دورات محلية ولكني لم أستطع اللعب».
إنتسبت ميساء في تلك الفترة إلى كلية هنري فورد الجامعية للتهيؤ لتحصيلها الجامعي. ومن ثم تقدمت إلى جامعة وين ستيت بطلب إنتساب إلى كلية الصيدلة وتم قبولها. وبعد فترة وجيزة من إنتسابها شعرت بتحسن في إصابتها وعادت إلى ممارسة لعبة الكرة الطائرة على سبيل التسلية وفي محاولة لإعادة إحياء مهنتها الكروية الجامعية، اتصلت بالمدرب جلبرت طالبة إدراجها على لائحة الفريق الجامعي، وكانت سعيدة بقبولها.
غير أن عقبة نهائية كان عليها إجتيازها قبل متابعة اللعب، فميساء فتاة مسلمة إعتادت إرتداء الحجاب والسروال الطويل على ملعب الكرة الطائرة. لذا تقدم المسؤولون في جامعة وين ستايت بطلب نادر إلى إتحاد اللعبة للسماح لميساء بارتداء ثيابها المعتادة مثلما فعلت كلية سكول كرافت الجامعية سابقاً. وكان لميساء ما أرادت. غير أن الأمور لم تسر دائماً بالسهولة التي عرفتها عندما كانت تزور مدارس أخرى ضمن فريقها للمنافسة الرياضية.
وفي إحدى المرات، خاطبها أحد الحكام في مدينة هيلسدايل، ميشيغن ولم يكن على دراية بحقيقة أنها تلتزم إرتداء الحجاب، قائلاً قبل بداية المباراة وخلال إجتماع قادة الفرق وكانت ميساء إحداهن: «سوف تنزعين هذا (الحجاب) عن رأسك، أليس كذلك»؟
وتتذكر بزي مباراة خاضتها في ولاية ساوث كارولاينا تعرضت خلالها لبعض النظرات غير المريحة من بعض جمهور المشاهدين. غير أن هذه الفتاة التي لم ينقص تفوقها في ميدان الكرة الطائرة من إلتزامها بتقاليدها كفتاة مسلمة، ظلت تحافظ على روح إيجابية بإزاء المصاعب وكافحت من أجل تمثيل ذاتها وثقافتها بأفضل صورة ممكنة على ساحة الكرة.
«أنا في الواقع سعيدة لإرتداء الحجاب لأنني أعتقد بأن هنالك الكثير من الناس غير معتادين أو لم يتعرفوا عن قرب على العرب أو على الدين الإسلامي»، تقول ميساء، وتضيف «أحاول أن أقدم النموذج الجيد وأن أعرف الناس بأنني لست مختلفة عنهم كثيراً».
بالطبع تختلف ميساء عن باقي الناس بمهاراتها الكروية الفائقة، والآن وبفضل مجلة «سبورتس إيللوستريتيد»، فإن الناس في مختلف أنحاء أميركا باتوا يعرفون كم هي بارعة هذه الفتاة المحجبة في لعبة الكرة الطائرة. والأرجح أن النظرات المستريبة من حجابها ستخلي الساحة لنظرات الإعجاب إلى أدائها وتفوقها في الرياضة التي عشقتها منذ يفاعة سنها.
Leave a Reply